الوفد 27/9/2008 في شهر رمضان - وفي كل القنوات - نشاهد إعلانات، وليس أعمالا درامية، أو مسلسلات فنية!! والناس تشاهد ذلك وهي مكرهة، لأن »بلوة« المسلسلات تمكنت منهم.. بالعادة.. وبالوراثة.. وربما بسبب الاسترخاء بعد تناول الإفطار.. وواضح أن الإعلانات أصبحت هي سيدة الموقف.. وأن شركات الإعلانات، أو الوكالات، هي مالكة القرار.. فهي تختار النجوم والممثلين في كل مسلسل.. وجهة الإنتاج توافق وترضخ لأنها تحتاج إلي أموال الإعلانات.. بل هي المصدر الحيوي ربما علي مدار العام.. بل إن وكالات الإعلان التي باتت المنتج الأهم في عالم الدراما هي التي تحدد أجر الفنانين في كل مسلسل.. والحجة أن الجمهور يجري وراء أعمالهم، نجوما من الرجال أو من الجنس اللطيف.. وليس سرا أن »سعر« البطل أو البطلة ارتبط بما يأتي به المسلسل من إيراد إعلاني.. ونحن نسمع عن أرقام بالملايين يحصل عليها هذا النجم.. أو تلك الفنانة تجعلنا نضرب رؤوسنا في الحائط، نحن كل المثقفين!! ** والقضية أن موضوع المسلسل لم يعد يهم هذه الوكالة أو تلك المطلوب فقط صورة الفنان أو النجم. ومن هنا فإن الصراع أصبح بين الفنان والوكالة علي الرقم الذي يقبل به النجم.. فهل أصبح الإعلان هو الذي يحدد مصير الدراما التليفزيونية في مصر. وهل تنبهنا إلي تغلغل الإعلانات بهذا الشكل الكثيف داخل الأعمال الدرامية.. بحيث أصبحت الإعلانات تقطع المسلسل أو الفيلم بشكل استفزازي؟. ففي المسلسلات كنا محاصرين بإعلانات المشروبات الغازية رغم أننا نفضل المشروبات الشعبية من عرقسوس وتمر هندي وكركديه وأدخلت وكالات الإعلانات نجوم الفن، ليقدموا إعلانات هذه المشروبات.. ولكن - رغم خفة دم هذه الإعلانات - إلا أن كثرة »الدق« علي الرأس سوف تأتي بنتائج عكسية.. ** أقول بعد أن حاصرتنا إعلانات المشروبات الغازية.. عادت رقائق البطاطس المقلية إلي الساحة لتسلب الأطفال، ومعهم الكبار، إرادتهم.. ولأن رمضان يحب الأكل، أو هكذا أوهمونا، تطاردنا إعلانات حسن حسني وهالة فاخروالسمن اللي بطعم الزبدة الفلاحي.. وأخيرا عادت إعلانات انفلونزا الطيور.. وأيضا لعبت الوكالات بالفنانين والفنانات والمطربين الشعبيين. ** ولقد أحصيت عدد الإعلانات التي تفصل بين فقرة المسلسل الواحد فوجدتها 10 إعلانات، في كل فاصل، واكتشفت ان الوقت المخصص للإعلانات أكبر من ذلك المخصص للمسلسل نفسه.. فهل يا تري أصبحنا نشاهد الإعلانات أم نشاهد المسلسل الدرامي.. وحتي المسلسلات نفسها تحولت إلي مادة للمسابقات أي الإيرادات لشركات الإعلانات مثل: أحسن مسلسل وأحسن ممثل وأحسن ممثلة.. وناقص يعملوا مسابقة لأحسن إعلان، إيه رأيكم؟! حتي تسويق المسلسل في مسلسل إعلاني باستخدام المحمول وكله يكسب.. نقصد: كله مكسب.. ** تعالوا نعمل إعلانات، وفي وسطها نضع أجزاء من مسلسل وليس العكس، وكده نبقي أكثر واقعية. ونسأل كم تكسب الوكالات.. وكم يكسب التليفزيون.. وكم يكسب النجوم.. ولكن علينا أن نسأل أيضا: وكم يخسر الجمهور؟!