تتصدر قمة الدوحة العربية الحدث السياسي على شاشات التلفزة المحلية والعربية. تنقل المحطات التلفزيونية العربية كلها مجريات الحدث، والمراسلون الصحافيون يجهدون لتقديم الصورة الأقرب من أرض الواقع، في منافسة قد تصعد بمحطاتهم إلى قمة هرم المنافسة، أو ترمي بها في أسفل لائحة خيارات مشاهد الشاشة الصغيرة. فكيف تختار المحطات مراسليها لتغطية الأحداث الكبرى، كقمة الدوحة، وما هي المعايير التي يجب على المراسل أن يتحلى بها ليكون قادراً على إقناع المشاهد بأنه مصدر ثقة في ما يتعلق بحدث على المستوى العربي؟ يجيب عن هذه التساؤلات تحقيق نشرته جريدة " السفير " اللبنانية تعتبر ديانا مقلد مديرة برامج «أخبار المستقبل» أن اختيار المراسل شريف فؤاد (مصري الجنسية) «يعود إلى تمكّنه من الشأن العربي»، فهو مراسل القناة في القاهرة، والمعتمد لديها لنقل أحداث الجامعة العربية من مقرها الرئيسي، كما أن جنسيته المصرية «تؤكد على البعد العربي ل«المستقبل» كمحطة يتخطى اهتمامها وتغطيتها الملفات والهوية اللبنانية». تعترض مقلد على تسمية «الخبر العربي» عند الحديث عن القمة: «الوصف ليس دقيقاً، إذ هناك خبر فلسطيني أو يمني أو عراقي مثلاً، ومن السهل إيجاد صحافي لبناني متمكن من الشأن العراقي وتفاصيل وتاريخ الأحداث السياسية والأمنية العراقية على سبيل المثال، أما إيجاد صحافي متابع لتفاصيل أخبار كل البلدان العربية، فهي مسألة غير مطلوبة ونسبية، خصوصا أن الأخبار العربية المتابعة لبنانياً تميل إلى العراق أو فلسطين بسبب كثافة الأخبار السياسية والأمنية فيها، تليها تغطية الدول الباقية التي تتصدر الشاشة تبعاً لمدى أهمية ما يحدث». من جهتها تعتبر مديرة الأخبار في تلفزيون «الجديد» مريم البسام أنه إذا كانت المحطة تخصص مراسليها للعمل في الأخبار المحلية فحسب «فمسألة التغطية العربية ستكون كارثة»، وتؤكد ان على المراسل أن يكون قادراً على حمل أعباء ومسؤوليات تضطره إلى «فرض نفسه من خلال خبراته في كل المواضيع التي تطلب منه تغطيتها، وبذلك يصبح قادراً على الإحاطة بتغطية مؤتمر صحافي لأحد السياسيين المحليين أو حدث في دارفور أو العراق بالمستوى نفسه». مع هذا، لا تدعي البسام أن مراسلي قناة «الجديد» هم خبراء ومحللون في الشأن العربي، «فالصحف التي تزيدنا عمراً وخبرة تنافسنا بما لا يقاس في هذا المجال، لأنها تفرد صفحات وتوظف خبرات لا تقارن بما لدينا كمحطة تلفزيونية تتكل على الصورة وتقدمها على المضمون أحياناً». علماً ان المراسل مضطر إلى إعطاء صورة تحيط بكل ما يجري من حوله، وإلى البقاء على جهوزية تامة للإجابة عن أي سؤال حول مادة الخبر مباشرة على الهواء، ومن دون تحضير مسبق أحيانا. في قمة الدوحة اختارت «الجديد» المراسلة نانسي السبع لتغطية القمة. اختيار المراسل داخل المحطة «يتم مداورة لا حسب الأحداث» بحسب البسام التي تلفت إلى ان القناة تضطر أحياناً «إلى التعديل إذا تخطى الحدث قدرة المراسل على التغطية، ما يرغم مراسلي المحطة على المثابرة يومياً للإحاطة بكل ما يجري في العالم»، وتؤكد البسام أن سعة الاطلاع هذه «بأبعادها العربية والدولية تمكن الصحافي من فهم ما يجري على الساحة المحلية، من دون وجود عقدة نقص تجاه مواضيع معينة، الأمر الذي يخلق صحافياً متمرساً قادراً على الوقوف في القمة العربية مثلاً، متسلحاً بخلفية شاملة من المعلومات الخاصة بكل بلد مشارك في القمة، وقادراً على المنافسة وتصدر الشاشات ورفع نسبة المشاهدة». أما في قناة «أي ان بي» فتقول رئيسة تحرير الأخبار المحلية تانيا حلبي ان اختيار جورج عون وعبد الله زغيب للقيام بمهام التغطية «تم بالنظر إلى اتساع علاقاتهما الخارجية واتساع مروحة اطلاعهما في الشأن العربي عموماً» ما يخدم دور المحطة لناحية تغطية القضايا العربية عامة بما فيها من ملفات: «نحاول الإحاطة بالكثير من النقاط في الدوحة من خلال المقابلات الخاصة واللقاءات واستخدام العلاقات التي توصلنا إلى مصادر أقوى ومرجعيات معنية متخصصة ما يضع «أي ان بي» في سدة المنافسة» على ما تقول حلبي. تلتقي حلبي مع مقلد في أن «التخصص مسألة ليست سهلة، وعدد الصحافيين القادرين على تغطية كل الملفات قد يكون قليلاً بعض الشيء، لكن تحسين الأداء عن طريق النقد الذاتي المستمر في اجتماعات التحرير ومتابعة عمل المراسل أولاً بأول هما في أولوية المهام الملقاة على عاتق مدراء التحرير كافة «لأن عمل المراسل يعطي صورة عن المحطة التي ترتفع أسهمها بارتفاع نوعية الأداء». وهي أيضاً فكرة تشدد عليها مقلد: «عمل المراسل داخل المؤسسة يكون محط تقييم في اجتماعات التحرير التي تسلط الضوء على نقاط قوته وضعفه». في تغطية قمة الدوحة كانت الأخبار والتصاريح على المحطات التلفزيونية هي نفسها، لكن الخصوصية بقيت في تقديم الخبر، وهي نقطة يبدو واضحاً التشديد عليها من خلال طريقة الاختيار وعمل المراسلين بالدرجة الأولى، أما من أصاب ومن لم يصب فتلك مسألة تبقى مرهونة بالمتابع اللبناني الذي بات متطلباً في محطات مهمة كهذه، ويدرك اكثر من أي وقت مضى سلطة الريموت كونترول في يده.