أثارت الزيارة الأخيرة للرئيس الايراني أحمدي نجاد الي سوريا ردود أفعال عديدة خاصة في اسرائيل والولاياتالمتحدة وفي الوقت نفسه ازدادت علامات الاستفهام حول توقيت الزيارة وأسرار اللقاءات التي عقدها أحمدي نجاد علي هامش اجتماعه مع الرئيس الأسد, والتي شملت حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني في مفاجأة حقيقية- وخالد مشعل قائد حماس الفلسطينية, وبعض قادة الفصائل الأخري. وما أثاره الرئيس الايراني في المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس الأسد من أنه يعتقد أن هذا الصيف سيصبح ساخنا وأضاف فوق علامات الاستفهام غموضا وترقبا للأحداث في الفترة المقبلة! ..ما زال التحالف السوري الايراني يؤرق اسرائيل وربيبتها أمريكا وهو ما يفسر ردود أفعالهما المستنكرة بمجرد اتمام الزيارة برغم تأكيد بعض المراقبين أن الزيارة جاءت للتهنئة بالولاية الجديدة للرئيس السوري وانها كانت مرتبة سابقا ولم تكن مفاجأة الا أن التقارير الاسرائيلية ألقت بالشكوك حول البواعث الحقيقية لهذه الزيارة حتي ذهب يوئيل ماركوس في صحيفة' هاآرتس' العبرية الي ثلاث روايات آتية من' مصادر أمنية' تتوقع الأولي هجوما مشتركا من حزب الله وسوريا وايران وفي رواية أخري معدلة يضيفون حركة حماس. وتفيد الرواية الثانية بأن حزب الله سيهاجم في حين تساعده سوريا بالصواريخ بعيدة المدي أو تشن سوريا عملية خاطفة لتحرير الجولان. وتتحدث الرواية الثالثة عن هجوم صاروخي بالصواريخ الحديثة والثقيلة ضد كل العمق' الإسرائيلي'. ونقلت هاآرتس عن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل الجنرال عاموس يادلين قوله إن جاهزية سوريا للحرب أكثر من أي وقت مضي لا تعني أنها معنية بالخروج للحرب لكنه أضاف أن اندلاع الحرب في الصيف يبقي إمكانا معقولا جدا من وجهة نظر رئيس هيئة الأركان, ويعود ماركوس ليذكر القادة العسكريين بأن المناورة الواسعة النطاق التي أجراها الجيش السوري بجانب الحدود أثارت هلع القادة الإسرائيليين. .. إيران وحزب الله هما خياران استراتيجيان لسوريا ورغم معرفة الولاياتالمتحدةالامريكية واسرائيل ذلك الا أنهما مصرتان علي تدمير هذا التحالف بشتي الطرق وأمام هذا السلوك ذهبت الولاياتالمتحدة ومعها إسرائيل للضغط بشدة علي سوريا وعبر ثلاثة خيارات تصاعدية لإخضاعها أو تحييدها وهي: 1) تسوية سياسية تخرج سوريا من المواجهة ضد إيران والقوي التي تدعمها. 2) قلب النظام وهو خيار كان له الأولوية قبل حرب لبنان في يوليو العام الماضي وما زال خيارا مطروحا. 3) الحرب علي سوريا كخيار أخير حين يكون الأمريكيون والإسرائيليون في وضع مناسب وأفضل مما هم عليه الآن. وبحسب ما عبرت عنه رسالة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت للرئيس السوري بشار الأسد منذ فترة فإن سوريا مدعوة للإنخراط مع إسرائيل في مفاوضات لاسترجاع الجولان مقابل فكها للتحالف مع إيران والتخلي عن قوي المقاومة. والسؤال هل سيوافق الأسد علي ذلك؟. . . هناك أربعة احتمالات للاجابة عن هذا السؤال: * الأول: وهو الاحتمال البسيط الذي تقدم فيه إسرائيل الجولان مشروطا ببقاء المستوطنات والقواعد العسكرية الإسرائيلية مقابل تحييد سوريا سياسيا وعسكريا من أي مواجهة إقليمية. * الثاني: أن تكون للمفاوضات أهداف مطوية من قبيل: 1-تحسين صورة أولمرت بطمأنة الشعب بوجود تسوية تنهي الصراع والقلق. 2-إضعاف المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق عبر القول: هذه سوريا قد ركبت في قطار التسوية. 3-إخراج حكومتي السنيورة وعباس من المأزق ودفع الدول العربية بقوة نحو التسوية المباشرة مع إسرائيل. 4-تحسين أوراق التفاوض الأمريكية مع الإيرانيين حول وضع العراق. 5-الاستفادة من التداعيات المتوقعة لزعزعة النظام السوري وقلبه ودفعه للدوران في الفلك العربي المعتدل. * الثالث: أن تكون الخطوة مجرد آلية لفحص وضع سوريا ومدي استعداد الأسد لتغييرات سياسية جوهرية ولاستنتاج مدي جدية سوريا في خوض حرب أو مدي جدية وثبات تحالفها مع إيران. * الرابع: أن يكون المطلوب من المفاوضات ملء الوقت الإسرائيلي الضائع أو إبقاء سوريا تحت الضغط السياسي عبر الشروط المشددة وإيصاد باب المفاوضات في اللحظة المناسبة لشن حرب إذ يمكن حينها أن تعلن فشل المفاوضات وتلقي باللائمة في ذلك علي سوريا. المراقبون هنا وبمعزل عن أهمية الاحتمالات الآنفة يؤكدون أنه إذا كانت الولاياتالمتحدة وإسرائيل في ورطة فلماذا نتوقع أن تفك سوريا تحالفها المفيد مع إيران أو أن تتخلي عن أوراق المقاومة التي تمتلكها! ويري البعض الآخر أن الأمريكيين حاليا جادون في زعزعة النظام السوري بل إن الأمريكيين الآن يريدون من الأسد أكثر من ذلك, يريدون منه القيام بوظيفة واحدة وهي مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة وفي العراق خاصة.وهو ما ينفيه المسئولون السوريون دائما اعلاميا بالتصريحات وعمليا باللقاءات المستمرة بين القادة سواء في ايران أو سوريا وآخرها زيارة الرئيس أحمدي نجاد لدمشق. ومن دون شك فإن بقاء سوريا قوية بتحالفاتها من دون الجولان سيكون أفضل من سوريا ضعيفة مع رجوع الجولان, المرحلة هي مرحلة عض علي الأصابع في إطار الفصل الأخير من محاولات لي الذراع. وبحسب سياق الأحداث لم يكن مفاجئا ما تناقلته وسائل الإعلام العالمية من أن سوريا ستحصل علي طائرات روسية متطورة بتمويل إيراني, وإن نفت روسياالخبر إلا أن إيران وسوريا لم تنفياه. لكن هذا الخبر ليس جوابا علي رسالة أولمرت حول الجولان بل إنه جواب علي المناورات الأمريكية الإسرائيلية المشتركة التي جرت في صحراء النقب الشهر الماضي. إن سوريا لن تطمئن لأي خطوة قادمة من واشنطن بعدما رأت كيف تعاملت أمريكا مع العراق وصدام وكيف تعاملت مع الدولة الفلسطينية وعرفات وكيف تتعامل الآن مع لبنان وسوريا معا. فالأمريكيون الآن لا يعتمدون العمل الديبلوماسي فهم يحملون عصا غليظة من الجهتين وليس من خيارات أمامهم. إنهم يعتمدون حرب إلغاء للأدوار والنفوذ إنها: لا وسطية لا واقعية, فماذا علي دمشق أن تفعل سوي المضي في المواجهة ولن يعطي السوريون فرصة للأمريكان لتعطيل التحالف, إذ أنه في حال تخلي الأسد عن إيران فسيصبح الانفراد بإيران محتملا جدا وهو ما يجعل الأمريكيين بعدما يوجهون ضربة قوية لإيران في حل من أي إلتزام تجاه سوريا. ان الزيارة التي أنجزها نجاد أخيرا ولقاءاته المتعددة مع قادة المقاومة اللبنانية والفلسطينية للمشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة رسالة واضحة للمراهنين علي فك هذا التحالف بان المقاومة مستمرة طالما لا تريد الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تعطي مقابل الأخذ لأنه في عالم السياسة' لا شيء دون مقابل' حتي ولو كان طالب هذا الشيء أقوي ألف أو حتي مليون مرة من المطلوب منه!