هل يمكن أن تكون الأصوات وليست الصور الأداة المثلي لرواية تاريخ المجتمعات؟ هذا ما تجيب عنه دراسة - نشرتها صحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية- قام بها مجموعة من الباحثين في معهد الصوتيات في ايطاليا عن طريق تسجيل وتجميع وحفظ الأصوات من مناطق مختلفة داخل إيطاليا سواء في المنتزهات العامة أو الأسواق أو المدن والقرى، وكانت الدراسة قد بدأت في منطقة كاتانيا بجزيرة صقلية جنوب ايطاليا. قال الباحث ستيفانو زورزانيللو: إن خريطة الاصوات عبارة عن سيمفونية مميزة لكل مكان على حدة ولها طابعها الخاص، وفي ظل التلوث الضوضائي الذي تختلط فيه أصوات المحركات بأصوات البشر، فربما تختفي تلك السيمفونية ويفقد المكان طابعه الصوتي التقليدي. وهكذا، يحاول الباحثون تحديد نقاط معينة داخل المدن أو خارجها يسجلون فيها الاصوات النقية المميزة للمكان، مثل تلك الصادرة عن أمواج البحر بالقرب من الشاطئ. وفي سؤال عن أهداف تلك الدراسة أوضح الباحث الكندي موري شافير- أحد أعضاء فريق البحث- أن أحد أهداف الدراسة هو الحفاظ على التراث الصوتي للشعوب بعدما عمت العالم الضوضاء الفوضية والتلوث الضوضائي، إضافة إلى ذلك إعادة تعليم الناس كيفية الاستمتاع بالأصوات الأخرى الصغيرة المنتشرة من حولنا والتي تختفي في ظل أصوات المدنية الحديثة. إن البحث في المدن عن واحات صوتية خضراء- كما يؤكد الباحثون- يمكن أن يوصلنا إلى نتائج مبهرة، وتمثل سجلا تاريخيا للأماكن كما تسجله الصور تماما، وهذا ما نفعله في كاتاينا، حيث توجد أفضل الاماكن التاريخية والمنتزهات التي يقل فيها التلوث السمعي، حيث يمكن للإنسان أن يستعيد صوت سيدة تنادى على طفلها أو طيورها في باحة المنزل، أو يتجول في أحد الأسواق، ويتردد في الذهن، أصوات الباعة المميزة وحواراتهم مع الزبائن. إنها البصمة الصوتية للمكان ، التي يتم حفظها في سجل خاص بها يميزها عن جميع الاصوات في العالم، ومن خلالها يتم شرح الخصائص الاجتماعية للأفراد الذين يعيشون في تلك المنطقة. لا يهم كم هي درجة نقاء الصوت ولكن ما يهم - كما هو حال التصوير الفوتوغرافي - كم يحكي وكم يعيد إلى الذهن من ذكريات الأزمان الماضية.