يكدس المهربون الصناديق فوق زوارقهم السريعة ويغطونها بقماش مشمع قبل أن ينطلقوا في الغروب في رحلة قصيرة تنطوي علي مخاطرة كبيرة عبر مضيق هرمز الاستراتيجي من سلطنة عمان الي ايران. ويعودون في الصباح الباكر بزوارقهم الفارغة مستعدين لتحميلها من جديد في ميناء خصب الخليجي الصغير بشبه جزيرة مسندم المعزولة الواقعة في شمال عمان. يذكر، أن التجارة مع ايران قديمة قدم البلدات الصغيرة المطلة على مضيق هرمز الذي يمر منه ثلث شحنات النفط على مستوى العالم، ففي عام 2005 قال قائد الشرطة في ايران ان بضائع تقدر قيمتها بنحو 6 مليارات دولار مثل قطع غيار أجهزة الكمبيوتر والشاي والسجائر تهرب من الخليج الى البلاد سنويا. وأضافت التوترات بين الولاياتالمتحدة والجمهورية الاسلامية مخاطر جديدة إلي الرحلة القديمة، وأثار وصول حاملة طائرات أمريكية ثانية الي الخليج في ابريل/ نيسان 2008، المخاوف من أن تكون واشنطن تعتزم شن هجوم علي ايران. وينفي الجيش الامريكي هذه الفكرة لكنه يتهم طهران بدعم الميليشيات العراقية ومقاتلي طالبان في أفغانستان كما تقول واشنطن ان ايران تسعي الي امتلاك أسلحة نووية متخفية وراء ستار برنامج نووي لتوليد الطاقة غير أن طهران ترفض هذه الاتهامات. وعلي صعيد آخر، شهد عام 2008 أربع مواجهات بين سفن دورية امريكية وزوارق صغيرة وصفت وزارة الدفاع الامريكية -البنتاجون بعضها بأنها ايرانية مما كشف عن مخاطر جديدة للمواجهة في الممرات البحرية المزدحمة. وبالرغم من كل هذه المخاطر التي تكتنف الرحلة من ميناء خصب يفلت المهربون بالحيلة من نقاط مراقبة الواردات الايرانية والرسوم الجمركية الباهظة والاجراءات البيروقراطية في الموانيء المترامية الاطراف قائلين ان اغراء المال اكبر من أن يقاوم خاصة بالنظر الى قلة فرص العمل في ايران. وقال أحمد الذي يقوم برحلة يومية الى جزيرة قشم الايرانية على بعد نحو 40 كيلومترا منذ 3 سنوات، أن البضائع تأتي من دبي ويحملها بطريقة غير مشروعة إلي ايران، وأضاف المهرب الافغاني الاصل انه يحصل علي 300 الف ريال عن المرة ويقوم بالرحلة من مرتين الي ثلاث مرات يوميا. ويقول مهربون ان الدوريات الايرانية تتقاضى مليون ريال بما يوازي 110 دولارات عن الزورق كي تغض الطرف عن حمولته التي تتفاوت من الاحذية الصينية الي المشروبات الغازية والسجائر وأجهزة التلفزيون. اما هؤلاء الذين يفشلون في دفع رشي او يصادفون حارسا ايرانيا نزيها فكثيرا ما يتعرضون لاطلاق النار مما يضطرهم الي التخلص من حمولاتهم غير المشروعة تجنبا لدفع غرامات ودخول السجن. وفي سلطنة عمان تمر الصادرات عبر المنطقة الجمركية المحلية بل ان السلطنة تعتزم اقامة منطقة للتجارة الحرة بجوار ميناء خصب في اطار جهودها لتنويع اقتصادها بعيدا عن النفط. ويقول مسؤولون ايرانيون ان حدود ايران البحرية والبرية الطويلة تصعب مهمة التصدي لعمليات التهريب لكنهم اكثر قلقا بشأن المخدرات التي تأتي من أفغانستان وتهريب وقود البلاد المدعوم. ويقول مهربون في مسندم انهم يجلبون في احيان الوقود والروبيان او الماشية من ايران، لكن هذه التجارة تلقي الضوء في الاساس على الطريقة التي تدخل بها السلع الاستهلاكية الي الجمهورية الاسلامية عبر دول الخليج خاصة تلك التي تفرض عليها الولاياتالمتحدة حظرا مثل أجهزة الكمبيوتر. وكانت الولاياتالمتحدة قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع ايران وفرضت عليها عقوبات تجارية بعد أن أطاحت الثورة الاسلامية بالمملكة المتحالفة مع الولاياتالمتحدة عام 1979، وشددت واشنطن من عقوباتها التجارية في الاِشهر الاخيرة حيث تقود حملة لعزل ايران. ومن جهة اخري فرض مجلس الامن التابع للامم المتحدة 3 جولات من العقوبات على ايران بسبب برنامجها النووي، وهو ما لم يؤثر علي ميناء خصب، حيث تمثل تجارة اعادة التصدير موردا كبيرا للاموال في اقتصاد صغير. (رويترز)