ديفيد اجناتيوس David Ignatius وهو احد كتاب الراى الشهيرين بصحيفة الواشنطن بوست الامريكية .. كتب اليوم عن انطباعاته حول الثورة المصرية من خلال ما لاحظه فى زيارته لاحد محافظات الدلتا مؤخرا ... و يقول : يمكنك ان ترى ما حققته الثورة المصرية بعد نحو 20 شهرا ، من خلال زيارة محافظة المنوفية ، هذه المنطقة الريفية من دلتا النيل التي كانت مسقط رأس الديكتاتور المخلوع حسني مبارك: كل شيء مختلف ظاهريا، ولكن تحت السطح ، لا شيء تقريبا قد تغير بعد . التأثير الأكثر وضوحا للثورة ، هو في الحقيقة ، أن جماعة الإخوان المسلمين فازت في الانتخابات البرلمانية هنا في معقل النظام السابق.. ويبدو ان الناس احرار في قول ما يفكرون به ، بما في ذلك توجيه انتقادات حادة للرئيس الجديد، محمد مرسي، بطريقة لم يكن واردا من قبل حدوثها. ولقد خفت الفوضى أيضا، والأمن اصبح أفضل مما كان عليه في الأشهر التي أعقبت الثورة. الشرطة تعود الى الشوارع، وتوجه حركة المرور.. كما انتهى إضراب طويل في مصنع الغزل والنسيج المحلي ، والناس تتوجه الى العمل في المزارع والمصانع بالمناطق الريفية. المنزل القديم لأسرة مبارك مهجور ، بينما تم تزيين الشارع الضيق بملصقات لمرسي والمرشحين الآخرين الذين خاضوا الانتخابات الاخيرة على منصب رئيس البلاد. و ما كان يعرف باسم جسر مبارك على النيل ، تم الآن إعادة تسميته باسم أحد الشهداء بعد الثورة. ولكن أعمق التغييرات التي تحتاجها المنوفية ، بدأت فقط الان ، فقنوات النيل قذرة مع اكوام القمامة، والماء غير صالح للشرب و الاقتصاد المحلي متخلف، لايزال يعانى من بيروقراطية الدولة .و زعيم الإخوان المسلمين بالمحافظة ، يقول كل ما هو صحيح بشان الإصلاح، ولكن حتى الآن لا يوجد شيء تقريبا يوضح ما تم من اصلاح . و يقول اجناتيوس فى مقاله .. ان المشهد من حوله كان غريبا حيث تنساب المياه فى طريقها الى المصب ببطء، بسب اكوام القمامة التى تسد المجرى، والنساء على ضفة القناة يغسلون ملابسهم على الرغم من قذارة المياة .. و قد حرص على لقاء مجموعة من سكان المنوفية الشباب ، و كانت جلستهم على ضفاف احد قنوات النيل الواسعة ، حيث دار حديث طويل فى السياسة ، و انضم للقاء اعداد كبيرة من الشباب بينهم .. محمد، وهو تاجر جلود عمره 32عاما، الذى اثنى على الرئيس الجديد الذى احال كبار جنرالات الجيش للتقاعد ، وشكل أول حكومة مدنية حقيقية فى مصر . لكن يقول محمد ،انه على الرغم من ذلك فان "التغييرات على أرض الواقع سطحية و صورية . . . . والناس لا يزالون فقراء والاطفال في الشوارع، والمياه ملوثة ". و يقول ان بعض الناس ينتقدون بحدة قائلين "إن الإخوان المسلمين ستخسر الانتخابات القادمة"، و منهم أيمن عبد العزيز البالغ 26عاما وهو مصور الفيديو، والذى يصر على ان جماعة الاخوان تلاعبت بايمان المسلمين الفقراء ليصلوا الى السلطة ولكن لن يستمر هذا كثيرا. و ايمن مثل معظم الشباب الذين حضروا اللقاء ، هوعضو في جماعة يسارية علمانية تسمى حركة 6 أبريل التي ساعدت في بدء الثورة ولكن بعد ذلك خسرت امام جماعة الإخوان ألافضل تنظيما. و يشير اجناتيوس انه حرص ايضا على الاجتماع بزعيم محلي لجماعة الإخوان .. و في مكتب أنيق في مكان قريب، التقى مع بدر الفلاح ، عضو البرلمان وهو مهندس يعمل بالتجارة ، قضى فترة في السجن في عام 2010 تحت حكم مبارك ... ويراه اجناتيوس ، وجه أمثل لجماعة الإخوان المسلمين فهو: أنيق، فصيح، جاد في محاربة الفساد وخلق فرص العمل.. ، وجبهته متصلبة من الصلاة المتكررة. ويقول الفلاح عن شعار الإخوان المسلمين، "الله هو الحل"، انه كان جزءا من حياته منذ انضمامه إلى الجماعة في سن السابعة عشرة .. لكنه الان لا يركز على الدين بل على التنمية الاقتصادية. لانه يدرك ان الناس بالمنوفية في "اندفاع كبير" لرؤية التغيير، لكن هذا لن يحدث بين عشية وضحاها، فهناك مشاكل خطيرة للغاية. و عندما سأله حول كيف يمكن الحكم على نجاح الإخوان في مصر ؟ اجاب الفلاح أنه خلال عام واحد يمكن ان يرى طرق معبدة أكثر، والمياه النظيفة، والقمامة اقل ، وفي خلال سنتين أو ثلاث سنوات، سوف تكون هناك صناعات جديدة، وطريق سريع جديد يربط المدينة مع القاهرة، ومنطقة تجارة حرة، وبيروقراطية و فساد أقل ، وبرنامج لإعادة تدوير النفايات. و يقول اجناتيوس انه عاد بعد ذلك للقاهرة حيث التقى أحمد الألفي ، وهو احد المستثمرين فى مجال التكنولوجيا ، لسؤله حول ما يراه من قيادة الإخوان على الصعيد الوطني. . وقد اعرب الالفى عن تفائله قائلا : "ان مرسي يجتمع مع أكبر عدد من رجال الأعمال ، اكثر مما كان يفعل مبارك فى أي وقت مضى ، ومرسى يعرف أن الوضع الراهن هو طريق مسدود وأنه يجب أن يتحقق تقدما اقتصاديا سريعا، وان رأس المال البشري جاهز لتغيير مصر. و يختتم كاتب الواشنطن بوست تقريره عن زيارته لمصر و طبيعة التغيير بعد الثورة ، متسائلا اذا ما كان مرسي وجماعة الإخوان سيكونون قادة التغيير الذى تحتاجه مصر؟ وهنا يقول ان الجواب الصادق هو " أننا بحاجة إلى العودة إلى أماكن مثل المنوفية بعد سنة أو سنتين لمعرفة ذلك ".