تشهد بورصة الدروس الخصوصية انتعاشا كبيرا مع اقتراب اختبارات منتصف الفصل الدراسي الأول ورغبة أولياء الأمور في حصول أبنائهم علي النجاح وتحقيق درجات مرتفعة وذلك رغم حظر الدروس الخصوصية قانونا وتعريض من يضبط متلبسا للمساءلة القانونية. واللافت أن الظاهرة لم تقتصر علي المرحلة الثانوية فقط حيث يرغب الطلاب وأولياء أمورهم في حصول أولادهم علي درجات تؤهلهم لدخول أرقي الجامعات بل امتدت الي المراحل التعليمية المختلفة لتتراوح الأسعار ما بين حصص فردية وجماعية وأيضا الظاهرة لم تقتصر علي الطلاب متدني المستوي التعليمي إنما شملت الطلاب المتفوقين دراسيا فالطالب الضعيف يبحث عن النجاح أما الطالب المتفوق فيبحث عن التميز كما أن ولي الأمر له دور كبير في المشكلة فمع حبه الشديد لابنه ورغبته في ألا يقصر معه في أي شيء يحاول أن يوفر له جميع السبل للنجاح والتفوق وبالطبع هو من يتحمل فاتورتها التي فاقت كل التصورات فأولياء الأمور انتهوا من اعباء وميزانية شهر رمضان والعيد وبدء العام الدراسي ليدخلوا في ميزانية جديدة تستمر معهم طوال العام الدراسي وقد تضاعفت الميزانية هذا العام وبلغت ذروتها نتيجة مبالغة المعلمين في اسعارهم. وتختلف أسعار الدروس الخصوصية بحسب كل مرحلة فالمرحلة الابتدائية أقلهم حيث وصلت الأسعار في المادة الواحدة الي 800 ريال في الشهر بمعدل 3 حصص في الأسبوع، أما المرحلة الاعدادية فتزيد عنها قليلا ليتراوح سعر المادة ما بين 1200 وال 1500 ثم تصل الأسعار الي ذروتها في المرحلة الثانوية وخاصة الثانوية العامة لتتراوح من 2000 الي 2500 ريال في الشهر وتختلف المواد الأدبية في المرحلة الثانوية أسعارها عن المواد العلمية . المعلم السوبر: أسعار الدروس تختلف أيضا حسب إذا ما كان المدرس سيذهب الي الطالب في منزله أم سيأتي إليه الطالب ويوضع في الاعتبار سعر المواصلات وفي أغلب الأحيان يفضل الأهالي مجيء المعلم الي المنزل، كما يتوقف الأمر حسب عدد المواد التي سيتم تدريسها فبعض المعلمين يقومون بتدريس 3 مواد وليكن لغة عربية ورياضيات وعلوم فيحاسب المعلم علي الإجمالي وليس علي المادة الواحدة وهذا أفضل لأولياء الأمور لذا نجد ولي الأمر يبحث دوما عن المعلم الذي يدرس أكثر من مادة في نفس الوقت . الطالب لا يستطيع أن يستغني عن الدروس فاصبحت بالنسبة له مثل العادة ولا يقتصر الأمر علي الطالب فحسب بل وصل ايضا الي ولي الأمر نفسه فإن لم يأخذ ابنه درسا فإنه يصر علي إعطائه دروسا خصوصية رغبة في الإحساس بعدم التقصير معه. العرض والطلب : من أهم أسباب انتشار الدروس الخصوصية يتعلق بالعامل النفسي وخاصة اهتزاز ثقة الطالب في نفسه لذا يرغب في مضاعفة هذه الثقة من خلال الدروس وأحيانا يكون الآباء والأمهات هم المحرك الأساسي لأخذ الدروس فيبدأون خلال العطلة الصيفية في البحث له عن المعلمين الأكفاء وخاصة اذا كان في الثانوية العامة وحول ارتفاع أسعار الدروس تقول غادة الموضوع ليس ارتفاع أسعار ولكنه عرض وطلب فهناك العديد من المدرسين عليهم إقبال كبير جدا لذا يقومون برفع السعر ومادام الطالب يريد فسوف يدفع ما يطلب منه. المدخل الأساسي لمشكلة الدروس الخصوصية ومن سماتها أنها ثقافة عنيدة وفارغة تحارب الطبيعة البشرية وتريد أن تسوي بالقوة بين الجيد والرديء في العقول البشرية وتقليد الغير، وثقافة الندية وهي تحاول إحداث خلخلة في التمايز الفطري الذي خلق الله الناس عليه وهذا يعتبر نوعا من الإفساد في الأرض، وللدروس الخصوصية تأثير علي شخصية الدارس ليس فقط عندما ينهي المرحلة الثانوية وينتقل للجامعة بل تمتد إلي طالب الدراسات العليا فهي تخلق داخله نوعا من الاتكالية والاعتمادية والسلبية وعدم المبادأة وضحالة وسطحية التفكير ونوع من الخمول العقلي وعدم الابتكار لأنه تعود علي أن تلقن له المعلومة بدون عناء لذلك لم ينشأ داخلهم مشروع باحث لينقب عن المعلومة والمعرفة. لقد أصبحت الدروس الخصوصية واقعًا في حياتنا اليومية، وبعد أن كان الدرس الخصوصي يرتبط في الماضي بأحد طالبين؛ إما أن يكون الطالب ضعيفًا للغاية، وبالتالي يحتاج إلي جهدٍ مضاعف واهتمامٍ متزايد، أو أن يكون الطالب ثرياً فيصبح الدرس الخصوصي في هذه الحالة نوعًا من أنواع الرفاهية والترف والمظهريّة، لكن ما يحدث اليوم من تحول المدارس إلي أماكن ترفيهية يذهب إليها الطلاب للترفيه عن النفس حتي يستطيعوا مواصلة الكفاح في الركض وراء المدرسين من منزلٍ إلي منزل، ومن مركز إلي آخر، ويتحوَّل المدرس إلي تاجر شنطة ، ويصبح وجوده في المدرسة مرتبطًا باحتياجه إلي اصطياد زبائن محتملين.