لقد بدأت رحلتنا بصورة مثيرة مع القصور والغابات وخرائب حضارة المايا وأطلالها والاشجار التي تتفجر الينابيع من جذوعها، والثلج المتساقط على ابراج قديمة مغطاة بالطحالب والتاريخ العريق. ولكن ما ان اجتزنا المتحف الخرافي العلمي، حتى تحولت الامور الى وضع غريب. وقد حدث هذا عندما توقف الوحش القرمزي اللون الذي كنا نمتطيه عن الحركة، وتحولت الشاشة الى اللون الابيض. وجاء صوت الدليل ذي الشعر الشبيه بالإبر الذي كان يرتدي سروالا من الجلد: "عليكم بتلاوة صلاة لأننا سنعبر الحدود الان". وكنا مسافرين من "انديغو" الى "اوليف" (وهما اسمان لمكانين وهميين). وبات خادم الكومبيوتر مزدحما كثيرا، لان الاشخاص الذين كانوا يصطحبوننا في الرحلة يحملون معهم الكثير من المعلومات والبيانات. وهذا لم يبد جيدا على الشاشة. في اي حال اهلا وسهلا بكم الى العطل والاجازات الافتراضية، وفقا لاسلوب "الحياة الثانية"، الموقع الالكتروني الشهير على الانترنت،، اذ لا حاجة هنا الى المال، او الى تذاكر الطائرات، او حقائب السفر، او حتى الى ضرورة اتقان لغة اخرى. وكل ما يتطلبه الامر هو اختيار رمز، او شخصية افتراضية تمثلك، وبالتالي تنزيل برنامج مجاني مع القليل من النقرات على الماوس ومساعدة قليلة من احد "سكان"، او "مواطني" "الحياة الثانية" العتيدين مثل تيم ألين. * رحلات افتراضية ويقول تيم الين الذي يحمل اسم فليبر بيرجيرين في "الحياة الثانية"، والذي يرأس في الحياة الحقيقية شركة تقنيات في بنسلفانيا انه كان معتادا على الذهاب الى اوروبا خلال فصل الصيف عندما كان يافعا. ويضيف لوكالة "ميركوري نيوز" الاخبارية الاميركية "اما هنا فيمكنك ان تقفز من مكان الى اخر، وان تفعل ما تشاء في الصيف، ورؤية كمية التنوع والتغير خلال هذه الفترة". وقام ألين بتركيب هذا الوحش في عام 2003 كأسلوب لتوفير رحلات الى القادمين الجدد الى الموقع الذين يطلق عليه باسم "نيوبيز" newbies. واضاف: "عندما دفعت بالوحش لاول مرة الى الشاشة، احبه الجميع"، رغم انه توقف عن القيام بمثل هذه الرحلات، لان الكثير من الاشخاص والشركات باتت تقوم بذلك في عالم يضم نحو 8 ملايين عضو مسجل. واستنادا الى كاثرين سميث مديرة التسويق في مختبرات "ليندن لاب"، الشركة التي صممت "الحياة الثانية"، التي مقرها مدينة سان فرانسيسكو، انه من المنطقي ان تصبح الرحلات السياحية الافتراضية شعبية جدا في هذا العالم الذي يتراوح عدد سكانه بين 40 الفا و 50 الفا في اي لحظة من لحظات اليوم. وبالنسبة الى سميث فإن نحو 70 في المائة من مشاهدي "الحياة الثانية" الذين ينتمون الى الاقطار الاخرى يجعلون الموقع اسلوبا جيدا لاستكشاف مناطق جديدة، والتعلم من ثقافات مختلفة من جميع انحاء العالم. كما انه يوفر الفرصة الى اولئك الذين لا يستطيعون السفر اختبار ما يكون عليه السفر الى منطقة معينة عن طريق استخدامهم منصة ثلاثية الابعاد مثلا. وتضيف سميث قائلة "هناك الملايين من الاسباب المختلفة التي تحول دون المزيد من السفر. لكن هذه ليست تجربة كاملة، بل الشروع بواحدة منها". * سفر وسياحة وتعترف سميث انها تهوى الذهاب الى اليابان والنظر الى الثياب اليابانية وتذوق ما يكون عليه العالم، وبالتالي العودة الى الوطن بسرعة البرق. وهي لا تحتاج في هذا السفر الى جواز سفر، بل حتى يمكنها استخدام برنامج مجاني للترجمة يدعى "بابلر" Babbler الذي يقوم بالترجمة في الزمن الحقيقي من اللغة اليابانية واليها، وكذلك الصينية والهولندية والبرتغالية والايطالية والفرنسية والالمانية والاسبانية من بين لغات اخرى. ويمكن للسياحة في "الحياة الثانية" ان تتخذ شكلين: الاول استخدام العالم الافتراضي كوسيلة لتعزيز السياحة العالمية، او فقط السياحة داخل العالم الافتراضي لرؤية مواقع لا توجد إلا افتراضيا، وهي من ابتكار احدهم. وتقول جوانة غولد، 25 سنة، التي تدعى "هانك هولو" في الحياة الثانية، انه من غير المقصود بالسياحة الافتراضية الحلول محل السياحة الواقعية. وتضيف ان "السياحة الافتراضية هي اسلوب للشعور والحصول على الاحساس بالأشياء الموجودة في المناطق الاخرى من العالم التي تختلف تماما عن قراءة كتاب او زيارة عدد من الوصلات على الشبكة". وفي الوقت الذي هو ليس من الصعب العثور على اشخاص راغبين في المشاركة بمعلوماتهم عن "الحياة الثانية"، إلا انه توجد ايضا وكالات سفر افتراضية مثل "سينثترافيلس" التي تأسست في اكتوبر من العام الماضي من قبل ماريو غيروسا (فرانك كولهاوس في "الحياة الثانية") المحرر السابق لمجلة "كوندي ناست ترافيلر" في ايطاليا. وللموقع هذا 6000 مشترك مسجل، يخدمون كأدلاء سياحيين في 27 عالما مختلفا على الشبكة، بما في ذلك "وورلد أوف ووركرافت" (عالم الطائرات الحربية)، و"ذير" (هناك)، "إنتروبيا"، و"فاينال فانتزي XI"، وغيرها. وجميع الرحلات السياحية هنا مجانية. وفي "الحياة الثانية" بمقدور الناس زيارة كلا الوجهتين "الواقعية" و"الافتراضية" التي يجري تركيبها، او تأليفها. وغيروسا يهوى دمج العالمين وفقا لمشاهديه. ومن المواقع المفضلة لديه اعادة احياء لوحة فينسنت فان غوخ "ستاري نايت" (الليلة المضاءة بالنجوم) حيث يمكن للافراد الدخول الى عالم لوحات هذا الفنان المبدع وتناول كأس من المرطبات في مقهى الرصيف في تلك الليلة المضاءة، او موقع "تطور الرموز وارتقاؤها" الذي هو عرض حول كيفية تغير هذه الرموز وتطورها من علب بسيطة الى شخصيات افتراضية تسير على قدمين تمثل اصحابها وتظهر في متحف اللوفر الافتراضي الثاني. وكانت شركات السفر والسياحة مثل "إس تي ايه" التي تعتبر واحدة من اكبر وكالات السفر المتخصصة للتلاميذ، قد لاحظت الاهتمام المتزايد في السفر الافتراضي والمكاسب التجارية الممكنة الناجمة عنه. ويقول بوب شتاين (غلوبتريكر بوب في "الحياة الثانية") مدير احد الفروع الافتراضية للشركة هذه ان الاعمال نمت وتطورت منذ ان تأسست هذه الفروع في يونيو الماضي ويزورها يوميا نحو 13 الى 15 الف زائر يوميا. ويضيف: "اعتقد ان بمقدوري ان اكون وكيل سفريات افضل في "الحياة الثانية" من الحياة الواقعية، لان الضغوط اقل، فاذا اراد احدهم ان يرى كيف تبدو الصين اليوم بمقدوري اصطحابه الى هناك، وبالتالي ادعهم يختبرون المعيشة هناك بانفسهم".