فيما يتزايد احتمال ان يتولى رئيس امريكي من اصل افريقي رئاسة البيت الابيض، لا تزال الهوة سحيقة بين السود والبيض في المجتمع الامريكي، الذي لا يزال يعاني من العنصرية بالرغم من التقدم الذي تحقق منذ اقرار الحقوق المدنية للسود. وقال السيناتور باراك اوباما المرشح لتمثيل الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية بعد جدل نتج عن تصريحات ادلى بها مرشده الروحي السابق واعادت العنصرية الى صلب الحملة الانتخابية “العنصرية موضوع لا يمكن للبلاد ان تتجاهله (..) انه طريق مسدود يعيقنا منذ سنوات”. وصادف امس (الجمعة) اليوم العالمي لمكافحة التمييز العنصري. يبلغ عدد السود في الولاياتالمتحدة اربعين مليون نسمة من اصل عدد اجمالي من السكان قدره 300 مليون، ولا يمثلون بالتالي سوى 13% من السكان، ما يجعل منهم ثالث اكبر مجموعة امريكية بعد المتحدرين من امريكا اللاتينية البالغ عددهم 42 مليون نسمة. كما انها المجموعة التي تشهد ادنى نسبة نمو. ويتركز السود في الولايتين الصناعيتين (ميتشيجان والينوي) وفي جنوب فرجينيا، ويشكلون أغلبية السكان في لويزيانا والميسيسبي. ويعيش السود في المدن معزولين عن البيض في مناطق اشبه بالغيتوهات. ويبقى التفاوت صارخا بين السود والبيض فتتضاعف احتمالات البطالة والفقر بالنسبة للسود ويبلغ معدل البطالة 8% بينهم مقابل 4% لمجمل السكان، فيما يصنف 25% من السود دون عتبة الفقر. كما يقدر معدل دخل السود بحوالي 32 الف دولار سنويا مقابل حوالي 51 الفا للبيض بحسب مكتب الاحصاءات. اما على الصعيد الصحي فالتفاوت كبير ايضا اذ يقل معدل عمر الرجل الاسود بست سنوات عن معدل عمر الابيض. كما يشكل السود 47% من ايجابيي المصل لفيروس مرض نقص المناعة المكتسبة(ايدز) مقابل 34% من البيض. ويمتد التفاوت حتى الى السجون حيث يبلغ عدد السود ستة اضعاف عدد البيض كما ان اسود من اصل كل 15 مسجونا. لكن ليونارد ستاينهورن الاستاذ في الجامعة الامريكية لفت الى انه منذ منتصف الستينات والكفاح ضد التمييز العنصري “لا يمكن لأحد ان ينكر حصول تغييرات” مشيرا الى ظهور طبقة وسطى امريكية. وتابع ستاينهورن الذي صدر له كتاب حول العلاقات العرقية “ان احراز تقدم لا يعني التغاضي عن مخلفات الرق والعنصرية”، في وقت كشفت دراسة اجرتها جامعة شيكاغو ان 60% من الشبان السود يشعرون بأنهم منبوذون من المجتمع الامريكي. ورأى براين مونرو نائب رئيس تحرير مجلة “ايبوني” (الابنوس) اعرق مجلة للامريكيين السود ردا على اسئلة فرانس برس ان “تقدما طفيفا” تحقق على الصعيد الاقتصادي. وتابع “ثمة فارق في الدخل لكن الاهم الفرق الهائل في الثروات”. واوضح انه بسبب العبودية “لم يتمكن السود من جمع ثروات بمستوى التي جمعها مواطنوهم البيض”. وقال غاري ويفر استاذ العلاقات الدولية في الجامعة الامريكية “ان الامور تغيرت رغم كل شيء بشكل جذري”، واضاف المثقف الابيض متذكرا زواجه قبل 38 عاما من امرأة سوداء “ان ولاية فرجينيا كانت في تلك الفترة تحظر الزواج المختلط، والامر ذاته كان ينطبق على 17 ولاية اخرى. كل هذه القوانين لم تعد سارية اليوم”. وتابع “لدينا اليوم رجل مرشح للرئاسة يقول “والدتي كانت بيضاء ووالدي اسود”. لا يمكن ان ننكر التقدم الذي تحقق”. وفي وقت يزداد التقارب بين السود والبيض في الولاياتالمتحدة، يشير براين مونرو الى حوادث تذكر بانتظام بأن “العنصرية لا تزال حية ومنتشرة في بعض المناطق من البلاد” ففي جينا بولاية لويزيانا علقت حبال على غرار تلك التي كان يعلق بها السود ايام التمييز العنصري لإرهاب التلامذة ما اثار تظاهرات استنكار. غير ان جميع الآمال تبقى معلقة على الجيل الشاب الجديد، الذي يدعم حملة اوباما للتغيير.