أثارت فتوى أطلقها مفتي مصر الدكتور علي جمعة واعتبر فيها أن الغرقى أمام السواحل الإيطالية في رحلة للهجرة غير الشرعية «ليسوا شهداء» ونعتهم بأنهم «طماعون»، موجة انتقادات واسعة في مصر. وكانت فتوى جمعة عن الغرقى تسببت في أزمة في مجلس الشعب (البرلمان) بعد 24 ساعة فقط من بدء الدورة البرلمانية الجديدة، إذ قدم نواب من الغالبية والمعارضة والمستقلين بطلبات لمناقشة فتوى المفتي الذي حاول أمس تفسير كلامه عن المهاجرين الغرقى بالقول أن الشريعة الإسلامية «حريصة كل الحرص على الحفاظ على حياة وأرواح الشباب باعتبارهم مستقبل الأمة وحاضرها». وقال في لقاء أمس مع العاملين في دار الافتاء: «ترفض الشريعة، وتحرم على المسلم، أن يعرّض حياته أو جسده للأذى حتى لو كان لطلب الزيادة في الرزق من خلال السفر الى دول أخرى بطرق وأساليب غير مشروعة وغير آمنة والتي تؤدي الى الهلاك أو التوقيف والسجن في بعض الاحيان أو الغرق في الوقت الذي يأمن فيه ويسلم في بلاده». وقال أن «تحديد وبيان رأي الشرع في كون هذا الشخص أو غيره من شباب أمتنا الذين لقوا حتفهم غرقى قبالة السواحل الإيطالية - عليهم رحمة الله وغفر لهم وأسكنهم فسيح جناته - من كونهم شهداء أو يأخذون أجر الشهداء من عدمه (لا يتم) إلا بعد الإدراك الكامل لأهداف ونيات كل شاب على حدة». وسعى الى تبرير فتواه الأولى قائلاً: «بالشكل الظاهر ومن كون هؤلاء الشباب غامروا بحياتهم من أجل طموحهم المادي أو غير ذلك من الأمور الدنيوية في الوقت الذي يأمنون فيه في أوطانهم، فإنهم ليسوا بشهداء لأن هجرتهم غير الشرعية وغير الآمنة والذهاب الى الهلاك فيه مخالفة صريحة لله ولولي الأمر وللقوانين الخاصة بالسفر والخروج من البلاد بطريقة غير شرعية». أما النائب في البرلمان عن دائرة طوخ (التي تضم عدداً من المهاجرين الغرقى) الدكتور سيد عطية الفيومي، فقال: «ما كان على المفتي أن يزيد هموم الأسر المصرية والشعب المصري بوصفهم بأنهم طماعون وليسوا شهداء». وقال إن «مثل هذه الفتاوى في هذا التوقيت ذات مردود سيء». وقالت استاذة الفقه المقارن في جامعة الأزهر الدكتورة سعاد صالح ل «الحياة» إن «الفتوى محبطة وجائرة... هؤلاء الشباب اضطروا للهجرة لأنهم لم يجدوا فرص عمل بسبب الفساد وبالتالي حين سعوا للرزق ولقوا حتفهم فهم شهداء»، ورأت أن الفتوى «سياسية»، إذ تزامنت مع مؤتمر الحزب الوطني الذى تعهد فيه الرئيس حسني مبارك بإيجاد فرص عمل للشباب. في غضون ذلك، أصدرت دار الإفتاء المصرية أمس بيانا قالت فيه «إن القتل الناتج عن تعمد القتيل الانتحار والوقوف امام السيارات بحيث لا يستطيع السائق مفاداته ليس من قبيل الخطأ وان السائق له مطلق الحق في مقاضاة ورثته ومطالبتهم بتعويض عما اصابه من ضرر بليغ سواء في نفسه او في سيارته نتيجة لتهور القتيل أو رعونته»، موضحة انه اذا كان خطأ السائق هو السبب في موت القتيل او اذا كان الخطأ مشتركاً بين القتيل وقائد السيارة فإن القتل في هاتين الصورتين من قبيل القتل الخطأ وليس من قبيل القتل العمد». وكانت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان اتهمت السلطات بالتسبب في وفاة مواطنة تدعى رضا بكير شحاتة بعد سحلها امام عجلات سيارة «ميكروباص» تحمل ستة أفراد أمن تابعين لقسم شرطة المطرية (شرق القاهرة) الأحد الماضي.