في غمرة التفجيرات التي تنفذها نساء في العراق لم يكن لأحد أن يستغرب أن يشهد الاسبوع الحالي تفجيرا آخر كان من المفترض أن تنفذه فتاة لم يتجاوز عمرها ال 15" "عاما ، ولكن غير المألوف أن تستسلم الفتاة التي تدعى رانيا إبراهيم في اللحظات الأخيرة ، بحسب بعض الروايات ، إلى قوات الأمن العراقية. وبغض النظر عن ملابسات الواقعة التي أعقبها اعتقال والدة الفتاة بعد أن أقرت ابنتها بأنها كانت ستنفذ بدورها عملية تفجيرية ، فلاشك أن العام الحالي شهد تناميا كبيرا في ما بات يسمى بظاهرة "نساء القاعدة الانتحاريات" بالرغم من التحسن الواضح في الجانب الأمني في البلاد . وتتضارب الآراء في العراق حول اتساع هذه الظاهرة فالجهات الحكومية ترى فيها إفلاسا لتنظيم القاعدة وعدم قدرته على تجنيد رجال لتنفيذ عمليات سواء بسيارات مفخخة أوأحزمة ناسفة مثلما كان الحال في السابق ، فيما يشير آخرون إلى أن عدم الاهتمام بقطاع المرأة وتلبية احتياجاتها جعل هذه الشريحة صيدا سهلا للجماعات المسلحة وخاصة تنظيم القاعدة. وقال اللواء قاسم عطا المتحدث العسكري العراقي إن "استخدام النساء في التفجيرات هو دليل فشل وانهزام لتنظيم القاعدة ".وبحسب تقارير حكومية وتحليلات إخبارية ، استطاع تنظيم القاعدة اختراق النساء الفقيرات والبسيطات في المناطق النائية والفقيرة من العراق ". وتقول باسكال وردة ، وهي وزيرة عراقية سابقة دخلت الحكومة في مرحلة ما بعد الغزو الأمريكي ، إن "تجنيد الجنس اللطيف في تنفيذ عمليات تفجيرية ورقة خطرة تستخدمها القاعدة بعد أن أفلست وذهبت أوراقها السابقة في إثارة النعرات الطائفية والتهجير القسري أدراج الرياح". وأضافت بالقول إن "عدم الاهتمام بواقع المرأة العراقية من قبل الحكومة هو الذي جر القاعدة إلى استغلال أوضاع النساء الفقيرات والبسيطات وحذرت الوزيرة العراقية السابقة الحكومة من أن إهمال هذا القطاع سيؤدي إلى اتساع الظاهرة واتخاذها أبعادا أكثر خطورة. وبحسب إحصائيات عراقية فإن أول عملية نفذتها امرأة تابعة للقاعدة وقعت في بلدة القائم عام 2004 واستهدفت تجمعا لمتطوعي الأجهزة الأمنية.وتشير هذه الإحصائيات إلى أن إجمالي عدد"نساء القاعدة الانتحاريات" وصل إلى 49 امرأة تتراوح أعمارهن بين 15 35و عاما ، منهن أكثر من 32 امرأة خلال العام الحالي ، غالبيتهن في مدينة بعقوبة ذات الغالبية السنية. وتظل قصة رانيا إبراهيم التي استسلمت قبل يومين إلى قوات الأمن العراقية في بعقوبة هي الأكثر إثارة ، فبحسب مصادر عراقية تنتمي الفتاة ، التي كانت ترتدي حزاما ناسفا ولكنها سلمت نفسها لدى اقترابها من نقطة تفتيش للشرطة في حي الأمين وسط المدينة ، إلى أسرة قتل غالبية أبنائها في فترة ما بعد غزو العراق ، بينما يقبع آخرون في سجن بوكا بمدينة البصرة ، وهو السجن الذي تشرف عليه القوات البريطانية والأمريكية. ويرى د.كاظم المقدادي أستاذ الإعلام بجامعة بغداد أن ظاهرة النساء الانتحاريات "هي ظاهرة دخيلة وغير صحية تقف وراءها عوامل اجتماعية ونفسية ، ولابد من دراستها بتأن واهتمام لأنها أصبحت ظاهرة خطيرة ". واعتبر المقدادي أن "لعبة النساء الانتحاريات انكشفت ، لكن علينا الاعتراف أنها ظاهرة من الصعوبة السيطرة عليها لأن الغالبية العظمى من النساء في العراق يرتدين العباءة ، وقوات الجيش والشرطة لا تقوم بتفتيش النساء بسبب تقاليد اجتماعية في البلاد ، فضلا عن وجود أماكن عديدة لا تخضع فيها المرأة للتفتيش ، وهو ما جعل الجماعات المسلحة تستغل هذه الحالة لتنفيذ أعمالها الإجرامية".