يعيش المسلمون في بورما أشد محنة يتعرضون لها في تاريخهم، حيث تشن ضدهم حرب إبادة عنيفة من قبل جماعات بوذية متطرفة راح ضحيتها عدد كبير لا يمكن إحصاؤه بدقة. محنة المسلمين في بورما أو (ميانمار) ليست جديدة في قسوتها ولا في تجاهل العالم لها.. فالمجازر التي نسمع عنها اليوم ليست سوى حلقة من سلسلة مجازر تكررت منذ استقلال بورما عام 1948. ويبلغ عدد سكان بورما أكثر من 50 مليون نسمة، منهم 15% مسلمون، حيث يتركز نصفهم في إقليم أراكان ذي الأغلبية المسلمة. أعمال العنف الأخيرة بدأت في مطلع يونيو الماضي بسبب فتاة بوذية اتهمت ثلاثة مسلمين باغتصابها .. وحين انتشر الخبر قتل البوذيون ركاب باص مسلمين آتين للتو من العمرة .. وهكذا اندلعت بين الطرفين صدامات مسلحة رجحت بسرعة - بحكم الأغلبية وموالاة الحكومة - لصالح البوذيين الذين لم يترددوا في قتل أصحاب البشرة السوداء (كما يطلقون عليهم) تحت حماية الجيش والشرطة. يعيش مسلمو ولاية أراكان الواقعة في غرب بورما أوضاعًا مأساوية، بعدما تحولت المواجهات التي يشهدها الإقليم إلى حرب شاملة ضد المسلمين في بورما . وتعتبر ولاية أراكان (وهي عبارة عن شريط ترابي ضيق يقع على خليج البنغال) همزة الوصل بين آسيا المسلمة والهندوسية وآسيا البوذية، حيث يكاد يكون من شبه المستحيل التعايش بين أغلبية بوذية "الراخين" وأقلية مسلمة مُضطهدة "روهينج ياس". كما تعتبر الأقلية المسلمة في بورما بحسب الأممالمتحدة أكثر الأقليات في العالم اضطهادًا ومُعاناة وتعرضًا للظلم المُمنهج من الأنظمة المُتعاقبة في بورما. الأحداث الدامية الأخيرة التي يتعرض لها المسلمون في إقليم أراكان المسلم في بورما أعادت إلى الأذهان مآسي الاضطهاد والقتل والتشريد التي كابدها أبناء ذلك الإقليم المسلم منذ 60 عامًا على يد الجماعة البوذية الدينية المتطرفة (الماغ) بدعم ومُباركة من الأنظمة البوذية الديكتاتورية في بورما، حيث أذاقوا المسلمين الويلات وأبادوا أبنائهم وهجروهم قسرًا من أرضهم وديارهم .