تواصلت لليوم الثاني على التوالي موجات عبور آلاف الفلسطينيين من مدن قطاع غزة إلى الأراضي المصرية للتجول والتزود باحتياجاتهم. ومنعت قوات الأمن المصرية المرابطة على الحدود مع القطاع، أمس، المرور من الثغرات التي تم فتحها في الجدار الحدودي ونظمت عملية الخروج والدخول عبر بوابة صلاح الدين شمال معبر رفح. وكادت حادثة قتل كلب حراسة تابع للشرطة المصرية أن تتسبب في أزمة بعد أن قام بعضّ طفل فلسطيني أثناء مروره، فأطلق والد الطفل النار عليه وقتله وهو ما أثار أزمة مع الأمن المصري الذي أغلق البوابة نصف ساعة، ثم عاد لتشغيلها من جديد، حيث وصل عبر هذه البوابة إلى الأراضي المصرية في اليوم الثاني لفتح الحدود المصرية ما قدرت مصادر تعداده بنحو مائة ألف فلسطيني انتشروا بكثافة في مدن رفح المصرية والشيخ زويد والعريش وحاول عدد منهم الاتجاه غربا إلى القاهرة والمحافظات الأخرى إلا أن قوات الأمن أعادتهم من على مدخل القنطرة على قناة السويس. من ناحيتها منعت السلطات المصرية بيع الوقود في العبوات البلاستيكية بعد أن تسبب ذلك في نفاد الوقود من محطات البنزين وأمرت السلطات أصحاب الأفران بالعمل طوال اليوم ومضاعفة كميات الإنتاج لمواجهة السيل البشري القادم من غزة، في حين شهدت مدينة العريش التي تحولت إلى سوق مفتوح، حركة رائجة للتجارة ونفدت من محلاتها المواد الغذائية وتضاعفت أسعارها. الفلسطينيون في الأراضي المصرية تعددت مآربهم وإن كان جميعهم يتفق على هدف واحد وهو التزود ما أمكن بالحاجيات من الطعام. وكان لافتا أن البعض منهم اتجه لشاطئ البحر وأصر رغم البرودة على أن تغمر جسده مياه بحر مصر. وعند مدخل مدينة رفح المصرية وصل الفلسطينيون عبر البوابة مشيا على الأقدام لمسافة تقارب كيلو ونصف الكيلومتر لا يحملون معهم إلا المال حيث تنتظرهم مئات من الحافلات المصرية التي تقلهم إلى مدينة العريش على بعد 40 كم عبر الطرق الجبلية الخلفية بعيدا عن الأكمنة. إقبال الفلسطينيين لم يكن فقط قاصرا على الأغذية وإنما تزايد بشكل ملحوظ على شراء الدراجات البخارية والهوائية بأعداد كثيرة في حين نشطت تجارة العملة. ملامح الفلسطينيين في شوارع مدن مصر الحدودية كانت تعكس اتجاهاتهم السياسية، وتثير فضول كثير من المصريين عن سؤالهم الذي كثيرا ما تحول إلى مزحة “حمساوي أم فتحاوي؟” ومع ذلك أكد عدد من الفلسطينيين التابعين لحركة حماس ل “الخليج” أنهم تلقوا تعليمات مباشرة بعدم التوجه إلى الجانب المصري وترك القطاع إلا لضرورة التزود بالحاجيات والعودة سريعا، بينما اعتبر آخرون تابعون ل “فتح” أن “لعنة استيلاء حماس على الحكم” هي ما تسبب في أزمتهم، وأن ما حدث من اختراق الحدود بكل الأحوال لن يكفل استمرار عيشهم في أمان بعيدا عن الحصار. وبعيدا عن اختلافات أطياف السياسة الفلسطينية كان حضور المواطنين البسطاء هو الأقوى في مشهد الالتحام المصري الفلسطيني، كما قال محمود سامي أحد أبناء رفح الفلسطينية وهو يعمل في السعودية ومنع من مغادرة القطاع، واعتبر أن ما تم فرصة لمغادرتها للحاق بعمله هناك بينما كانت مشاعر جياشة تحيط بأبناء قبائل السواركة والترابين والرميلات في مناطق شرق العريش والجورة ووسط سيناء وهم يستقبلون أبناء عمومتهم من القاطنين في القطاع لتلتحم أواصر القبيلة التي لا يفرقها إلا الحد الفاصل ومسمى الجنسية على البطاقات الشخصية كما ذكر أبناء هذه القبائل وتحولت كثير من دواوين ومضارب القبائل البدوية في صحراء سيناء إلى مراسم أفراح رسمية نحرت فيها الذبائح وعجل فيها بإقامة أفراح الزواج بحضور الأقارب قبل أن يعود الإغلاق. وفي ما استغل محمد نادي أحد أبناء مدينة غزة فرصه فتح الحدود لإتمام مراسم عقد قرانه على المصرية “سها” بعد أربع سنوات من قراءة الفاتحة، اتخذ البعض الآخر من الموقف فرصة للتجارة وتحقيق المكسب.