"واحة الغروب" رواية تشرق على العالم، صاغها برشاقة قلمه الكاتب الروائي المصري بهاء طاهر، لتتلألأ وتفوز بجائزة بوكر للرواية العربية في احتفال جوائز بوكر البريطانية الشهيرة - من بين ست روايات وصلت إلى المرحلة النهائية - في الحفل الذي استضافته مؤسسة الإمارات بأبو ظبي - المؤسسة الراعية لهذه الجائزة التي تمنح للمرة الأولى في نسختها العربية - وفضلا عن الجائزة المالية والتي تبلغ 50 ألف دولار، هناك جائزة معنوية أهم تتمثل في ترجمة الرواية الفائزة "واحة الغروب" إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والإيطالية. مؤلف الواحة صاحب "واحة الغروب" هو المؤلف الروائي والقاص والمترجم المصري بهاء طاهر، الذي ولد في صعيد مصر عام 1935، وحصل على ليسانس الآداب في التاريخ عام 1356، ودبلومي الدراسات العليا في الإعلام و التاريخ الحديث في نفس العام. عمل مخرجا للدراما، ومذيعا في البرنامج الثاني (الثقافي) بالإذاعة المصرية حتى عام 1975، سافر إلى جنيف ليعمل في الأممالمتحدة منذ عام 1981 وحتى عام 1995. أول مجموعاته القصصية بعنوان "الخطوبة" عام 1972، أتبعها بالعديد من المؤلفات منها "بالأمس حلمت بك"، و"أنا الملك جئت"، و"شرق النخيل"، و"قالت ضحى"، و"خالتى صفية والدير" التي حولت إلى مسلسل تليفزيوني، و"الحب فى المنفى"، و"أبناء رفاعة"، و"ساحر الصحراء"، فضلا عن 10 روايات مسرحية. وقد ترجمت العديد من أعماله إلى العديد من اللغات الأجنبية. كما تم اختيار روايتي "قالت ضحي"، و"خالتي صفية والدير" كأفضل عملين أدبيين في سنتي صدورهما، و قال عنهما الناقد الكبير علي الراعي "إنهما أصدق محاولة لتضمين التراث المصري القديم في الأدب الحديث." كما فازت رواية "الحب فى المنفى" بجائزة أفضل رواية لعام 1995 فى معرض الكتاب بالقاهرة. ونال الكاتب بهاء طاهر جائزة الدولة التقديرية فى الآداب من المجلس الأعلى للثقافة عام 1997. أحداث الواحة وتدور أحداث الرواية الفائزة بجائزة "بوكر العربية" في زمن ما بعد تمرد عرابي وسقوط مصر محتلة على يد الإنجليز، حيث ينقل "محمود عبد الظاهر" إلي واحة سيوة مأمورا جديدا خلفا للمأمور القديم الذي قتل علي يد أهل سيدة من الأجاويد والزجالة، الذين يرفضون دوما دفع الضرائب التي تطالبهم بها سلطات الاحتلال في القاهرة. ويسافر "محمود" وزوجته الإنجليزية الأيرلندية الأصل "كاثرين" - الباحثة في الحضارات القديمة ولا سيما الحضارة المصرية - وبالبحث عن تاريخ الإسكندر المفقود في الواحة يستدعي بهاء طاهر زمنا آخر، وهو زمن تتلاقى فيه الثقافات والحضارات تشوبه دوما فكرة الغزو. ولأن محمود عبدالظاهر المغزو من الانجليز يذهب للواحة غازيا فإن التوتر يكون علي أشده بينه وبين أهل الواحة. وبينما يؤثر هذا التوتر سلبا على "محمود" "ويؤرقه ليل نهار، تبدو "كاثرين" غير عابئة بالأمر. ما يدفع "محمود" إلى اكتشاف ذاته كإنسان يعيش في منطقة البين بين، فهو يقف دائما في منتصف الطريق بين الأشياء، يشارك في حماية جيش عرابي ولكنه يصفه بأنه جيش بغاة حين يسقط عرابي، يتحرك بسرعة لإنقاذ الصبي حين يسقط جدار المعبد ولكنه يتوقف في منتصف الطريق حين يشعر بخطر التقدم. ويبرز طاهر الإشكالية التي تطرحها الرواية على لسان "محمود" في حوار مع نفسه قائلا: "إن المشكلة هي أنت بالضبط يا حضرة الصاغ، لاينفع في هذه الدنيا أن تكون نصف طيب نصف شرير، نصف وطني ونصف خائن، نصف شجاع ونصف جبان، نصف مؤمن ونصف عاشق، دائما في منتصف شيء ما." ومن هنا يتضح أن البحث عن الذات هي سمة معظم الشخصيات، التي تضل بين ذوات متعددة تحلم بوحدة الذات، فمثلا "كاثرين" مشتتة دائما بين كونها إنجليزية وبين كونها أيرلندية شهد موطنها مآس كثيرة علي يد الإنجليز. ولم يكن البحث عن الذات فقط هو السبب الوحيد في توتر شخصيات الرواية بل تطاردهم أيضا ذنوب الماضي، فلكل منهم سقطة تساهم في صياغة التفتت وتمنع تحقق الوحدة. محمود يؤرقه موقفه من نعمة الجارية التي اشتراها له والده من سوق النخاسة، والتي رغم مشاعره نحوها فإنه يشيح يده عنها حين يراودها خاطر الزواج، ويظل شبحها يطارده في أحلامه. وكاثرين يؤرقها خطف "مايكل" من اختها "فيونا". ورغم تلك المعاناة، ورغم سقوط الضحايا، إلا أن الواحة تنجح في تغيير الوعي لدى أبطال الرواية، ومن ثم يكتشفون أسباب هذا التفتت وكل يجد في هذه الواحة "واحة الغروب" حقيقته.