بينما خرجت مئات النساء للاحتفال لمدة ساعات بيومهن العالمي، قضت "أم خميس" كل وقتها في رعاية بناتها المعاقات عقلياً وحركياً. لا تفارق "أم خميس" (77 عاماً) منزلها المتواضع في مخيم جباليا لاستثمار كل الوقت في العناية بخمس فتيات يجهلن ما يدور حولهن من أحداث ومتغيرات. وذكرت جريدة الأيام الفلسطينية أن "أم خميس" التي قضت معظم سنوات عمرها في تربية بناتها المعاقات لا تبحث عن أي احتفال بيوم المرأة العالمي، لكنها تواصل دورها كأم ومربية لخمس نساء جعلهن القدر حبيسات منزل صغير في انتظار الرعاية الاجتماعية والصحية والتأهيلية. آمنة (39 عاماً)، وهيام (37 عاماً)، ونجلاء (36 عاماً)، وراوية (35 عاماً) ورندة (34 عاماً)، خمس نساء معاقات عقلياً، بالإضافة على إعاقة اثنتين منهن حركياً، يحتجن جميعا للرعاية والاهتمام، لكن من يقوم بذلك غير الأم، ولو كانت مسنة ومصابة بمرض السرطان! تقول "أم خميس": قبل ثلاث سنوات أصبت بهذا المرض، وبلغ العمر بي الشيخوخة، ما يفقدني القدرة على الاهتمام ببناتي، لكني أواصل رعايتهن رغم عجزي ومرضي. أضافت وهي تذرف الدموع حزناً على وضع بناتها المعاقات: يرقدن تارة، ويزحفن تارة أخرى، بين وقت وآخر يصدرن أصوات عالية، تعبيراً عما يدور بداخلهن. وحاولت "أم خميس" إخفاء جراحها وآلامها النفسية التي تمر بها، عندما قالت: ذلك هو قدر الله عز وجل وهو سيعينني على رعايتهن والاهتمام بهن، لكن عيونها كانت تذرف الدموع خصوصاً وهي تتذكر ما تواجهه من معاناة وآلام على مدار الساعة.ورغم عجزها ودموعها إلا أنها بدت شديدة وقوية العزيمة، وقالت: سأواصل رعايتهن، لكن عندما أموت لن يجدن من يهتم بهن. وتسكن "أم خميس" وبناتها الخمس بعد وفاة زوجها قبل عشرة أعوام في منزل واحد، بينما يعيش شقيقهن الأصغر في منزل ملاصق، وتحرص على أن تقسم وقتها بين تجهيز الطعام، وإدارة شؤون منزلها، والاهتمام ببناتها المعاقات وتوفير أقصى رعاية اجتماعية لهن. وأكدت أنها تشعر بأنها وحيدة في مواجهة أعباء الحياة وأعباء بناتها المعاقات، ولا يعينها على ذلك سوى بعض المساعدات التي تصل من المؤسسات أو بعض المحسنين.ولا تعلم "أم خميس" الكثير عن الاحتفالات بيوم المرأة العالمي، لكنها تساءلت أين هذه الاحتفالات من ظروفي وظروف بناتي المعاقات، وماذا يمكن أن تغير من أوضاعنا الاجتماعية والمعيشية؟. حالة المسنة "أم خميس" وبناتها المعاقات نموذج عن حالات الإعاقة بين أوساط النساء في محافظة شمال غزة، رغم ما تواجهه النساء بشكل عام من تهميش اجتماعي وضنك العيش وإنكار للحقوق. وقد حذر برنامج التأهيل المجتمعي التابع للإغاثة الطبية في تقرير أصدره، أمس، من الواقع الصعب الذي تمر به النساء المعاقات في محافظة شمال غزة، مشيراً إلى أنهن يتعرضن لمختلف أشكال المعاناة في ظل تقليص الخدمات المقدمة بسبب الحصار والإغلاق. وبين التقرير الذي أصدره البرنامج لمناسبة يوم المرأة العالمي أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في عدد النساء المعاقات في المحافظة، حيث بلغ عدد البالغات منهن فوق سن 16عاماً نحو 1645 امرأة وفتاة. وطالب برنامج التأهيل الذي يواصل تقديم خدماته للمواطنة "أم خميس" وبناتها المعاقات المؤسسات الدولية والمحلية بدعم ومساندة النساء بشكل عام والمعاقات بشكل خاص في يومهن العالمي.