نقلاعن :اخبار الخليج 16/7/07 في مقال بعنوان «صورتنا« للكاتب «جميل الذيابي، تساءل الكاتب: «لماذا أصبح السعوديون القاسم المشترك في كل العمليات الارهابية، والأعضاء الدائمين المتجددين في كل التنظيمات الارهابية؟ السعوديون شكلوا النسبة الكبرى من المشاركين في تفجيرات 11 سبتمبر وتفجيرات 1995 في العليا والرياض وفي الخبر سنة 1996، وكانوا وقودا يشتعل باستمرار في حروب الشيشان وأفغانستان وداعمين لحركة «طالبان«، وتزعموا انشاء وقيادة تنظيمات ارهابية مثل «القاعدة«، والسجون العراقية وغوانتنامو وكل السجون المخصصة للارهابيين حول العالم مليئة بعدد كبير من السعوديين. الشباب السعودي يحترق في العراق والصومال ولبنان، كما كان يحترق من قبل في أفغانستان والبوسنة والهرسك والسودان وغيرها من المناطق والدول، فهو وقود دائم وحاضر بقوة وفعالية في كل المحارق المتطرفة، وقاسم مشترك بين كل العمليات الارهابية حول العالم«. هذا سؤال وجيه، نشارك الكاتب فيه رأينا ونضيف: ان هذا الفكر الارهابي المتطرف لم يعد حكرا على الشباب السعودي، بل امتد ليشمل شريحة واسعة من الشباب في أكثر بقاع العالمين العربي والاسلامي، وأحداث العنف التي تضرب بأطنابها يوميا في أكثر من بقعة اسلامية وغير اسلامية تشهد على ذلك. ظاهرة العنف (المرتدية للأسف الشديد لحافا دينيا) هذه مردها في اعتقادنا الى غياب مبدأ القبول بالآخر في الثقافة العربية - الاسلامية، والقبول بالآخر هي مقولة دينية وأخلاقية وحضارية، كما هي مقولة سياسية تعول عليها الديمقراطية لتأكيد صفة التعددية التي تقوم عليها، وديننا الاسلامي الحنيف يدعو إلى القبول بالآخر، قال تعالى: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم«. ويعزى غياب مبدأ القبول بالآخر في الثقافة العربية - الاسلامية إلى الأسباب التالية: 1- موجة التعصب الديني التي يشهدها العالمان العربي والاسلامي منذ بداية الثمانينيات من القرن الماضي، والتي تؤججها وتذكيها أكثر القيادات الدينية التي ترتقي المنابر في دور العبادة وتحشو عقول الناس بالفتاوى والمفاهيم الخاطئة عن العلاقة بين المسلمين أنفسهم على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم، وبين المسلمين وأصحاب الديانات الأخرى من أبناء الوطن الواحد. 2- التربية والتعليم والتنشئة، حيث تربى الأجيال الناشئة في البيت والمدرسة والمحيط الاجتماعي على عدم التسامح وقبول الآخر المختلف في الدين والمذهب والفكر. وفي بعض الدول العربية مازالت مناهج التربية الدينية التي تدرس في المدارس والجامعات تكفر المسلمين غير المعتنقين مذهبها، وتحث على كراهية غير المسلمين ونبذهم ومحاربتهم. 3- انهيار قيم التسامح والاعتدال، واستشراء ظاهرتي التطرف والغلو في الدين والسياسية، والمؤسف حقا أن هذين التطرف والغلو في المجتمعات العربية والاسلامية يغذيان من قبل أطراف سياسية ودينية لتحقيق مصالح شخصية على حساب الشعوب والأوطان. 4- فشل أكثر الحكومات العربية والاسلامية في تحقيق التنمية الاقتصادية، واستشراء ظاهرتي الاستبداد السياسي والفسادين المالي والاداري، مما أدى الى تدني المستوى المعيشي والخدماتي وارتفاع نسبة الفقراء وزيادة عدد العاطلين عن العمل من الشباب الذين أصبحوا فريسة سهلة لتجنيدهم من قبل المنظمات الارهابية. 5- غياب المشاريع الوطنية والقومية التي تستوعب طاقات الجميع من خلال الممارسات الديمقراطية، مما أدى الى بروز الاتجاه الى الانضواء تحت مظلة القبيلة أو الطائفة أو العشيرة، بعد ما غابت مظلة الوطن الجامعة. القضاء على ظاهرة الارهاب التي باتت تهدد مستقبل ووحدة الدول العربية والاسلامية. تتطلب أولا: اصلاح نظام التربية والتعليم، وبقدر ما تنجح الدول العربية والاسلامية في بناء المنظومة التعليمية بقدر ما سيكتب لها النجاح في أن تخرج مجتمعاتها من ازماتها الفكرية والتنموية والاجتماعية. وثانيا: اشاعة الثقافة الوطنية القائمة على مبادىء حق الاختيار وتعدد الأفكار، وحق الاختلاف والنقد البناء وقبول الآخر ومقارعة الحجة بالحجة والفكر بالفكر والكتاب بالكتاب، ونبذ وتجريم ثقافة التكفير واستخدام العنف والتصفيات الجسدية. هذا كله يتطلب تكاتف مؤسسات الدولة والمجتمع المدني في العالمين العربي والاسلامي للوقوف بشجاعة وحزم في وجه هذه القوى الأصولية المتطرفة التي تحاول اختطاف الدين واحتكاره لنفسها، وتمزيق الدول العربية والاسلامية وتحويلها الى دويلات وإمارات طائفية ومذهبية تقاتل بعضها بعضا.