التبادل التجاري بين مصر وسنغافورة يسجل 137 مليون دولار خلال 6 أشهر    محمود محيي الدين: يجب أن يسير تطوير البنية التحتية التقليدية والرقمية جنبًا إلى جنب    مصر وسنغافورة توقعان 7 مذكرات تفاهم لتعزيز التعاون المشترك    مصر ترحب باعتزام البرتغال الاعتراف بالدولة الفلسطينية    واشنطن بوست: وسط المجاعة والقصف.. الديمقراطيون يراجعون موقفهم من إسرائيل    مصطفى عسل وهانيا الحمامي يتوجان ببطولة CIB المفتوحة للإسكواش 2025    مجلس الشمس يشكر وزير الرياضة بعد نجاح جمعيته العمومية    فليك: يامال سيتوج بالكرة الذهبية يوما ما    وزير الثقافة ينعى مجدي قناوي المدير السابق للأكاديمية المصرية بروما    «الصحة» تبحث التعاون مع مستشفى رينجي الصينية بمجالات التكنولوجيا الطبية    9 كليات بنسبة 100%.. تنسيق شهادة قطر مسار علمي 2025    تحت شعار «عهد علينا حب الوطن».. بدء العام الدراسي الجديد بالمعاهد الأزهرية    أكاديمية الشرطة تنظم دورة لإعداد المدربين في فحص الوثائق    ترامب: نجري محادثات لاستعادة قاعدة بغرام بأفغانستان.. وإعادة تأسيس وجود عسكري أمريكي صغير هناك    الولايات المتحدة تلغي «الحماية المؤقتة» للسوريين    رئيس جامعة حلوان: لدينا 37 جنسية و7 آلاف طالب    أجواء احتفالية أثناء استقبال الطلاب في أول أيام العام الدراسي الجديد بجامعة أسيوط    إزالة 11 حالة تعد على الأراضى الزراعية ب5 قرى بمركز سوهاج    تشكيل ريال مدريد - رباعي يقود الهجوم ضد إسبانيول.. وجارسيا أساسي    بهدية صلاح.. ليفربول يتقدم على إيفرتون في الديربي    الدوري الإنجليزي.. محمد قدوس يقود تشكيل توتنهام ضد برايتون    "بحضور لبيب والإدارة".. 24 صور ترصد افتتاح حديقة نادي الزمالك الجديدة    رامي ربيعة يعود للتشكيل الأساسي مع العين بعد غياب 3 أسابيع    نص أمر إحالة رمضان صبحي للمحاكمة الجنائية بتهمة التزوير    حملات موسعة لإزالة الإشغالات واستعادة المظهر الحضاري بشوارع الزقازيق    بعد معاناة طويلة.. القليوبية تنهي أزمة طلاب ورورة بسور وبوابات جديدة (صور)    «الداخلية» توضح حقيقة مشاجرة سيدتين واستدعاء إحداهما ضابطا للتعدي على الأخرى بالشرقية    "كان بيعدي الطريق".. مصرع طالب بالعلاج الطبيعي في حادث مأساوي بالقليوبية    تحذيرات من النظر.. كسوف جزئي للشمس غدا الأحد (تفاصيل)    المشدد 7 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لمتهمين بالاتجار فى المواد المخدرة بقنا    إطلاق مبادرة لنظافة شوارع القاهرة بمشاركة 200 شاب    انطلاق الدورة الثالثة من مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة الخميس المقبل    بالتخصص.. كريم عبد العزيز يتصدر موسم صيف 2025 ب"المشروع x"    كاتب "Bon Appétit, Your Majesty" يرد على الانتقادات: "لم نختلق شيئًا واستندنا إلى وثائق"    "مش قادرة أقعد وشايفاكم حواليا" رسالة موجعة لفتاة مطروح بعد فقدان أسرتها بالكامل (فيديو)    نيكول سابا تخطف الأضواء خلال تكريمها في حفل "دير جيست"    موعد صلاة العصر.. ودعاء عند ختم الصلاة    بالصور.. تكريم 15 حافظًا للقرآن الكريم بالبعيرات في الأقصر    ماذا يعلمنا دعاء الوتر؟.. رئيس جامعة الأزهر يوضح    دليل مواقيت الصلاة اليومية اليوم السبت 20 سبتمبر 2025 في المنيا    محافظ الأقصر يكرم عمال النظافة: "أنتم أبطال زيارة ملك إسبانيا" (صور)    المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل تستهدف 12 مليون مواطن    وزير الصحة يبحث مع مسئولي هواوي التعاون في التكنولوجيا الطبية    طريقة عمل العيش الشامي في البيت، توفير وصحة وطعم مميز    ليفربول ضد إيفرتون.. محمد صلاح يقود هجوم الريدز فى ديربي الميرسيسايد    خطة شاملة لتعزيز الصحة المدرسية مع انطلاق العام الدراسي الجديد    الأردن يفوز بعضوية مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية    رئيس جامعة بنها يهنئ الطلاب بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد    اتفاقية تعاون بين التخطيط القومي وتنمية المشروعات لدعم استراتيجيته وتطوير برامجه    مركز حقوقي فلسطيني: الاحتلال يحاول خلق أمر واقع تستحيل معه الحياة بغزة لتنفيذ التهجير القسري    من كنوز الفراعنة إلى سبائك الصاغة.. حكاية الأسورة الضائعة من المتحف المصري    9 محظورات للطلاب بالعام الدراسى الجديد.. تعرف عليها    «مفرقش معايا كلام الناس»| كارول سماحة ترد على انتقادات عملها بعد أيام من وفاة زوجها    بينها أطفال بلا مأوى وعنف ضد نساء.. التضامن: التدخل السريع تعامل مع 156 بلاغا خلال أسبوع    مدير مدرسة بكفر الشيخ يوزع أقلام رصاص وعصائر على تلاميذ الصف الأول الابتدائي    مدبولي: وجود بنية أساسية متطورة عامل رئيسي لجذب الاستثمارات في مصر    القومي للمرأة ينظم لقاء حول "دور المرأة في حفظ السلام وتعزيز ثقافة التسامح"    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب بين ماكين وأوباما
نشر في أخبار مصر يوم 16 - 06 - 2008


الأهرام: 16/6/2008
‏لابد أن نتوقع تغييرات رئيسية في السياسة الخارجية الأمريكية في منطقتنا العربية سواء كان الساكن الجديد في البيت الأبيض هو السيناتور الديمقراطي باراك أوباما‏,‏ أو كان هذا الساكن الجديد هو السيناتور الجمهوري جون ماكين‏,‏ وبطبيعة الحال فمن المنتظر أن يكون التغيير أوضح‏,‏ وأسرع في حالة أوباما‏,‏ لكن المؤكد أن مسار التغيير المتوقع سوف يختلف بين الرجلين‏.‏ السيناتور أوباما هو الأوضح التزاما بالتغيير في ثلاثة اتجاهات‏:‏ أولا أنه تعهد بسحب القوات الأمريكية من العراق‏,‏ وثانيا دعا إلي الحوار مع إيران‏.‏ وثالثا‏:‏ كان قاطعا ومباشرا في تأكيد أن تسوية القضية الفلسطينية تحقق مصلحة قومية أمريكية‏,‏ وتشكل أفضل ضمان لأمن إسرائيل‏.‏
موقف أوباما من الغزو الأمريكي للعراق لا يحتاج إلي كثير من التفصيل‏,‏ فهو قد أدان الغزو بوصفه خطأ منذ البداية‏,‏ بل إنه كثيرا ما اتخذ من تصويت منافسته علي ترشيح الحزب الديمقراطي السيناتور هيلاري كلينتون لمصلحة قرار الغزو حجة قوية علي أن الخبرة السياسية التي تدعيها لنفسها‏,‏ وتعيب عليه افتقاره إليها‏,‏ لم تمنعها من ارتكاب ذلك الخطأ المميت‏.‏
وهو وإن كان يرفض تسلح إيران نوويا‏,‏ ولا يغفل ما يسميه الأمريكيون والإسرائيليون تهديدا إيرانيا لوجود إسرائيل في إطار الحرب الكلامية المشتعلة بين طهران‏,‏ وبين كل من واشنطن وتل أبيب‏,‏ إلا أنه لا يبالغ في تصوير ذلك التهديد‏,‏ وكأنه حقيقة واقعة‏,‏ أو كأنه تهديد قابل للتنفيذ الفوري‏,‏ وبالقطع فإن الحوار مع طهران ضروري لأي رئيس أمريكي يريد الخروج بأقل خسارة من المستنقع العراقي‏,‏ وهنا فإن الرجل يبدو متسقا مع نفسه‏,‏ لأنه التزم صراحة‏,‏ ومنذ اليوم الأول في حملته الانتخابية‏,‏ بسحب قواته من العراق في أسرع وقت ممكن‏.‏
في القضية الفلسطينية‏,‏ ودون إخلال بأمن إسرائيل‏,‏ وبقائها كدولة يهودية‏,‏ يبدو أوباما منتميا أكثر من أي سياسي أمريكي للتيار المتنامي بين النخبة الأمريكية بما في ذلك اليهود الأمريكيون المؤمنون بضرورة إنقاذ إسرائيل من نفسها‏,‏ أي إنقاذها من تحكم الأجنحة المتطرفة الرافضة لتقديم ما يسمي ب التنازلات المؤلمة من أجل السلام الشامل مع جيرانها‏,‏ وأولهم الفلسطينيون‏,‏ وحتي وقت قريب كان مستشاره للشئون الفلسطينية الإسرائيلية هو روبرت مالي مساعد الرئيس السابق كلينتون في الاختصاص نفسه‏,‏ وهو الرجل الذي شهد بالحق مدافعا عن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في قمة كامب ديفيد الثلاثية بين عرفات وكلينتون وإيهود باراك رئيس وزراء إسرائيل آنذاك‏.‏
وكان مالي قد استقال من حملة أوباما بسبب تكشف اتصالات سرية له مع حركة حماس‏,‏ مفضلا عدم الإضرار بمرشحه‏,‏ ولكن دون أن تخفي دلالة ما فعله علي أن السيناتور أوباما مهتم بالجانب الفلسطيني‏,‏ ومهتم ببذل أقصي الجهد فور انتخابه لتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني‏,‏ وسائر جوانب الصراع العربي الإسرائيلي‏,‏ وهو علي أي حال تعهد بذلك بصراحة في خطابه أمام إيباك‏,‏ لذا فمن المتوقع أيضا أن يدخل في حوار مع سوريا‏,‏ ويوفر الرعاية المطلوبة لمحادثات السلام السورية الإسرائيلية الجارية الآن بوساطة تركية‏.‏
ستكون توقعاتنا للتغيرات في سياسة واشنطن في الشرق الأوسط تحت قيادة الرئيس باراك أوباما أكثر مصداقية إذا نظرنا إليها في السياق الأشمل لرؤيته لما يجب أن تكون عليه سياسة بلاده في العالم ككل‏,‏ فالرجل ينتمي إلي ما يعرف في التقاليد الأمريكية بتيار الليبرالية الدولية‏,‏ كما يقول البروفيسور مايكل مان‏,‏ أستاذ العلاقات الدولية بجامعة كولومبيا‏,‏ الذي ينتمي هو نفسه إلي ذلك التيار‏,‏ وهو تيار يرفض تماما أية أوهام إمبراطورية‏,‏ ويدرك أن حدود القوة الأمريكية‏,‏ ومعطيات العصر الذي نعيش فيه‏,‏ تتيح للولايات المتحدة دور القائد الأكثر تأثيرا للنظام العالمي‏,‏ وليس دور الإملاء الإمبراطوري‏,‏ ومن ثم‏,‏ فإن أفضل سياسة تحقق المصالح الأمريكية‏,‏ وفي مقدمتها الأمن القومي‏,‏ وتحقق في الوقت نفسه الاستقرار والسلم الدوليين هي العمل الجماعي في إطار الشرعية الدولية‏,‏ وليس الانفراد‏,‏ والإملاء اعتمادا علي القوة العسكرية‏,‏ وإشعال صراع الحضارات‏.‏
وبالطبع فإن الوصول إلي هذه الحالة العالمية يتطلب تسوية النزاعات الإقليمية‏,‏ وإقامة ترتيبات للأمن الجماعي علي مستوي كل إقليم‏,‏ وعلي مستوي العالم‏,‏ وكذلك التعاون في مواجهة المشكلات ذات الطبيعة الكونية مثل تغير المناخ‏,‏ وأزمة الطاقة‏,‏ وأزمة الغذاء‏,‏ ومكافحة الإرهاب‏..‏ إلخ‏.‏
القصة ستكون مختلفة كثيرا في حالة فوز السيناتور الجمهوري جون ماكين برئاسة الولايات المتحدة في الانتخابات المقبلة‏.‏
الرجل ينتمي من كل النواحي إلي جيل الحرب الباردة‏,‏ ومن هنا يبدو منطقيا استعداده للبقاء في ميدان الحرب بالعراق لمدة مائة سنة أخري‏,‏ إذا كان ذلك ما يتطلبه كسب الحرب ضد الإرهاب‏,‏ علي حد قوله‏,‏ وقد يؤدي هذا التشدد إلي تصعيد لا حدود له للصراع في العراق‏,‏ وحوله امتدادا إلي إيران‏.‏
في سياق آخر‏,‏ ولكنه متصل‏,‏ سيحاول ماكين إذا انتخب رئيسا للولايات المتحدة أن يستأنف ما فشلت فيه إدارة بوش من احداث التحول الديمقراطي في الشرق الأوسط الكبير علي الطريقة الأمريكية‏,‏ ويتذكر كاتب هذه السطور خطابا لماكين في مؤتمر ميونيخ لسياسات الأمن الدولي بحضور عدد من الوزراء العرب عام‏2005‏ وجه فيه انتقادات حادة لجميع النظم العربية‏,‏ واتهمها بالفساد والديكتاتورية‏,‏ وطالب بممارسة أقسي الضغوط عليها لتغييرها‏,‏ أو لإجبارها علي تنفيذ الاصلاح‏.‏ ومثلما قلنا في حالة السيناتور أوباما‏,‏ فإن التغيرات المتوقعة في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط تحت رئاسة ماكين إذا كان هو الذي سيسكن البيت الأبيض تعد جزءا لا يتجزأ من رؤيته ورؤية معسكره لما يجب أن تكون عليه السياسة الأمريكية في العالم‏,‏ وهي رؤية صراعية تقسم العالم إلي دول ديمقراطية‏,‏ ودول غير ديمقراطية‏,‏ وكان أقصي تنازل قدمه ماكين في حملته للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للمطالبين بالتخلي عن النزعة الانفرادية العسكرية في السياسة الخارجية الأمريكية هو الدعوة إلي إنشاء منظمة دولية جديدة للدول الديمقراطية تحت قيادة الولايات المتحدة بالطبع لتتخذ القرارات‏,‏
وتنفذ السياسات المطلوبة فرضها علي الدول غير الديمقراطية‏,‏ وهي في رأيه الصين وروسيا‏,‏ والدول العربية‏.‏
الولايات المتحدة‏,‏ والعالم‏,‏ ومنه الشرق الأوسط إذن أمام بديلين متناقضين‏..‏ إما عالم أوباما الوفاقي‏,‏ وإما عالم ماكين الصراعي‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.