رغم الانباء الايجابية الكثيرة التي حظي بها اقتصاد مصر خلال العام الماضي الا ان الثقة به مازالت أقل بكثير مما ينبغي نتيجة لغياب برنامج اقتصادي واضح وبناء عليه على صناع القرار التحلي بشجاعة تكفي للابتعاد عن النماذج الاقتصادية التي عفا عليها الزمن والسلوك والسياسات غير الصريحة وغير المرنة كما كان الوضع في عهد مبارك وبهذه الطريقة فقط سوف تكون الحكومة قادرة على بناء الثقة على المدى الطويل مع المواطنين في البلاد ومجتمع الأعمال. هكذا وصفت فاينانشال تايمز حال الاقتصاد المصري قائلة ان اقتصاد مصر تلقى وعودا بمليارات الدولارات من المساعدات والاستثمارات والودائع في البنك المركزي من المملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي والصين والولايات المتحدة وقطر وإيطاليا. وقالت ان تلك الوعود عززت الامال في تحسن مجتمع الأعمال المحلي وتوقعات المستثمرين العالميين حول الاعمال هناك كما ارتفعت سوق الأسهم أكثر من 50 % هذا العام الا انه يبدو أن السلطات المصرية تأمل فى أن تتحسن الأمور من تلقاء نفسها، وأن اللاعبين من الخارج سوف يهبون للانقاذ والنجدة. بينما يريد معظم المستثمرين أن يروا خطط لتحسين وسائل النقل العام لتمكين سهولة حركة البضائع والأشخاص، يريدون التأكد من النظام الضريبي وإمدادات الطاقة، من بين مجموعة كبيرة من القضايا الأخرى. والرئيس محمد مرسي، وعد مؤخرا بملاحقة الشركات التي تتهرب من الضرائب وقام بالغاء عقود الأراضي، فانخفض سوق الأسهم أكثر من 2 % في اليوم التالي.. والمشكلة الان واضحة وهى ان فحوى السياسة يبدو أنها تعمل على الحفاظ على صورة الاستقرار، بدلا من الاعتراف بان مصر لديها مشاكل اقتصادية هيكلية، وفقا للتقرير. وقالت انه لتحديث مصر، يجب الاقرار اولا بنقاط الضعف ثم بناء برنامج اقتصادى خلاق وشجاع يمكن يحثه و مناقشته على نطاق واسع حيث انه حتى الان لم تقم أي من الحكومات المصرية المتعاقبة، ببناء وتحديد وتعريف مزايا مصر الاقتصادية التنافسية - والتي تشمل انخفاض تكاليف العمالة، واتفاقات التجارة المتعددة، والقرب من أوروبا وعدد كبير جدا من المتحدثين باللغة الانجليزية - والتى تسمح بمعالجة العجز التجاري على المدى الطويل وغيرها من المشاكل. ورأت ان الحكومة بدأت التواصل بشكل جيد مع المجتمع الدولي مع تعيين هشام قنديل رئيسا للوزراء، وعلى الرغم من زيادة الاستثمار المحلي والتدفقات الكبيرة للاستثمارات الاجنبية منذ عام 2004، مازالت حتى الان الاتصالات بين الحكومة (ومؤسساتها) والعامة من الجمهور ضعيفة، باستثناء عدد قليل من كبرى الشركات. وعزت ضعف قنوات الاتصال بين الحكومة والجمهور الى ان السياسات والاجراءات تتحدد فى قمة الهرم الحكومى، دون اتصالات تشرح للجمهور هذه السياسات الا انها ترى ان السيد قنديل والحكومة الجديدة لديه فرصة نسبيا لكسر هذا الاتجاه والتعامل مع الناس والأعمال بشكل بناء. ومثالا لضعف التواصل هو موقف البنك المركزي والحكومة من الحفاظ على الجنيه قويا فسياساتهم لدعم الثقة في العملة، جاء على حساب تراجع احتياطيات النقد الأجنبي.. وقد استخدم الرئيس مرسي لغة قوية غير معتادة للدفاع عن الجنيه، بينما اكد رئيس الوزراء ان اقتراح تخفيض قيمة العملة سيكون كارثيا.. وبنهاية سبتمبر تراجعت الاحتياطيات 84 مليون دولار لتصبح 15 مليار دولار. منذ يناير 2011، وهو شهر الانتفاضة ضد حسني مبارك، فقد الجنيه 4.9 % فقط مقابل الدولار واكتسب أكثر من 10 % مقابل الراند الجنوب أفريقي، والريال البرازيلي والليرة التركية. وبالنظر إلى التكاليف المالية لدعم الجنيه على هذا المستوى، فان هذه الاستراتيجية تحتاج الى شرح أفضل - أو تغيير - من قبل القادة الذين يواجهون الآن شعب مطالبه اكثر من ذي قبل ومجتمع استثمار يحتاج الى مناخ تنافسيا لديه خيار الذهاب لأي مكان آخر. والحكومة والبنك المركزي يريدان مثل بقية المصريين التحول إلى بلد ديمقراطى موثوق فى اقتصاده لذا يتعين على السلطات أن تضع خطة طويلة الأجل مع أهداف اقتصادية واضحة، وان تقدم بشكل واضح لتنال موافقة الأغلبية.