الاهرام : 25/11/07 تابعت بامعان ما نشرته المصري اليوم من مقدمات وفصول عن المراجعات التي أذاعتها الجماعات الاسلامية علي لسان أحد زعاماتهم بعنوان ترشيد الجهاد باعتبارها الكلمة الأخيرة في موضوع خطير شغل مصر والعالم وفجر في المنطقة عددا يصعب حصره من أحداث العنف الدامية والاغتيالات والحروب التي سقط لها كثير من الضحايا الأبرياء. والأمر الذي لاشك فيه أن عامة الشعوب الاسلامية بما فيها الشعب المصري ومثقفوه ومتعلموه لم تكن تشغلهم تفاصيل المبادئ الشرعية والاجتهادات الفقهية والخلافات المذهبية التي شكلت أفكار هذه الجماعات في تلك الفترة ولا الدوافع التي حركتهم ودفعتهم إلي الخروج في تنظيمات وتشكيلات مهيأة للصدام مع المجتمع هل هو الغضب أم الاحباط واليأس في مرحلة دقيقة من مراحل التحول؟. فمثل هذه الافكار لا تجتذب غير نوعية جري تنشئتها علي السمع والطاعة ولم يعرفوا فضيلة الحوار والنقاش والجدل خصوصا في مباحث وعلوم شرعية دأب الفقهاء في التراث الاسلامي علي اعتبارها من اختصاص أهل العلم. واللافت للنظر فيما تقرأه أنك بازاء تراجعات وليست مراجعات.. وكأن نورا من السماء هبط فجأة علي العقول والقلوب.. فما كان فريضة تستدعي الجهاد والاستشهاد من أجل تطبيق الشريعة, أضحي جوازيا غير ملزم لأن له شروطا وظروفا غير متوافرة.. وكل ما كان مباحا من أعمال السطو والعنف لتمويل الجهاد أصبح مكروها وغير جائز.. والتغيير باليد والصدام مع الحاكم المسلم لتطبيق الشريعة ليس مناطا للتكليف لأن المستضعف والعاجز لايجب عليه الجهاد.. الي آخر هذه الأقوال والتفسيرات والتبريرات التي أضني زعماؤهم أنفسهم في تخريجها وصياغتها لاقناع أتباعهم بها.. والملاحظ بعد ذلك أننا بازاء هيراركية في القيادة تلزم جميع من دونها في المنزلة أو الدرجة, بأن يتقبل ما يلقي إليه من أفكار وآراء بالتسليم والطاعة مادام الأمراء والسابقون في العلم الشرعي قد هبطت عليهم قناعات واجتهادات جديدة. فالامارة التنظيمية لاتنفصل عن الامارة الفكرية. والامارة الفكرية هنا تصبح نوعا من احتكار الحقيقة التي تعطي لأمير التنظيم الحق في تغيير أفكاره واجتهاداته وإملائها علي أتباعه.. باعتباره الأكثر علما وفهما لمقاصد الشريعة. وليس شك في أن السجن لسنوات طويلة يترك آثاره علي وعي الفرد بذاته وبقدراته ويعمل علي تغيير أفكاره وقناعاته وقد ينقلب إلي ضد ما كان عليه أو يصبح عجينة سهلة في أيدي من ضللوه ويصبح هذا الانقلاب الفكري أكثر مصداقية لو وقع خارج أسوار السجون وتحت سماء الحرية حين يجلس الإنسان مع نفسه ليراجع أفكاره وقناعاته.. وفيما عدا ذلك يظل كل ما يقال مسألة قابلة للنظر والتأمل! المزيد من الاقلام والاراء