تحل اليوم الذكرى الثانية لانفصال دولة جنوب السودان التي أعلنت استقلالها عن السودان في التاسع من يوليو 2011 عقب إجراء استفتاء بموجب اتفاق نيفاشا للسلام عام 2005, وصوت فيه أكثر من 98 في المئة من الجنوبيين لصالح الانفصال الذي كان بمثابة حلم جنوبي تحقق بعد انتظار طويل, لتحصل دولة الجنوب على استقلالها وتصبح أحدث دولة في القارة الأفريقية والعالم. وبعد عامين على الانفصال لم تنجح الدولة الوليدة في تحقيق أي من طموحات الجنوبيين التي كانوا يتطلعون إليها من خلال الحصول على الاستقلال. فالمشهد الجنوبي يبدو ملبدا بالغيوم نتيجة تفاقم أزمات الدولة الوليدة بصورة متواصلة مما أثر بشكل سلبي في عملية تنمية الدولة , وأعاق الحكومة عن تحقيق إنجازات تعزز من استقلال دولة الجنوب وتدعم موقفها على الساحة الإقليمية والدولية. وكانت مجلة السياسة الخارجية الأمريكية قد نشرت الأسبوع الماضي قائمة بالدول الفاشلة على مستوى العالم لعام 2013, ووضعت جنوب السودان في المرتبة الرابعة وهو ما أغضب المسئولين في حكومة الجنوب حيث وجدوا أن هذا التصنيف غير عادل وبه أخطاء مؤكدين أن المعلومات التي يستند إليها لم تكن من مصادر حكومية رسمية. كما أوضح المسؤولون أنه لم يمض على تأسيس الدولة الوليدة سوى عامين ورغم ذلك نجحت في بناء مؤسسات تعزز سيادة القانون في العاصمة الاتحادية وسائر ولايات البلاد. وأجمع المراقبون على أن دولة الجنوب الوليدة تواجه العديد من المعوقات التي تعترض طريقها وتعرقل مسيرتها نحو النمو سواء على المستوى الداخلي أو على مستوى علاقاتها مع السودان. وأولى هذه المعوقات هي العامل الاقتصادي, فالدولة ليس لديها موارد اقتصادية سوى النفط الذى يمثل 98% من إجمالى ميزانيتها, ويشكل المصدر الوحيد المتاح للسيولة النقدية. ونتيجة لذلك عندما قررت حكومة الجنوب وقف تصدير النفط عبر الشمال في يناير 2012, بسبب خلاف على رسوم العبور مع السودان, مثل ذلك انتكاسة كبيرة للاقتصاد الجنوبي وتسبب في خسائر مادية بالمليارات. إضافة لذلك فإن دولة الجنوب المستقلة حديثا تعتمد على الاستيراد من الخارج في كل شيء تقريبا , حيث أن إنتاجها من السلع والخدمات ضعيف للغاية. كما أنها لا تمتلك المقومات الأساسية للدولة سواء البنية التحتية والمنشآت أو الخبرة القادرة على إدارة المؤسسات الحكومية بمختلف أنواعها. ووفقا لعدد من التقارير الدولية , فإن جوبا تأتى فى المرتبة الرابعة عشرة ضمن أكثر عواصم العالم ارتفاعا فى تكاليف المعيشة والخدمات. ويأتي ذلك في الوقت الذي يعيش فيه غالبية المواطنين الجنوبيين في فقر مدقع ويعانون نقصا شديدا فى المياه, مع افتقاد وجود مصادر آمنة لمياه الشرب النقية واستخدام العربات والصهاريج العمومية للمياه.