ربما تسفر الاعتراضات على الوقود الحيوي الذي يرى كثيرون أنه من أسباب الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم عن نتيجة غير مقصودة تتمثل في ارتفاع أسعار الطاقة. وازداد استخدام الوقود الحيوي بشدة في الدول التي تبحث عن سبل لتقليل واردات المنتجات النفطية المكلفة، غير أن تحويل الطعام الى خزانات وقود السيارات بدلا من متاجر البقالة أدى الى ظهور أصوات معارضة خاصة ضد " الايثانول" الذي تنتجه الولاياتالمتحدة من الذرة. وينادي بعض الساسة الأمريكيين ومن بينهم السناتور جون مكين مرشح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة المسئولين عن شئون البيئة بتقليص التشريعات الخاصة بالوقود المتجدد، كما حث مستشار للأمين العام للأمم المتحدة فى مايو 2008 الولاياتالمتحدة وأوربا على تقليل استخدام الوقود الحيوي لتخفيف الضغط عن أسعار الأغذية الملتهبة. وقال ايريك ويتناور المحلل المتخصص في الطاقة في مؤسسة ايه.جي ادواردز بسانت لويس "استخدام الوقود الحيوي يمكن أن يساعد في إبطاء معدلات زيادة أسعار البنزين، لهذا فإذا حدث رد فعل من شأنه الغاء تشريعات استخدام الوقود الحيوي سيؤدي هذا الى زيادة استخدام الوقود المشتق من البترول ومن الناحية النظرية الى ارتفاع أسعار" الطاقة. وحقيقة الأمر أن الوقود الحيوي كان له أثر ملحوظ على نظام الطاقة العالمي، وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن يمثل الوقود الحيوي 2.3 % من استخدام النفط العالمي بحلول عام 2015 و3.5 % عام 2030 ارتفاعا من 1 % حاليا. وأقرت الولاياتالمتحدة في عام 2007 قانونا يقضي بأن تتضمن إمدادات البلاد من البنزين 36 مليار جالون من الوقود المتجدد بحلول عام 2022. وبمعدلات الاستهلاك الحالية سيؤدي هذا الى أن يشكل الإيثانول 25 % من الطلب على البنزين، وستبلغ إمدادات الإيثانول من الذرة 15 مليار جالون أي نحو مثلي طاقة الإنتاج الحالية. في الوقت نفسه تعهد قادة الاتحاد الأوربي عام 2007 بزيادة نسبة الوقود الحيوي المستخدم في وسائل النقل البري التي تستهلك البترول والديزل الى 10 % بحلول عام 2020. وقالت ليندا دومان المحللة في إدارة معلومات الطاقة إن إزالة الوقود الحيوي من خليط الوقود "بالتأكيد لن يفيد في ( خفض) أسعار النفط، نتيجة لقلة الطاقة الإنتاجية الاحتياطية والمخاوف من تعطل الإمدادات سيكون هناك أثر على سعر النفط". وارتفعت أسعار النفط لستة أمثالها منذ عام 2002 إثر ازدياد الطلب من الصين والهند ودول أخرى تشهد نموا سريعا. ومصداقا للتوقعات فإن جماعات الضغط المهتمة بالإيثانول الأمريكي ترسم صورة قاتمة حول تأثير تشريع يهدف لخفض نسبة الوقود الحيوي على أسعار البنزين. وفي الأسبوع الأول من مايو 2008 حذرت رابطة الوقود المتجدد من أن أسعار البيع للمستهلك ستقفز بمعدل يزيد عن دولار للجالون اذا نفذ المسئولون الأمريكيون اقتراح حاكم تكساس ريك بيري بالتخلي عن نصف تفويض عام 2008 الذي ينص على تسعة مليارات جالون من الايثانول. غير أن خبراء في مجال الطاقة وصفوا هذا التوقع أنه مبالغ فيه قائلين إن سعر ضخ البنزين سيرتفع على الأرجح بمقدار بنسات للجالون. ويقولون إن شركات التكرير الأمريكية ستشتري ما يصل الى 80 % من الإيثانول الذي يستخدمونه حاليا لإنتاج البنزين المحسن وهو وقود لا يسبب إحراقه تلوثا تقضي اللوائح باستخدامه في مناطق تزيد فيها نسبة التلوث في البلاد. وقال أنطوان هاف المحلل بمجموعة نيو ايدج في نيويورك إن جزء كبير من تفويض عام 2008 سيذهب الى البنزين المحسن وهي سوق احتكارية. وفي حين هزت أسعار الغذاء الملتهبة الاقبال على الايثانول والديزل الحيوي فمن المستبعد أن يطرأ تراجع كبير على أهداف الانتاج الطموحة في الولاياتالمتحدة في ظل ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش. وقال هاف "يبدو لي من المرجح أن يعيد النواب النظر في سياسة الإيثانول بعد الانتخابات". في الوقت نفسه فإن مشكلة تضخم أسعار الغذاء والوقود ستزيد الضغط في الغالب على الدول المستهلكة للطاقة لتبتعد عن استخدام الوقود الحيوي القائم على الغذاء. وقال ساندر كوهان المحلل بشركة انرجي سيكيوريتي اناليسيس في بوسطن "زيادات الأسعار ستمثل قوة لتسريع تنمية المواد الخام غير القائمة على الأغذية." ويشير خبراء الى أن هذا قد يزيد احتمال أن ترفع الولاياتالمتحدة الرسوم التي تفرضها على الإيثانول البرازيلي والبالغة 54 سنتا للجالون ويقوم في معظمه على السكر. (رويترز)