مر عامان كاملان علي أسر الجندي الإسرائيلي «جلعاد شاليط» في العملية الفدائية التي نفذها مقاتلون من حركة حماس ولجان المقاومة الشعبية وجيش الإسلام، في موقع عسكري إسرائيلي قرب معبر كرم أبوسالم «كيرم شالوم في نهاية يونيو 2006.. وفي هذه المناسبة، شددت كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، علي تمسكها بشروطها لإطلاق شاليط، في وقت أوقفت فيه حماس المفاوضات غير المباشرة حول المسألة، وبلا شك فإن صفقة تبادل الأسري التي أقرتها الحكومة الإسرائيلية قبل أيام بأغلبية ساحقة، حققت نصراً عسكرياً لحزب الله اللبناني في حرب يوليو قبل عامين، رغم المراوغة الإسرائيلية التي استمرت عاماً كاملاً حتي إتمام الصفقة، وإذا كانت هذه الصفقة تعد انتصاراً لحزب الله، فإنها تفتح الباب، وتحدد الخطوط العامة لصفقة أخري، وهي التي تلوح في الأفق بين حماس وإسرائيل. كيف ستكون انعكاسات عقد هذه الصفقة علي المفاوضات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل حول قضية شاليط، خاصة أن إتمام الصفقة بين حزب الله وإسرائيل قد أغلق باباً كان البعض قد فتحه علي قاعدة التلازم بين المسألتين وهو الأمر الذي رفضته إسرائيل منذ البداية؟! لكن السؤال يبقي أنه بالنظر إلي أن إسرائيل ردت علي أسر شاليط بأسر قطاع غزة بكامله، منذ عامين وحتي اللحظة، من خلال إغلاقه بالكامل، خاصة معبر رفح، فإن السؤال يبقي حول من يعيد الضحايا الذين سقطوا علي طريق المواجهة؟ فمقابل شاليط تم أسر مليون ونصف المليون فلسطيني بالكامل في قطاع غزة، ودفعت غزة بعدها أكثر من 500 ضحية علي طريق الاحتفاظ بهذا الجندي الذي سيفضي تحريره إلي تحرير مئات من المعتقلين الفلسطينيين، وهذا أمر بقدر ما يرفع معنويات الفلسطينيين، ويثير قدراً من العزة والرضا، فإنه يثير أيضاً قدراً من الحسرة، حيث لو أنه يتم توظيف الفعل الكفاحي والعمليات البطولية ضمن سياسة مقاومة أكثر نضجاً وثباتاً ووعياً، لكانت النتائج أفضل كثيراً بكل تأكيد، خاصة أن هناك أصواتاً معارضة داخل إسرائيل تعتبر إطلاق سراح شاليط لم يكن أكثر من تأويل وتلاعب سياسي رخيص،. ورغم هذه التجاذبات ودخول الحكومة الإسرائيلية فعلياً في مفاوضات غير مباشرة عبر القاهرة مع حركة حماس لإطلاق شاليط، يؤكد الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي أن الخلاف حالياً يتركز حول نوعية الأسري، حيث ترفض إسرائيل التجاوب مع 75% من مطالب حماس، وترفض إطلاق سراح الأمين العام لحركة فتح «مروان البرغوثي» المحكوم عليه بخمسة مؤبدات بسبب قيادته عمليات عسكرية خلال الانتفاضة الأخيرة، والأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين «أحمد سعدات» الذي تتهمه إسرائيل بإعطاء الأمر لاغتيال وزير السياحة الأسبق رحبعام زئيفي في بداية الانتفاضة، كما ترفض إطلاق سراح عدد من الأسري من النساء والأطفال. وفي الجانب الآخر، فإن كتائب القسام تؤكد أن الكرة الآن في ملعب الاحتلال، إذا كان معنياً بإنجاز هذه الصفقة، وأن عليه الرضوخ لشروط المقاومة، واصفة إياها بالعادلة والإنسانية دون أن تحددها. وعلي الرغم من حالة الحراك التي تشهدها صفقة التبادل بين حماس وإسرائيل فإن المطالب والمطالب المضادة ، لاتزال بينهما فجوة كبيرة قد تعوق التوصل إلي حلول، رغم انطلاق حملة شعبية من داخل إسرائيل للضغط علي الحكومة كي تنفذ الصفقة في أقرب وقت ممكن، ومهما غلا الثمن، وذلك لكي لا يغدو مصير شاليط مثل مصير «رون أراد» الطيار الإسرائيلي الذي وقع في أسر حركة «أمل» في لبنان قبل حوالي 30 عاماً، وحتي لا تتحول صفقات التبادل بين جثث وأسري أحياء كما حدث في صفقة حزب الله.