الاهرام 14/2/2009 اليمين الإسرائيلي في خسر أكيد, ربما يكون قد كسب الحكم في إسرائيل, لكنه بكل تأكيد قد لا يكسب معركة الاحتلال مع المنطقة والعالم. يوجد الآن متغير, بل تحد جديد في مواجهة اليمين الإسرائيلي, تحد استبق بروزه في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة, ليس بمستوي ما واجهه اليمين بقيادة نيتانياهو سابقا بنتائج وتداعيات حرب الأطلنطي ضد متطرفي الصرب في يوجوسلافيا في النصف الثاني من التسعينيات, وأدي عدم استيعابه الدرس في النهاية إلي خسارته الحكم في إسرائيل, أيضا تحد ليس بمستوي المواجهة السلمية الدولية في مدريد التي أدت إلي رحيل شامير, بل تحد أكبر وأكثر قوة مما أبرزه السادات في وجه بيجين فأجبره علي الرضوخ لخيار السلام وجلاء الاحتلال الإسرائيلي عن مصر. يأتي اليمين الإسرائيلي الآن كما جاء الرفض الإسرائيلي للسلام دائما بقاعدة بن جوريون التليدة في توحيد إسرائيل بالعداء والخوف والحرب وأن أمن إسرائيل هو الأساس الأول والأخير, ليس في هذا جديد سوي أنه يحدث الآن لجيل إسرائيلي جديد بدا أنه ارتخي كثيرا ويرجي شده وصلب عوده, إنما الجديد الذي يبرز لأول مرة هو تبلور جبهة سلام عربية دولية محورها مصر وأوروبا واستبقت في حركتها وتأكيد وجودها الفاعل عودة اليمين الإسرائيلي إلي الحكم.. جبهة تؤكد ضرورة الانتقال من إدارة النزاع إلي حله أي ضرورة إحلال السلام بقيام الدولة الفلسطينية. صحيح أن هذه الجبهة لا تشمل كل العرب وربما مجموع العالم, لكن الصحيح أيضا أنها تشمل القوي المؤثرة عربيا ودوليا.. الصحيح كذلك أنه للمرة الأولي توجد جبهة عربية تريد السلام وتسعي لتحقيقه. في السبعينيات بادرت مصر بطرح السلام ورفضها العرب والجديد الآن أن مصر لم تعد وحدها, فقد صارت مرتكزا لحركة عربية دولية إقليمية للسلام.. هناك مبادرة مصرية فرضت وقائعها في مواجهة العدوان علي غزة.. وهناك خطاب سلام عربي يرتكز علي المبادرة العربية يحظي بتأييد القوي الدولية والإقليمية المؤثرة.. هذه معضلة جديدة لإسرائيل عموما, وبالأخص لتطرفها اليميني البارز الآن. لا يهم في هذه المعادلة الجديدة وجود أطراف رافضة بين بعض العرب فالمهم أكثر هو استمرار الاندفاع في فرض معادلة الواقع الجديد بكل قوة. إنه وقت الانتقال إلي هجوم السلام الأكبر ووقت الالتزام الفلسطيني الصارم بالمبادرة المصرية في التهدئة والمصالحة الوطنية وتوحيد الصفوف تحت قيادة واحدة والنأي التام عن القيام بأية مغامرات توفر ذرائع لليمين الإسرائيلي وتفتح له بابا يفلت منه في مواجهة الحصار والهجوم الزاحف ضده.. نجحت مصر في جلب تأييد العالم, وهذه فرصة الفلسطينيين في تحقيق أهدافهم الوطنية. إنه أيضا وقت تفعيل مبادرة السلام العربية بآليات محددة. ووقت الانضواء الفلسطيني التام في جبهة السلام والانطلاق في حركة منتظمة نشيطة فعالة مؤثرة لهزيمة الرفض واليمين الإسرائيلي. هزيمة اللاسلم واللاحرب, وهزيمة الاحتلال.. وتحرير الفلسطينيين وإقامة دولتهم المستقلة.