الأهرام 14/3/2009 مبادرة السلام العربية تحتاج إلي عمل, وليس تجميدها أو تعليقها أو العدول عنها. تفعيل هذه المبادرة وتأكيدها في الواقع خلال هذه المرحلة ضرورة, بل مصلحة عربية وفلسطينية. المواجهة مع حكومة نيتانياهو تتطلب ترجمة المبادرة إلي واقع ملموس, وكلما تقدمنا في هذا المجال وقف العالم معنا ضد رغبة إسرائيل في رفض السلام والإبقاء علي الاحتلال. من يتعللون بأن المبادرة لا جدوي منها في ظل الرفض الإسرائيلي لها علي خطأ أكيد, لأن هذه المبادرة ظلت بلا آلية, ثم إن أغلب هؤلاء يرفضون السلام أيضا ويغطون رفضهم بالرفض الإسرائيلي, فتكون النتيجة النهائية بقاء الوضع علي ما هو عليه. النموذج المصري في مواجهة العدوان علي غزة أثبت بجلاء أن السلام قادر علي كسر الأهداف الإسرائيلية ومنطقها الرافض. أرادت إسرائيل, ومازالت, صرف العالم عن القضية الفلسطينية ووضع الفلسطينيين باستمرار في قفص الإدانة, لكن ما حدث أن مصر جاءت بالعالم لمصلحة الفلسطينيين وصار الضغط واقعا علي إسرائيل بأشكال مختلفة. أرادت إسرائيل, ومازالت, تقسيم الكيان الفلسطيني سياسيا ووطنيا وجغرافيا, لكن مصر جعلت العالم كله يطالب بوحدة الكيان الفلسطيني ووحدة الصف الفلسطيني, وما بقي هو أن يساعد الفلسطينيون أنفسهم بإنجاح حوارهم الوطني الدائر في القاهرة الآن. لن تستطيع إسرائيل مواجهة الإرادة العالمية, أوروبا صارت تتحدث بوضوح وعلانية عن ضرورة الانتقال من إدارة النزاع إلي حله هذا العام. أمريكا تبدي الرغبة في تحريك المسار الفلسطيني علي قاعدة الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية.. بقية أطراف العالم المؤثرة تريد الانتهاء من هذا النزاع. ترجمة المبادرة العربية إلي واقع يوفر قوة دفع هائلة ويجعل العالم يتحرك معنا ضد الاحتلال الإسرائيلي. ما فعلته مصر, ومازالت تقوم به, في مواجهة العدوان علي غزة وأهدافه ينبغي الاقتداء به, بل والانطلاق منه والبناء عليه كطريق لترجمة المبادرة العربية إلي واقع ملموس ومثلما فعلنا للمبادرة المصرية التي كسرت أهداف إسرائيل من العدوان يمكن أن نفعل الشيء نفسه للمبادرة العربية. لقد كسب الفلسطينيون جولة مهمة بالمبادرة المصرية وبالإمكان كسب أكثر من جولة بالمبادرة العربية, لكن هذا يتطلب بوضوح إدراك ضرورة التحام المبادرة العربية بالمبادرة المصرية ومواصلة الانطلاق بالمنهج المصري, والإيمان بذلك قولا وعملا.