الاهرام :2/6/2009 لاأعرف تفاصيل الدراسة أو الدراسات التي أوصت بحل مشكلة المؤسسات الصحفية الخاسرة علي النحو الذي تمت به ولكن الواضح ان هذه الدراسات لم تتجه للحل الطبيعي الذي تلجأ اليه الشركات الخاسرة عند تفاقم خسارتها وهو التصفية. ربما لأن هذه المؤسسات صحفية وربما ان المالك قد طلب ممن كلفهم بالدراسة استبعاد هذا الحل بسبب حساسية الوضع وبداية فإنه لايوجد صحفي يسعد باغلاق صحيفة ولكن أمور الناس لاتدار بالعواطف. ونحن في زمن أزمة وتحولات حادة تطيح كل يوم بمفاهيم اقتصادية مستقرة وكيانات عملاقة. والزراعية والمسائية لن يكونا أعز علي أصحابهم من وول ستريت جورنال وشيكاجو تريبيون وعشرات الصحف الأخري التي اجتمع ناشروها ومحرروها وقرروا اغلاقها أو تحويلها لأشكال أخري, لأن هذه الصحف أصبحت غير قادرة علي الاستمرار. ولم يقل احد أن هذا اعتداء علي حرية التعبير أو علي الصحافة والصحفيين, فما كان يصلح قوله في الستينات ربما يكون مدعاة للسخرية في أيامنا هذه. واذا كانت مطبوعة صحفية قد فشلت عبر سنوات وعقود في جذب القارئ وتحقيق فائدة من وجودها فما الذي سيتغير اذا نقلنا ادارة هذه المطبوعة الي مؤسسة أخري بنفس طواقمها وأدائها التحريري. الاعلام في العالم كله أصبح مشروعا اقتصاديا وهي بالمناسبة مشروعات مربحة بل كانت من بين القطاعات الأعلي ربحية حتي سنوات قليلة مضت. والآن كثير من المؤسسات الصحفية العريقة تعاني من أزمات حادة وقد اضطرت النيويورك تايمز الي بيع مبناها التاريخي واعادة استئجار بعض طوابقه من المشتري لتوفير سيولة مالية لتنفق علي خدماته فالمسألة في النهاية حسابات وميزانيات وموارد ونفقات وبهذا المعيار فان تعرض مزيد من الصحف القومية والمستقلة لمخاطر الافلاس هو خطر قائم لأسباب كثيرة وهنا لايمكن تصور ان مالك الصحف القومية سيكون لديه القدرة علي التدخل بالأموال لسد الفارق بين نفقات هذه المؤسسات ومواردها حتي ولو كان مسئولا عما وصلت اليه هذه المؤسسات من أحوال. نفهم أن صيانة حقوق الموظفين والمحررين كان وراء هذه الصيغة التلفيقية التي يسعي المالك لتطبيقها وهو هدف وجيه بلا شك وإن كان يمكن تحقيقه بوسائل أخري عديدة في ظل ارتفاع القيمة السوقية لأصول وممتلكات هاتين المؤسستين بعيدا عن استمرار اصدار مطبوعات.. لن يقرأها أحد!