الأهرام: 23/2/2009 المدرسة ما هي إلا المنزل الأول للتلميذ, وليست للقتل بهذه الكلمات اللاذعة الموجعة, لخص المستشار سعد عبد الله رئيس محكمة جنايات الاسكندرية حال التعليم في مصر, وذلك عقب نطقه بحبس مدرس اسلام بالسجن المشدد6 سنوات مع الشغل, عقابا لركله التلميذ في صدره بقسوة أدت إلي وفاته, لتقصيره في أداء واجبه المنزلي! لم تكتف المحكمة بهذا القول البليغ فقط, بل أدانت العملية التعليمية برمتها بعد أن كشفت الواقعة المؤلمة, عن غياب للمسئولية, وسوء تخطيط وإهمال, وكثافة فصول وصلت إلي70 تلميذا, مما أثر بالسلب علي أداء المعلم لواجبه, والمبالغة في تكليف الطفل بما لا يطيق من واجبات! وأعتقد أن واقعة اسلام هي نتاج طبيعي لعملية تعليمية دب فيها الشيب, وبح أصوات خبرائنا في التنبيه إليه مرارا وتكرارا, حيث إنها تحتاج منذ زمن مضي لمراجعة حقيقية, بعد أن تدهور حالها, وبلغ ذروته في مقتل تلميذ الابتدائي داخل حرم المدرسة! مقتل اسلام كان قمة جبل الجليد, وما خفي كان أعظم, أشار إلي بعضه الدكتور إسماعيل سراج الدين, مدير مكتبة الاسكندرية عندما نعي أخيرا تدني مستوي خريج الجامعة, والمناهج التي تقضي علي الفضول العلمي, وحال الأسرة المصرية, والتي أصبح الهم الشاغل لها, هو حصول أبنائها علي الشهادات الجامعية وكفي.. دون اعتبار للجودة والملاءمة لسوق العمل! ورثي أيضا تدهور البحث العلمي, الذي توليه الدول المتقدمة أهمية كبري وتنفق عليه220 ضعف ما تنفق الدول النامية, لذا ليس بغريب أن نري جامعاتنا, وقد تأخرت في التصنيف الدولي بين جامعات العالم! وقد كشفت واقعة مقتل التلميذ, علي أولي خطايا العملية التعليمية في سوء اختيار المعلم المؤهل مهنيا وتربويا لمعامل تفريخ رجال المستقبل بعد أن أهملنا كليات التربية وخريجيها الأكثر تأهيلا للقيام بهذه الرسالة النبيلة. وأخشي بعد واقعة اسلام أن ينفرط العقد بين المعلم والتلميذ بعدما ساءت العلاقة بينهما, وبات كل منهما متربصا بالآخر.لذلك نحن بحاجة الآن إلي اعادة بناء للثقة الضائعة بينهما, لتعود للمعلم قدسيته في محراب العلم, ويوضع في مرتبة الرسل, كما قال أمير الشعراء, والأمر لن يكلفنا سوي أسرة تغرس في نفوس الأبناء أن احترام المعلم من احترام الوالدين, ومدرسة تربي بعطف وحنو, وتعلم بإخلاص وجدية, لتعود الطمأنينة للجميع, ويري التلميذ في مدرسته انها بحق منزله الأول.