ألقت الأزمة المالية العالمية بظلالها على العمالة الوافدة في البلاد، فنال بعضهم نصيبه في التسريح من العمل أو خفض الرواتب أو الغاء الحوافز تماشيا معها. واثر هذه الظروف، آثر عدد غير قليل من الوافدين هجرة البلاد والعودة الى أوطانهم ليستقروا فيها، أو البحث عن موطن آخر فيه فرص العمل أفضل والمستقبل أجمل، وهو حق مشروع لا ينازعهم فيه أحد. ويتساءل الكثير من الوافدين عن الأسباب التي تبقيهم في البلاد رغم ارتفاع أسعار كل شيء من حولهم وانخفاض دخلهم، ففي فترة ذروة الغلاء العالمي قبل حوالي سنة ارتفع سعر كل شيء بشكل جنوني، فيما لم ينخفض سعر أي شيء تقريبا مع اشتداد الأزمة العالمية وانخفاض الدخل! «القبس» طرحت هذه القضية على الوافدين، والتقت المهاجرين منهم، كما زارت مركز الجمارك في منطقة الصليبية، واجرت استبيانين أحدهما مع الوافدين والآخر مع المواطنين، فكانت المحصلة ما يلي: أكد ممدوح خليفة أنه سيغادر البلاد بعد أن خفض راتبه الى النصف تقريبا بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، مستدركا «ليس باستطاعتي الآن ادخال أولادي للمدارس أو اسكانهم بمسكن ملائم.. فكيف أعيش في الكويت بدون أسرتي؟ الأفضل أن أعود الى بلدي». وأضاف ممدوح أن الوضع الحالي صعب جدا لا سيما للوافد الذي يعيش في الكويت مع أسرته، لأن المسؤولية تصبح كبيرة عليه جدا، مشيرا الى أن أسباب عودته مادية بحتة. أما محمد ابراهيم فذكر أنه استخرج أوراقا من المدارس الخاصة التي يدرس فيها أبناؤه وقرر أن يسفر عائلته بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة، مشيرا الى أنه لن يغادر البلاد بل سينتقل الى منزل أصدقائه ويعيش أعزب ليوفر مبلغا معقولا من راتبه. وأوضح أن الأوضاع في البلاد وبسبب الاقتصاد أصبحت سيئة، كما أن ايجارات المنازل لم تتغير بالنسبه للعائلات الوافدة، حتى رسوم المدارس لم تخفض، في حين أن الشركات خفضت رواتب الموظفين فيها، ما أفرز تباينا واضحا لا نقدر على سده. المعيشة وقال محمد الزواوي ان الكويت كانت من الدول التي تحتضن كل من يرغب بالعمل لديها وتسهل له كل ما يساعد ويشجع على العمل، لافتا الى أنه يعمل في احدى الشركات الخاصة منذ ما يقارب ال 30 عاما. واستدرك أن الكويت من الدول التي تحتضن أبناء شقيقاتها من الدول العربية وتوفر لهم البيئة المعيشية التي لا يمكن لدولهم الأم أن توفرها، موضحا «وبالنسبة لي، لا أنوي الخروج من الكويت لأن لي ذكريات لا يمكنني الاستغناء عنها». واستطرد أن أبناءه الخمسة الذين ولدوا وتربوا في الكويت لا يرغبون بالاستمرار في العمل هنا، مرجعا السبب الى ما وصلت اليه الكويت من غلاء في المعيشة من جميع جوانب ومتطلبات الحياة حيث الغلاء المعيشي جعل أبناءه يهاجرون من الكويت ويعملون في دول خليجية أخرى أو في بلادهم الأم، لا سيما مع زيادة الأسعار في المواد الغذائية وارتفاع الايجارات وتكاليف المدارس الخاصة والرسوم الصحية التي تشكل عبئا كبيرا على معظم الوافدين. وقال عبد المطلب محمد انه بدأ يفكر جديا بإنهاء خدماته في الكويت، التي دامت ل 13 سنة عمل خلالها في مجالات مختلفة، آخرها في احد المقاهي الشعبية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، مرجعا الأسباب الى صعوبة الحصول على عمل آخر كما كان في السابق، حيث بات شبه مستحيل الحصول على وظيفة اضافية لزيادة الدخل. وكشف أن ما يجعله مستمرا بالعمل في الكويت حتى الآن هو راحته في مجال عمله وحسن تعامل مسؤوليه معه. بناء المستقبل أما منتصر فراج، الذي يعمل منذ سنتين في محطة لغسل السيارات، فأكد انه لا يفكر حاليا بالرجوع الى بلده مصر، لأنه ما زال في مقتبل العمر وجديد العهد في الكويت ويريد أن يبني مستقبله. وتابع فراج ان الكويت لم تخيب آماله، ففور وصوله للبلاد وجد عمله الذي مازال مستمرا فيه خلال شهر، بينما كان في بلاده يبحث عن عمل يتقاضى من خلاله راتبا شهريا ثابتا لعدة سنوات ولم يجد شيئا! البيئة الصالحة الخليجي عواد العنزي يعمل في احدى وزارات الدولة، قال انه يعيش في الكويت لمدة محدودة ولارتباطات عائلية، فزوجته كويتية وما زالت تدرس في المرحلة الجامعية، مشيرا الى انه ينتظر أن تنهي دراستها ليهاجر الى بلده ويدير أملاك والده. وأوضح أن من أهم ما يريحه في المعيشة في الكويت هو أن البيئة الاجتماعية التي تتمتع فيها الكويت بيئة اسلامية صالحة وخالية من الشوائب، مشيدا بحسن أخلاق المواطنين الذين يعيشون على هذه الأرض، فيما عاب الغلاء المعيشي وارتفاع الأجور اللذين اعتبرهما العاملين الأساسيين لنفور العمالة غير الكويتية من البلاد.