سعت كل من سويسرا والنمسا ولوكسمبورج الجمعة للتوصل الى سبل لدرء حملة عالمية على التهرب الضريبي بتقديم تنازلات فيما يتعلق بسرية بنوكها. وأجرت الثلاث دول محادثات الخميس مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تصوغ المعايير الدولية للضرائب وتبادل المعلومات وتضع قائمة سوداء باسماء غير الملتزمين. وبموجب اتفاق مع المنظمة ستسقط النمسا اعتراضاتها على الاتفاقية الضريبية النموذجية بعد ان أوضحت المنظمة انها لا تتوقع سوى التعاون مع السلطات الضريبية الاجنبية اذا كانت هناك قضية محتملة. وافقت سويسرا الجمعة على تخفيف القواعد الصارمة المتعلقة بسرية البنوك والتعاون بدرجة أكبر على منع التهرب الضريبي في محاولة في اللحظة الاخيرة لتجنب حملة عالمية على الملاذات الضريبية هزت قطاع المعاملات المصرفية الخارجية. واكد الرئيس السويسري ووزير المالية هانز رودلف ميرتس في مؤتمر صحفي "اذا وضعت سويسرا على القائمة السوداء فان ذلك لن يضر فقط بسويسرا كمركز مالي بل أيضا بالدولة كمركز للاعمال." وأضاف "سرية البنوك لا تحمي المتهربين من الضرائب. التعاون الدولي بشأن الضرائب أصبح اكثر أهمية نظرا الى عولمة أسواق المال وبخاصة في ظل الازمة المالية. ولن تتخل سويسرا عن سرية البنوك تماما بل ستكتفي بتبادل المعلومات بعد تلقي طلبات مفصلة عن حالات خاصة من دول أخرى. في الوقت نفسه قالت النمسا انها ستبذل المزيد من أجل تبادل المعلومات مع دول أخرى بشأن من يشتبه في تهربهم من الضرائب، غير ان وزير المالية جوزيف برول قال في مؤتمر صحفي بفيينا أن بلاده لن ترفع باستثناء ذلك قواعدها بشأن سرية البنوك. واضاف "يمكني القول اليوم ان قانون سرية البنوك النمساوية يمكن ان يبقى كما هو... ومع ذلك سنبدأ في اتفاقات ضريبية ثنائية لضمان تبادل المعلومات اذا كان هناك اشتباه في تهرب ضريبي". والمناقشات الضريبية مهمة في قطاع ادارة الثروات الذي يدير نحو سبعة تريليونات دولار في مراكز المعاملات المصرفية الخارجية على مستوى العالم. وتأتي سويسرا في الصدارة كأكبر مركز للمعاملات المصرفية الخارجية في العالم ولديها نحو تريليوني دولار من اجمالي الثروات المودعة بالخارج. وكان اجتماع مجموعة العشرين دفع سويسرا للجوء الى لجنة خبراء للحصول على توصيات بشأن كيفية تخفيف الضغوط الدولية عن طريق عرض المزيد من التعاون فيما يتعلق بالمسائل الضريبية. وتخطط سويسرا ولوكسمبورج كذلك لاجراء مؤتمرات صحفية الجمعة بعد ان اجتمعت الدول الثلاث في مطلع الاسبوع الاول من مارس/اذار 2009 . وعلى صعيد متصل، خففت اندورا، وليختنشتاين قواعدهما الصارمة تجاه سرية البنوك الخميس قبيل اجتماع يبدأ الجمعة لوزراء مالية مجموعة العشرين للدول المتقدمة والناشئة من المقرر أن يبحث الملاذات الضريبية. من جهتها اشادت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بالتنازلات التي قدمتها في الفترة الاخيرة سنغافورة، وهونج كونج واندورا وجزيرة مان وجزر كايمان. وقال اينجل جوريا الامين العام للمنظمة في بيان "الخطوات التي اتخذتها مجموعة من المراكز المالية في الاسابيع القليلة الماضية أعطت دفعة مطلوبة لجهود الترويج للشفافية وتبادل المعلومات بشأن القضايا الضريبية." وأفادت دراسة اعدتها منظمة "اوكسفام" البريطانية الخيرية ان ما تفقده الدول النامية من ايرادات الضرائب غير المحصلة تزيد قيمته على مليارات من الدولارات تتلقاها هذه الدول كمساعدات أجنبية لان مواطنيها يودعون أموالهم في ملاذات ضريبية ومراكز للمعاملات الخارجية. وقدرت الدراسة ان هذه الدول تفقد ما يصل الى 124 مليار دولار من ايرادات الضرائب سنويا، أي أكثر من 103 مليارات دولار من المساعدات الاجنبية السنوية. (رويترز)