«جمنازيوم بكين» سيخطف الأضواء اليوم في العاصمة الصينية مع انطلاق مباريات مسابقة كرة السلة ضمن الدورة الأولمبية والمتواصلة حتى 24 آب (أغسطس) الجاري. لا تحتاج «لعبة العمالقة» الغنية بالنجوم والمسابقات والمداخيل والثروات الفلكية الى دورة أولمبية لتروّج لسوقها، لكن المناسبة بحد ذاتها هي الحدث، باعتبار أن اليوم الأول من المسابقة سيشهد «لقاء مختلفاً» يجمع بين أصحاب الأرض المنتخب الصيني بقيادة نجم هيوستن روكتس ياو مينغ (2،26م)، ونظيره الأميركي الطامح إلى استرداد ذهبية يعتبرها ملكاً خاصاً. وعموماً لا يُنظر إلى المنتخب الصيني لكرة السلة على أنه قوة عظمى، لكن اللقاء الذي سيقام، في حضور الرئيس الأميركي جورج بوش، جعله يُحمل أكثر مما يحتمل، باعتبار أن زيارة بوش لبكين وتوقيتها الأولمبي تتخطى المفاهيم الرياضية ومعاييرها، وتعرّج على الجانب السياسي من منطلق «المعارضة الأميركية الهادئة» للسلوك الصيني في مجالي الحريات وحقوق الإنسان وحتى «قمع الأقليات». وتحدثت الصحافة الصينية في اليومين الأخيرين عن «ديبلوماسية كرة السلة» مشبّهة، ولو من بعيد، الأوضاع الحالية بمثيلتها في عقد السبعينات من القرن الماضي، مذكّرة بالتحركات المكوكية لوزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنيجر وانتهاجه سياسة «ديبلوماسية كرة الطاولة»، حين زار المنتخب الأميركي بكين العام 1971، كاسراً جليد العلاقات وواجه نظيره الصيني «رياضياً». يلفت رئيس الاتحاد الصيني لي يوان ووي الى الشعبية، التي يحظى بها المنتخب الأميركي عموماً وفرق دوري المحترفين خصوصاً عند الصينيين، والتي عززها انتقال ياو مينغ الى الدوري الأميركي، ولاحقاً يي جيانليان (نيوجيرزي نتس) والمخضرم وانغ جيجي لاعب دالاس مافريكس ولوس أنجليس كليبرز وميامي هيت سابقاً، ولاعب بكين آوشن يوي صن، الذي اختاره لوس أنجليس ليكرز في اختبارات ضمّ الوجوه الصاعدة العام الماضي. ويؤكد ووي أن منتخب بلاده يسعى الى بلوغ الدور ربع النهائي، مشيراً الى صعوبة المجموعة الثانية، في ظل وجود الأميركيين واسبانيا بطلة العالم وأنغولا بطلة أفريقيا وألمانيا. «إنها أكثر من مباراة»، ويضيف ووي «لأنها ستفتح أفقاً جديداً للعبة عندنا. وسرَّ جمهورنا عندما أوقعت القرعة الأولمبية منتخبنا مع الأميركيين في مجموعة واحدة»، نافياً أن يكون اللقاء «غير مألوف» كما تصفه الصحافة الغربية. ويُبدي رئيس الاتحاد الدولي بوب إلفنسون سروره باللقاء المنتظر، وبمردوده الإيجابي على كرة السلة في الصين. كما تتوقع الشركات مالكة حقوق النقل التلفزيوني المباشر لمباريات الدوري الأميركي للمحترفين نمو سوقها بنسب كبيرة، بعدما لحظت تطوراً تخطّى ال11 في المئة في كانون الثاني (يناير) الماضي، ما سيسرّع في تأمين التغطية في 40 مدينة صينية إضافية، بدءاً من الموسم المقبل. وكانت أرباح الموسم الماضي فاقت 253 مليون دولار. وأسهمت شركات صينية عملاقة في رعاية الدوري الأميركي للمحترفين، وقدرّت إحدى شركات الاستطلاع والرصد، أن أكثر من 450 مليون صيني يتابعون مباريات الدوري الأميركي، ونحو 300 مليون صيني يزاولون كرة السلة. ويتعامل الاتحاد الصيني باحتراف مع التغيرات المتسارعة، والتقط جيداً مؤشرات السوق المتنامية، إذ تعاقد مع 35 اختصاصياً من الدوري الأميركي، لتقديم مباريات المسابقة الأولمبية، وإحياء عروضها الموازية. ولقاء اليوم سيكون ضمن سلسلة مباريات للأميركيين في الصين، علماً بأن كفة «الضيوف» دائماً راجحة وبفارق كبير ومنها سحق «عيال جامعيين» أميركيين الصين (97 - 48) في دورة لوس أنجليس العام 1984، وقبل أن يبدأ «فريق الأحلام» مسيرته الأولمبية العام 1992 في برشلونة. وعموماً وبصرف النظر عن نتيجة اليوم ونكهتها المختلفة، فلن يكون المشوار الأميركي في «بكين 2008» سهلاً إطلاقاً، وهو مدعو الى تقديم أفضل ما عنده منذ الدور الأول، لأنه سيواجه منتخبات «مدججة» في طريقه الى اللقب الضائع. أما المباراة مع الصين، فقد تكون فاتحة سعيدة للطرفين، أو قد توصد أبواب الصينيين وقلوبهم أمام من حلموا بلقائهم ومنازلتهم رياضياً.