قبل 75 عاما اي في الثالث من اكتوبر 1932، اضطر البريطانيون الى الاقرار بواقع ان العراق المهم بالنسبة لهم اخذ يفلت من قبضتهم ليصبح دولة مستقلة. الا ان الشريف علي بن الحسين الذي يقول انه الوريث الشرعي لعرش العراق الذي اسسه الملك فيصل الاول (1921-1933) وشهد حكمه ولادة دولة جديدة تخرج من رحم الانتداب البريطاني، يقر بان البريطانيين "كانوا يفهمون اصول اللعبة". ويعتقد الشريف علي بن الحسين ان احداث الماضي تحمل دروسا مهمة للتطورات الكبيرة التي شهدتها بلاده منذ الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة في 2003. وقال الشريف علي في حديث لوكالة فرانس برس في بغداد "لو فهم الامريكيون حدودهم ودرسوا تاريخ البلاد، لادركوا على الفور انهم مثل البريطانيين لن يتمكنوا من حكم البلاد مباشرة ولادركوا ايضا انهم مثل البريطانيين سيواجهون تمردا سريعا". واعرب الشريف حسين (51 عاما) من فيلته الواقعة على ضفاف نهر دجلة وتحرسها وحدة من الجيش العراقي، عن اسفه لما حل بالبلاد منذ الغزو الذي ادى الى خراب البلاد التي انشئت على انقاض الامبراطورية العثمانية. وقال "بعد سبعين عاما، اصبح العراق بلدا محتلا مرة اخرى هناك اوجه شبه واختلاف. الظروف الاجتماعية والمؤسسات الوطنية وحالة البلاد مشابهة لما كانت عليه حينئذ ولكن اللاعبين مختلفين". والشريف علي بن الحسين هو من سلالة الشريف حسين بن علي امير مكة وملك الحجاز غرب السعودية حاليا. وشارك الملك فيصل الاول والده الشريف حسين بن علي في شن الثورة العربية الكبرى ضد الحكم العثماني بالتحالف مع البريطانيين. وفي 1916 ساند هجوم الحلفاء على فلسطين. ودخل مقاتلوه دمشق في 1918. وفي عام 1920 ورغم الوعود التي قطعتها بريطانيا للعرب باقامة دولة عربية تضم الجزيرة العربية وبلاد الشام، قامت بتقسيم المنطقة بينها وبين فرنسا حيث وضع العراق تحت الانتداب البريطاني ولبنان وسوريا تحت الانتداب الفرنسي. وفي العام ذاته نصبه السوريون ملكا على سوريا، ولكن وبعد معركة قصيرة مع الفرنسيين نفاه الفرنسيون وعاش في بريطانيا لمدة عام. وفي اغسطس 1921 عينه البريطانيون الذي شعروا بالقلق بشان الاضطرابات في المنطقة الجديدة، ملكا على العراق. وفي البداية حصل على دعم رجال الدين الشيعة الذين كانوا يعتبرون قوة دينية وسياسية في العراق ويعادون الانتداب البريطاني. وتم التوصل الى اتفاق لاقامة ملكية برلمانية على رأسها ملك هاشمي. وقال الشريف علي "ان ثورة 1920 بعثت برسالة الى البريطانيين بانه لا يمكنهم فرض حكم مباشر على العراق والعراقيون هم الذين يجب ان يحكموا العراق". واضاف ان الشريف حسين بن علي تعلم من تجربته مع الفرنسيين "وفهم حجم وطبيعة القوى العظمى واجنداتها" عندما وصل الى العراق. وتابع "لقد حاول الحفاظ على توافق عراقي بطريقة بناءة لتحقيق الاستقلال بالسرعة الممكنة وانهاء الاحتلال البريطاني"، موضحا ان "ما ميز حكمه هو الطبيعة العملية للتعامل مع البريطانيين والعراقيين". ولعب الملك فيصل دورا فعالا في استقلال بلاده بشكل تام في الثالث من اكتوبر 1933 عندما انضم العراق الى عصبة الامم. الا ان ذلك لم يلغ اتفاقية تسمح بوجود قواعد بريطانية في العراق "كثمن للاستقلال". وتوفي الملك فيصل اثر اصابته بنوبة قلبية في سويسرا في الثامن من سبتمبر 1933 وخلفه ابنه غازي. الا ان النفوذ البريطاني في العراق بقي نقطة توتر في الجدل السياسي في العراق من تاريخ الاستقلال وحتى الثورة العراقية عام 1958 التي اطاحت بالملكية. وقال الشريف علي بن الحسين ان "الجدل نفسه يدور اليوم رغم عدم وجود معاهدة، تتسم العلاقات مع الامريكيين تتسم بالسيطرة (من جانب الامريكيين) والجدل السياسي المستمر في العراق هو: الى اي حد يمكن اعتبار العراق مستقلا حقا". وكان الشريف علي بن الحسين اجبر على مغادرة العراق في 14 من يوليو 1958 اثر انقلاب قام به عبد الكريم قاسم، ولم يتجاوز عمره العامين. واضاف ان "النقطة الواضحة هي اننا نخضع للاحتلال—هناك تشابه مع الانتداب وهناك توافق وطني على انهاء الوجود الاجنبي في العراق". واعرب عن اسفه لعدم وجود سياسيين عراقيين اليوم يمتلكون خبرة القادة الذين قادوا البلاد خلال السنوات التي سبقت الاستقلال. واضاف "ما نفتقر اليه حاليا هو القدرة على التعامل مع الامريكيين والامريكيون يفتقرون الى القدرة على التعامل مع العراقيين". واوضح انه قبل الاستقلال "كان من الاسهل معرفة ما سيكون عليه العراق لان المسالة الاساسية كانت القومية العربية وفي العشرينات لم يكن مهما ما اذا كنت سنيا ام شيعيا، فانت عربي". وتابع "اما الان فاننا نجد صعوبة في تحديد هوية الدولة العراقية. فنحن لا نعرف اين نحن". واعرب الشريف علي عن رغبته في استعادة الملكية الهاشمية بعد 75 عاما من الاستقلال. واضاف "هل هو نظام رئاسي، ام برلماني ام فدرالي ام كونفدرالي؟ من غير الواضح نوع النظام الذي في بلادنا". الا ان الشريف علي يواجه منافسا له على عرش العراق هو الامير رعد بن زيد حفيد الشريف حسين المقيم في عمان حيث يعمل مستشارا للعائلة الهاشمية الاردنية منذ فترة طويلة.