نعرض هنا الجزء الاول من مقال الغلاف لمجلة النيوزويك الامريكية فى عددها الذى يصدر فى 22 يونيو 2009 ، وفى الجزء الاول يؤكد كاتب المقال ان هناك ازمة تواجه الرأسمالية و ان ثمة تغيير قادم ، ويعرض لنماذج تاريخية لسقطات وهزات اقتصادية مماثلة فى تاريخ الاقتصاد الامريكى والعالمى وتأثيرها على النظام الاقتصادى ككل . هناك شبح يخيم على الصعيد العالمي بعودة الرأسمالية. على مدى الأشهر الستة الماضية ، وقد اصبح السياسيون ورجال الأعمال والمحللين على قناعة إننا في خضم أزمة رأسمالية تتطلب تحولا هائلا وسنوات من الألم لكى تنفك . فلا شيء على الإطلاق سيظل كما كان.. عميد المحللين الاقتصاديين ، مارتن وولف ، كتب في صحيفة فاينانشال تايمز "إله ايديولوجي اخر قد إنهار". بينما قال الرئيس التنفيذي لشركة جنرال الكتريك ، جيفري ايملت شركات "سيعاد هيكلتها كليا" ، بينما قال وزير الخزانة تيموثي جييثنر "الرأسمالية ستكون مختلفة" ،. بالطبع ، لا يظل أي نظام اقتصادي دون اى تغير أبدا ، وخاصة بعد انهيار مالي واسع ، وركود عالمي. ولكن الشعور بالذعر يبدو أنه قد خف. وربما يكون ذلك سرابا أو ان التدابير التي تتخذها الدول في مختلف أنحاء العالم وعلى رأسها الولاياتالمتحدة ، قد ساهمت فى استعادة الحياة الطبيعية. لا يزال هناك طريق طويل أمامنا. سيكون هناك عدد أكبر بكثير من حالات الافلاس، وسيتعين على المصارف اكتساب ببطء ما يجعلها تخرج من مشاكلها أو ستنهار. والمستهلكين عليهم التوفير أكثر قبل أن يبدأوا فى الإنفاق مرة أخرى. جبال من الديون سوف يتعين خفضها. الرأسمالية الاميركية ، يجري حاليا إعادة توازنها وضبطها ومن ثم يمكنها استعادة عافيتها .. وسيكون من اللازم التصدي لمشاكل طال اهمالها لفترة طويلة ، إذا كان ذلك سيؤدي إلى انتعاش حقيقي ، وليس لمجرد فترة قصيرة أخرى. العديد من الخبراء مقتنعون بأن الوضع لا يمكن تحسينه بعد خاصة وان اقتراحاتهم وحلولهم لهذه المشكلة لم تنفذ. معظمنا يريد أن نرى مزيدا من العقاب ولا سيما للمصرفيين الامريكيين . ففي أعماقنا جميعا الاعتقاد البروتستانتي بأنه ما لم تكن هناك معاناة من جرعة كافية من الألم ، فأنهم لن يتوبوا حقا... وفي الواقع ، كان هناك الكثير من الألم ، وخاصة في القطاع المالي ، حيث فقدت عشرات الالاف من فرص العمل ، وعلى جميع المستويات ، ولكن الأسواق بشكل أساسي لا علاقة لها بالأخلاق. فهي كبيرة ولها انظمتها المعقدة ، وإذا كانت الامور مستقرة بشكل كافى فهى تتقدم للامام . و لتنظر لسجلنا على مدى السنوات العشرين الماضية ، بدءا من انهيار سوق الأسهم عام 1987 ، يوم 19 اكتوبر عندما انخفض مؤشر داو جونز وخسر 23 % وهي أكبر خسارة في يوم واحد في تاريخه. .. كتب الاقتصادي الاسطورة جون كينيث جالبريث Timothy Geithner انه يأمل فقط أن لا يكون الركود القادم مؤلم كما حدث ابان الركود الاقتصادى العظيم*. *الركود العظيم : حدث عام 1929 حيث انهارات البورصة فى الولاياتالمتحدة وشملت اثاره العالم اجمع و استمر لعدة سنوات ، اطلق عليها السنوات العجاف فى الاقتصاد العالمى . ثم جاءت أزمة شرق آسيا عام 1997 ، وفى خضمها كتب بول كروجمان Paul Krugman مقال بمجلة فورشن " لم يحدث في سياق الأحداث الاقتصادية - ولا فى السنوات الأولى من الكساد العظيم – ان شهد هذا القطاع الكبير من اقتصاد العالم مثل هذا الانهيار ". وتابع القول بأن الدول الاسيوية اذا لم تعتمد استراتيجية جذرية لضبط العملة سنشهد صور كثيرة من الكساد الذى شاهدناه قبل 60 عاما ودمر المجتمعات وزعزع استقرار الحكومات وأدى في نهاية المطاف إلى حرب ". واحدة فقط من البلدان الآسيوية وضعت ضوابط العملة ، بينما دول اخرى نجحت فى تحقيق جزء يسير . لكن الجميع انتعشوا في غضون عامين. و يؤكد المراقبون ان كل أزمة هى اشارة لنهاية جديدة وخطيرة لسمات الوضع الاقتصادي القائم . ففى انهيار عام 1987 قالوا ان السبب هو التجارة الالكترونية والتي بالطبع توسعت بشكل كبير منذ ذلك الحين. .. اما أزمة شرق آسيا فقد وضع حد للحديث المفرح عن "الأسواق الناشئة" ، التي هي الآن في قلب النمو العالم . ... وفى ازمة انهيار إدارة رأس المال طويل الأجل عام 1998 - والتي وصفها حينئذ وزير الخزانة روبرت روبن Robert Rubin أنها "أسوأ أزمة مالية منذ 50 عاما" - كان من المفترض أن تكون نهاية "صناديق المغلقة" ، التي توسعت بشكل كبير بعد ذلك. .. وفى انفجار فقاعة التكنولوجيا عام 2000 كان من المفترض ان تضع حدا لأحلام الانترنت غريبة الاطوار .