أثارت صلاة جماعة أداها متظاهرون مسلمون ظهر أمس الاثنين أمام كنيسة ميلانو شمال ايطاليا، احتجاجا على الغارات الإسرائيلية على غزة، جدلا في ايطاليا ونددت رابطة الشمال اليمينية المتعصبة ما حدث ووصفته "استفزازا غير معقول". وقال ماريو بروجيزيو النائب الأوروبي لرابطة الشمال المعروفة بعدائها الشديد للمهاجرين إن تحويل متطرفين إسلاميين فناء الكنيسة إلى مسجد في الهواء الطلق يشكل استفزازا غير معقول. وأضاف وفق ما أوردته وكالة أنسا الايطالية "أن الصلاة التي رددها آلاف المتطرفين المسلمين هي عملية ترهيب وصفعة لمدينة ميلانو التي يجب أن تظل مسيحية". وكان عشرات الآلاف من المتظاهرين فى 15 مدينة إيطالية اغلبهم من المهاجرين, شاركوا في مسيرة في ميلانو وقام مئات منهم بالتوجه إلى ناحية القبلة للصلاة خلف إمام في فناء كاتدرائية ميلانوالبيضاء الشهيرة. وحمل بعض المتظاهرين يافطات رسمت عليها نجمة داوود وقد علاها صليب النازية المعقوف وتم خلال المظاهرة حرق العديد من الأعلام الإسرائيلية، المر الذي أثار استنكار الطبقة السياسية الايطالية والجالية اليهودية. يذكر أن منظمات غير حكومية تدعم القضية الفلسطينية دعت إلى خروج مسيرات تطالب بوقف المذبحة والتطهير العرقي وإرهاب دولة إسرائيل .. وفاق عدد المتظاهرين توقعات منظمي المسيرة وأجهزة الأمن التي اضطرت لتوسيع الحدود المسموح بها لاستيعاب المتظاهرين الذين رفعوا شعارات "أوقفوا إبادة الفلسطينيين في غزة". في هذا الصدد، قال الصحفي والمثقف اليهودي غاد ليرنر القريب من وسط اليسار في مدونته على الانترنت "لقد تم احتكار الاحتجاج على إسرائيل من قبل أولئك الذين يحرقون أعلاما تحمل نجمة داود نافين بذلك حق إسرائيل في الوجود والأدهى من ذلك أنهم يرغبون في إثارة حرب بين الأديان". من جانبه، صرح الأب تونيو ديل اوليو من حركة السلام الكاثوليكية "باكس كريستي" لصحيفة "كورييري ديلا سيرا" أنه "من المشروع للمسلمين أن يعبروا عن التضامن (مع سكان غزة) من خلال الصلاة". يأتي هذا في الوقت الذي دعا بابا الفاتيكان بينديكت السادس فيه إلى إنهاء القتال الدائر في قطاع غزة، مؤكدا أن الحرب والكراهية لا يشكلان حلا للمشكلات في الشرق الأوسط. وحث البابا آلاف الأشخاص الذين احتشدوا فى ميدان "سان بيتر" بالفاتيكان لأداء صلاة التبشير على الصلاة مع البطاركة وأعضاء الكنيسة المسيحية في القدس "لإرساء العدل والسلام في الأرض المقدسة" . وندد بالأخبار المأسوية الآتية من غزة " كما عبر عن أسفه لان رفض الحوار يؤدى إلى أوضاع ترهق بشكل يتعذر وصفه السكان الذين يقعون مرة جديدة ضحايا الكراهية والحرب . وعلق البابا في صلاة المتظاهرين أمام الكنيسة بقوله" الصلاة في ذاتها لا تمثل إزعاجا، إذا جاء مسلم إلى ميدان القديس بطرس( سان بييترو) للصلاة ماذا أستطيع أن أقول له ؟ الناس الذين يصلون دائما يحملون قلبا طيبا، ولكن...". ثم توقف عن الكلام، الأمر الذي أدى إلى تفسيرات كثيرة لهذه النهاية المعلقة. من جانبه، حاول الكاردينال ريناتو مارتينو ، رئيس المجلس الأعلى للعدل والسلام ومجلس المهاجرين استكمال الجملة بقوله " لكن الذي أزعجني هو تلك الأعلام الإسرائيلية المحترقة، وتلك اللافتات، والصلاة بعد مظاهرة كره". وعلى الرغم من كلمات الكاردينال التي توضح موقفه من اسرائيل، إلأ أنها تتناقض مع تصريحاته العام السابق حول كرامة الإنسان التي تداس بالأقدام منذ عشرات السنوات في غزة وانتشار الأفكار العنصرية والمتشددة التي تؤدي إلى مزيد من الضحايا بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. يأتي هذا في الوقت الذي شجب فيه كبير الأساقفة ارنيستو فيكي في مدينة بولونيا الصلاة وقال في كلمات شديد اللهجة حيث إن هذه لم تكن صلاة وكفي، لكنها كانت تحديا للكنيسة والنظام الديمقراطي والثقافي، مضيفا أن لديه معلومات تفيد بأن هناك مشروع مخطط له منذ زمن بعيد لأسلمة أوربا . ومن التعليقات شديدة اللهجة إلى استخدام الكلمات الهادئة المسالمة، حيث قال بابا كنيسة ميلانو لويجي مانجنيي إن الإسلاميين لم يراعوا مشاعر المسيحيين، ولا يعقل أن تقوم جماعة من المسيحيين بالصلاة أمام مسجد، فهذا إيذاء لمشاعر المسيحيين. ويذكر أن البابا يلتزم الصمت السياسي في كل الأحوال ، مكتفيا، حين يضطر، إلى التلميح دون التصريح، ومطالبا الأديان الثلاثة المتجاورة في المنطقة بتجاوز الماضي وغفران الأخطاء المتبادلة، ومبادرا بالاعتذار عن أي أخطاء ارتكبتها الكنيسة الكاثوليكية في تاريخها وكأن لسان حال يقول المشاهدة عن بعد والكلمات الهادئة أفضل دائما في الدخول في صراعات لن تحسم لصالحه أو صالح الفاتيكان.