يمكن للجميع أن يحلل ويشرح المشكلات التي تجتاح مصر اليوم وربما تصبح الحلول التي يقترحها ويتوصل اليها مبهرة في النتائج لكن وسائل تنفيذها قد تصطدم بشكل كبير بقناعات وتصرفات وأخلاق تحول بيننا وبين الحلول المطروحة. لاشك أن أزمتنا السياسية لها شق أخلاقي في غياب الصدق والأمانة والنظر الي المصلحة العليا وسيطرة الجشع والرغبة في الاستحواز بأي ثمن! ولاشك أن أزمتنا الاقتصادية بها جانب أخلاقي نتيجة غياب المصداقية ومبدئية الحلال والحرام وما يجوز وما لايجوزوسيطرة الجشع والطمع وسيطرة مبدأ المكاسب والخسائر المادية حتي لو احترق الوطن, وأزمتنا الثقافية والاجتماعية لا تنفك عن غياب الأخلاق والتراحم والتكافل وحب الخير للغير وللوطن والخوف من الله ومحاسبة النفس والانشغال بالنفس والامجاد الشخصية. ولعل مستوي الحوار عند الاختلاف هو الظاهرة التي تسئ دائما لكل معني جاد فتجد سوء الأدب في التعبير والسباب والألفاظ القبيحة هي التي تسيطر علي لغة الخطاب في برامج الفضائيات أو المقالات أو التعليقات في صفحات الفيس بوك أو التويتر ومن كل الطبقات يستوي في ذلك أستاذ الجامعة العالم في تخصصه والسياسي الفقير في أدواته والشاب الذي مارس الفوضي قبل أن يدرك مطالب الحرية وحدودها وأخلاقياتها! ولعل الظاهر الآن في الشارع المصري مجموعات من هؤلاء الذين يرتدون مسوح الثوار ويتدثرون بثياب المتظاهرين ثم تجد في ألفاظهم وهتافاتهم وكتاباتهم علي الجدران أسوأ الأخلاق مبادرين غير مدافعين عن أنفسهم ربما نجد لهم العذر وهو مايحدث منذ فترة كلما أطفأ الله لهم نارا للفتنة أوقدوها وأشعلوا أخري تحت شعار جر شكل فعلوها مع ركاب المترو ومرتادي الطرق السريعة وموظفي الحكومة ومؤسسات الدولة لإجبارهم علي العصيان أو الانفعال والغضب ومارسوها مع رجال الشرطة سبا وقذفا وتعديا بالطوب والمولوتوف! وأخيرا كرروها مع مقر مكتب الإخوان المسلمين! فلم نسمع في الأولي التي اقتحموا فيها المقر في غياب تام لأي رد فعل وتسببوا في إحراق واتلاف وسرقة أي تعليق أو رد فعل من الصحافة والإعلام ولا استنكارا حتي من الفعل الإجرامي كأن دماء وحقوق هؤلاء مستباحة وهو تدن أخلاقي وعار علي صاحبه في مقابل هجمة شرسة علي الضحية التي جاء المعتدون الي مقرها وكتبوا سبابا ورفعوا أصواتهم بالإهانات ثم رميا بالطوب ثم قذفا بالمولوتوف وحرقا للسيارات جرا للشكل فلما دافع البعض عن أملاكه من المعتدين ثارت كتيبة داعمي الفوضي ومثيري الفتنة من السياسيين والإعلاميين فقط لأن دافع الأخلاق والعدل والإنصاف غاب عن المشهد وليس لنا من تعليق سوي السؤال ما الموقف إذا حاصر شباب الإخوان مقرات الأحزاب الداعمة لهذه الفوضي وهتفوا ورفعوا رايات الغضب دون سباب وقلة أدب بلا حجارة أو مولوتوف هل تصل اليهم الرسالة! (1) ما تمربه سوريا اليوم من إراقة دماء السوري بأيدي نظام طائفي ومشاهدة العالم لهذه المذابح دون رغبة التدخل لوقف نزيف الدم السوري بما فيه العالم العربي الذي فضل عدم التدخل الأجنبي حتي لايحرم الشعب من قطف ثمار ثورته في وجود أجنبي يحمل معه أكاليل النصر علي الديكتاتور ونظامه!! وفي ظل دعم ايراني وعراقي وترقب دولي متخوف من استبدال النظام السفاح بشار بنظام يشارك فيه الإخوان المسلمون تكرار التجارب لدول الربيع العربي في مصر وليبيا وتونس, يبقي الأمل في المساندة الشعبية من دول الجوار وقدرة المجاهدين في سوريا علي إدارة معركتهم الأخيرة بتوفيق من الله وبأسلحة عدوهم التي يستخلصونها منه! وهي معركة لاشك أنها شرسة ومكلفة نتمني ألا تطول ويبقي الموقف المصري الداعم لسوريا وثورة شعبها موقفا حاسما في القرار العربي مع الدعم التركي وأثر ذلك في الموقف الإسلامي! (2) قانون الصكوك لاشك أنه بعد أن وافق عليه البرلمان من حيث المبدأ سوف يناله من التمحيص والمراقبة الكثير من الاقتراحات التي تشرح مواده وأهميته وتجارب الآخرين لأنه في غيبة الصكوك تم بيع الأصول وشركات القطاع العام بأثمان بخسة كذلك عندما غابت الصكوك سرقت أموال المصريين في البنوك مرتين مرة عندما اشترت البنوك الأصول التجارية بأثمان بخسة ثم أضاعتها عندما لم تعرف كيف خرجت وتم غسيلها بشراء وبيع وهمي! بدون الصكوك تم تهريب أموال المصريين للخارج خوفا من السرقة والنهب والاستثمار الفاشل! في غيبة الصكوك لم تظهر أموال المصريين المدخرة لفشل التجارب التي ضحكت عليهم ونهبت أموالهم! وزادت القروض وتعقدت شروطها ولعل في إقرار القانون ما يسمح بتدفق رءوس الأموال من الداخل والخارج ان شاء الله, وقد بدأت عجلة إقرار القانون الذي سمح لدبي فقط بضخ أكثر من13 مليار درهم و25 مليار دولار في مشاريع تنموية في سنوات قليلة دون الاقتراب من الممتلكات العامة لمصر بل إضافة أصول جديدة في كل مجالات الاستثمار ويخفض من عجز الموازنة ويضخ أموالا في المجالات الاستثمارية التي لايقبل عليها رجال المال! (3) الموقف السياسي المصري لاشك أن أمامه فرصة جيدة بعد تأخير الانتخابات للملمة الخلافات السياسية في الشارع السياسي وكذلك البلطجية من شوارع مصر مما يجعل فرص التوافق التي تكلمنا عنها كثيرا تتحقق خاصة مع الدعوة المتجددة من الرئاسة لحوار جديد لا أجد أنه من الحكمة تضييع فرصته مرة أخري لأن فرص النجاح قد توافرت لو خلصت النوايا من أجل إنقاذ مصر في حوار بلا شروط ومن غير سقف! (4) يبدو أن ملفات الفساد في مصر أكبر مما كنا نتخيل حتي استلزم الأمر إقالة نائب عام بشكل أثار الغضب بغيروجه حق واستلزم إشعال حرائق في مبني الرقابة الإدارية وربما طالت النيران الجهاز المركزي للمحاسبات ومباحث ونيابة الأموال العامة فيما بعد! وأخطر قضايا الفساد في وزارات مثل الأوقاف والاستثمار والبترول وغيرهم مما يجعل من فتح هذه الملفات مصدرا حقيقيا لتمويل الدعم المطلوب لو صدقت النيات وارتفعت الهمم ولعل أحكام البراءات التي تصدر اليوم بحق من أفسد وسرق ونهب وأذل المصريين لهي أكبر دليل علي خطورة استمرار الوضع. نقلا عن صحيفة الاهرام