افتتاح فرع المجلس القومي للطفولة والأمومة بشرق النيل في بني سويف    عاجل- سعر الدولار اليوم الأحد 9 نوفمبر 2025 أمام الجنيه المصري في البنوك المصرية    رئيس الوزراء: معرض TransMEA 2025 يأتي في توقيت بالغ الأهمية مع نهضة غير مسبوقة في التصنيع    عاجل- قبل صرف معاشات ديسمبر.. التأمينات الاجتماعية تتيح تعديل جهة صرف المعاش    رئيس الرقابة المالية وقيادات قطاع التأمين يزرعون مجموعة أشجار بشرم الشيخ لخفض الانبعاثات الكربونية    4.6% تراجعا في قيمة عجز الميزان التجاري ل4.73 مليار دولار خلال أغسطس 2025    عاجل- الأمم المتحدة تحذر: نزوح أكثر من 12 مليون شخص في السودان.. أكبر أزمة إنسانية في العالم    وزير الخارجية ونظيره النيجيري يبحثان سبل تعزيز العلاقات الثنائية    وزارة التموين تطلق القافلة 14 من المساعدات الإغاثية العاجلة إلى قطاع غزة    تراجع شعبية ترامب..CNN: نتائج انتخابات فرجينيا ونيوجيرسى توبيخ مباشر للرئيس    أحمد الشرع بواشنطن في أول زيارة لرئيس سوري منذ 79 عاما    اختطاف 3 مصريين في مالي.. من يقف وراء فدية ال5 ملايين دولار؟    إبراهيم حسن: الإصابة تبعد أكثر من لاعب عن منتخب مصر في معسكر نوفمبر    عاجل- 350 ألف دولار جوائز قمة الأهلي والزمالك اليوم في نهائي كأس السوبر المصري    نهائي السوبر وقمة الدوري الإنجليزي.. تعرف على أهم مباريات اليوم    طولان: محمد عبد الله في قائمة منتخب مصر الأولية لكأس العرب    «لعبت 3 مباريات».. شوبير يوجه رسالة لناصر ماهر بعد استبعاده من منتخب مصر    مديريات التربية والتعليم تبدأ تجهيز الاستمارات الورقية لطلاب الشهادة الإعدادية للعام الدراسي 2025/2026 استعدادًا للامتحانات    رئيس هيئة النيابة الإدارية ينعى زوجة رئيس الوطنية للانتخابات    فيديو.. الأرصاد: أجواء خريفية مستقرة حتى نهاية الأسبوع    الداخلية تضبط 330 كيلو مخدرات و150 سلاحا ناريا خلال يوم    حسين عبد البصير: النظام الإلكتروني قي المتحف المصري الكبير لتنظيم الزيارات لضمان تجربة أفضل للزوار    تشييع جنازة مصطفى نصر عصر اليوم من مسجد السلطان بالإسكندرية    مهرجان قنا للفنون والتراث يختتم فعاليات دورته الأولى بقنا.. صور    على خطى النبي.. رحلة روحانية تمتد من مكة إلى المدينة لإحياء معاني الهجرة    «معلومات الوزراء» يستطلع آراء المصريين حول المتحف المصري الكبير    ضبط سيدة تركت أطفالها الثلاثة وسط الزراعات بالشرقية    حملة توعوية بيطرية مكثفة لدعم صغار المربين بالبحيرة    قبل بدء التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025.. تعرف على لجنتك الانتخابية بالخطوات    «السعيد يلعب على حساب أي حد».. شوبير يكشف مفاتيح الزمالك للفوز على الأهلي    «الجراند بول» في قصر عابدين.. كل ما تريد معرفة عن حفل الأمراء والنبلاء (التذاكر تبدأ ب1500 يورو)    العالم بطريقته    3 مجانية.. القنوات الناقلة لمباراة الأهلي والزمالك بنهائي كأس السوبر    «أمن المنافذ»: ضبط 3354 مخالفة مرورية وتنفيذ 347 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة    طريقة عمل سلطة البطاطس بالزبادي.. لمسة من البساطة والابتكار    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في الجيزة وكفر الشيخ    غارة من مسيرة إسرائيلية على محيط بلدة الصوانة جنوبي لبنان    الأمم المتحدة: أزمة نزوح غير مسبوقة في السودان.. وتصاعد العنف في الفاشر    وزير الداخلية يأذن ل 22 مواطنا بالحصول على الجنسيات الأجنبية    انتخابات مجلس النواب وحلم الديمقراطية!    لأول مرة فى تاريخ ألمانيا.. تامر حسنى يشعل الاجواء فى ستاد يايلا أرينا الألمانى بحضور 30 ألف شخص    «المتحف المصرى الكبير» أقوى من «الجاهلية»    شعلة حب لا تنطفئ.. ما هي الأبراج المتوافقة في الزواج والعلاقات العاطفية؟    عمرو الحديدي: الأهلي يفتقد إمام عاشور قبل نهائي السوبر    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 9-11-2025 في محافظة قنا    اليوم.. نظر محاكمة 213 متهما بخلية النزهة    تقديرًا لأمانته.. مدرسة بقنا تكرم تلميذًا أعاد «انسيال ذهب» لمعلمته    بعد مسلسل كارثة طبيعية، ما مدى أمان الحمل بسبعة توائم على الأم والأجنة؟    اختتام فعاليات مؤتمر المعهد القومي للأورام "مستقبل بلا سرطان"    «المعاهد التعليمية» تدخل أحدث طرق علاج السكتة الدماغية بمستشفياتها    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 9 نوفمبر    إخلاء سبيل شخص وصديقه بواقعة التحرش اللفظي بسيدة فى بولاق أبو العلا    حبس وغرامة.. نقيب الأطباء يكشف عقوبة التجاوز والتعدي على الطبيب في القانون الجديد (فيديو)    عيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع.. سعر الذهب والسبائك اليوم الأحد 9-11-2025 في مصر    كورنيليا ريختر أول أسقفة في تاريخ الكنيسة الإنجيلية بالنمسا    «عدد كتب الغيب 3».. خالد الجندي: الله قد يغير في اللوح المحفوظ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 8-11-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاروق جويدة: توريث مصر.. الأزمة والخلاص
نشر في أخبار مصر يوم 29 - 01 - 2016

استقبلت السماء ذكرى ثورة يناير بسيول من الأمطار التى تدفقت في المدن والشوارع المصرية لعلها تطهر البشر قبل الأماكن، والنفوس قبل الطرقات، وتعيد لنا شيئا من الإحساس بالأمان بعد ان بالغ الجميع في انتظار الكوارث في هذا اليوم الذي طاردناه كثيرا ظلما وعدوانا، حتى انني خشيت في لحظة من اللحظات ان يطالب البعض بحذف رقم 25 من أجندة أيام المصريين.. لا أدري لماذا تبرأنا من يوم من أعظم أيام المجد في حياتنا؟!
رغم الصخب والضجيج الذي صاحب ذكرى ثورة يناير هذا العام دفاعا وهجوما إلا انني توقفت كثيراً عند ثلاثية المطالب التي حملها شباب مصر في هذا اليوم الذي اختلفنا كثيرا حوله ما بين التتويج والمؤامرة، وما بين الوطنية والعمالة.. ان أعظم ما سيبقى من هذه الثورة بعد دماء شهدائها هو مطالبها التي تجسدت في العدل والحرية والكرامة.
لقد طاردني سؤال حائر: هل يمكن ان تتحقق العدالة بلا حرية، وهل يمكن ان يشعر بالكرامة من لا يجد عملا أو سكنا أو أملا.. وحين تغيب العدالة ماذا يبقى للإنسان في هذه الحياة أمام مجتمع ظالم.. وإذا عجزت أي حكومة في العالم ان تحقق مطالب الحياة الأساسية للبشر فما هي مقومات وجودها أو استمرارها؟!.. بعد خمس سنوات من قيام ثورة يناير هل يمكن ان يدعي أحد ان المجتمع المصري أصبح أكثر عدالة، أم ان هذا الشبح قسم أبناء الوطن الواحد إلى شراذم مازالت تحتل قائمة الأزمات في مصر، وإذا أقصينا بعض الوقت قضايا الحرية وهي توأم العدالة أمام ظروف الأمن والإرهاب والاستقرار فبأي الأسباب والمبررات يمكن ان نؤجل قضية العدالة وهي تزداد كل يوم بحيث أصبحت شبحا يطارد الأغلبية الساحقة من أبناء هذا الشعب؟.. لقد نجح العهد السابق في تقسيم مصر "الشعب" إلى جزئيات وشراذم إنسانية واجتماعية، ونجح الإخوان في تقسيم المصريين إلى مؤمنين وكفار، وإذا شاهدت مصر من بعيد سوف تتعجب من هذه الفصائل الإنسانية التي تقطعت كل جسور التواصل بينها.. ان أخطر مهمة أمام الدولة المصرية الآن ان تقف بحسم أمام قضية العدالة الاجتماعية لأنها أخطر ما يهدد مصر وطنا وشعبا وكيانا.
لقد خضعت مصر إلى عملية توريث فادحة عبر سنوات طويلة تم فيها استئصال فئات اجتماعية كاملة تم إبعادها قصراً عن المشاركة والفعل والدور والمسئولية، وتحولت إلى كيانات عشوائية غريبة في بناء اجتماعي متهالك.. ولك أن تتصور مجتمعا ووطنا تم توريثه بهذه الوحشية:
نحن أمام عملية توريث فادحة لثروة الوطن المصري تجسدت في صورة أنواع جديدة من الثروات التي حصل عليها البعض بلا جهد أو كفاءة أو عمل وكانت نتيجة علاقات مشبوهة مع السلطة، بحيث انقسم المجتمع المصري إلى أصحاب الملايين والبلايين بينما هناك مجتمع كامل يعاني الفقر والحرمان.. في هذا السياق تم بيع أصول الدولة المصرية وهي حق للجميع إلى عدد من الأشخاص والعائلات، ولا أحد يعرف كيف بيعت هذه الأصول وفيها الأراضي والمصانع والعقارات ومضاربات البورصة والأسهم الخفية والمعلنة، وقد ترتب على ذلك انقسامات وتبعات أخرى قسمت المجتمع إلى سكان للعشوائيات وسكان للمنتجعات وأهملت الحكومات المتعاقبة قضية الإسكان ودورها الاجتماعي فيه بل إنها تحولت إلى سمسار مبان وعقارات.. هذه التقسيمات الاجتماعية والمالية جعلت أجيالا جديدة ترث ثروة الآباء، وأجيالا أخرى ترث الفقر عن الآباء.
لا أحد يعلم مساحة الأراضي التي وزعتها الدولة خلال أربعين عاما من تجارة العقارات، ولكن المؤكد ان ثمنها يتجاوز آلاف الملايين من الجنيهات، وهذه الأراضي كانت كفيلة بأن تخلق طبقة اجتماعية جديدة ورثت كل شئ بلا جهد فقد كان يكفي ان تحصل على توقيع وزير أو محافظ بامتلاك قطعة من الأرض لتصبح بها من أصحاب الملايين، وقد انتقلت هذه الأراضي إلى جيل جديد من الورثة أكد التشكيل الطبقي الجديد للمجتمع المصري.
في نفس السياق الذي تم به توريث الثروة والأرض والأصول كان توريث الوظائف يسير في نفس الاتجاه، فقد أصبح من القواعد السارية في مؤسسات الدولة ان يرث الابن وظيفة أبيه، وجاء جيل جديد من الورثة في كل الوظائف الحساسة ومنها القضاء والإعلام والجامعات والنقابات المهنية وحتى الأندية الرياضية والأجهزة السيادية، وانتقلت التقسيمات أيضا إلى التعليم، حيث وجدنا التعليم الحكومي والاستثماري والأجنبي وكان من السهل ان يجتمع أبناء الفقراء أمام مكتب التنسيق
وان نجد على الجانب الآخر تعليما انجليزيا وكنديا وأستراليا وروسيا وفرنسيا وألمانيا وأمريكي وإيطاليا ويابانيا، وهنا ظهرت أمامنا أجيال مختلطة في ثقافتها تعاني ضعف الانتماء وكساد اللغة العربية وشحوب الجانب الديني.. ان التعليم المختلط أصبح الآن من أخطر الأزمات التي تواجهها الأجيال الجديدة، وهي بعيدة عن لغتها وتاريخها وانتماءاتها وتقاليد شعبها.
امام ميراث المال والأصول وتكدس الثروات والمنتجعات وخلل العملية التعليمية ظهرت سلوكيات جديدة على الواقع المصري تجسدت في مجموعة ظواهر أهمها الإحساس بالطبقية والتعالي على المجتمع والسفه في الإنفاق والاتجاه إلى سلوكيات خاطئة مثل المخدرات والجنس والتحرش، وقبل هذا كله تراجع منظومة المحرمات في المجتمع، حين استحل البعض المال العام على اعتبار انه حق للبعض دون عقاب أو حساب، ولعل هذا مهد لسلوكيات شاذة مثل السرقة واللصوصية حين وجدت لها مكانا في طبقات اجتماعية استحلت لنفسها كل شىء.. كان توريث السلوكيات الشاذة من أسوأ ظواهر الخلل في سلوكيات الشارع المصري، فقد ظهرت أجيال جديدة لا تعرف شيئا عن تقاليد وأعراف الإنسان المصري القديم بأخلاقه وترفعه وحلت مكانها أساليب جديدة في الانحطاط الأخلاقي ممثلا في قبول الحرام ونهب أموال الشعب..
وسط هذا الركام السلوكي والأخلاقي كان الزواج الباطل بين سلطة المال ممثلة في الطبقات الجديدة، وسلطة القرار ممثلة في المؤسسات المسئولة عن إدارة شئون المجتمع، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تجاوز إلى زواج المال بالمال حيث تكونت تكتلات اقتصادية على أسس من العلاقات الأسرية التي قامت على المال والزواج حتى وان انتهى بالطلاق.
في تقديري ان هذه المخلفات الشاذة هي أسوأ ما تركت سنوات النهب في مصر التي قسمت الشعب إلى شراذم مالية واجتماعية وإنسانية، وفقد التلاحم والتواصل، وقد ترك ذلك آثاراً سيئة أمام الأنانية الشديدة التي اتسمت بها سلوكيات الطبقات الغنية وتعاليها على بقية أبناء الشعب وغياب دورها تماما على المستوى الاجتماعي، بحيث انفصلت عن واقع مصر الإنساني في أماكن بعيدة وطموحات أبعد وعلاقات إنسانية اختصرت العالم كله في أسرة أو صداقة أو تجمعات مريبة حول صفقات أو مصالح مازلت أعتقد ان المواجهة الحقيقية بين الدولة وهذا الواقع الاجتماعي البغيض والمختل ان تسعى إلى تحقيق قدر من العدالة بين أبناء الوطن الواحد، دون ان تلجأ إلى إجراءات أو قرارات تعسفية لحماية الطبقات الفقيرة من جشع الكبار ولكن على هذه الطبقة الجديدة الدخيلة على النسيج الاجتماعي المصري ان تفيق من غفوتها وتمارس دورها في تحقيق التوازن بين من ملكوا كل شئ بالباطل ومن يستحقون كل شئ بالعدل.
ان سلطة القرار هي التي قامت بتوريث مصر بكل ما فيها لمجموعة من البشر مالا وأصولا وأهمية ودوراً، وهي القادرة على ان تعيد الحقوق لأصحابها من خلال منظومة عدل تحميها الدولة وتسعى لتحقيقها، لأن التقسيمات الطبقية التي شهدها المجتمع المصري أصبحت تهدد جميع مقوماته في البناء والتقدم.
إن هذا يتطلب تصحيحا للمسار من خلال إجراءات وسياسات تراعى فيها القوى الاجتماعية التي تهمشت سنوات طويلة بحيث أصبحت منظومة الفقر تجمع الجزء الأكبر من سكان مصر:
مطلوب ان يستعيد المجتمع قيمة العمل والجهد والكفاءة والنجاح، وان تسقط من قاموس حياتنا منظومة التوريث بكل ملفاتها.. ان تأخذ فرصة عمل لا تستحقها ويحرم منها الأحق والأجدر.. ان تحصل على توقيع مسئول كبير أو صغير في امتلاك أصول أو أراض أو عقارات لا حق لك فيها، ان تعتدي على المال العام كأنه مال خاص وتنهب منه ما تشاء دون رقابة أو حساب، أن يكون المسئول الكبير قدوة في السلوك والأمانة والترفع أمام مرؤسيه وان تعود للمال العام قدسيته في سلوكيات الناس.. ان تسقط منظومة المجاملات والتوصيات بحيث يعود مبدأ تكافؤ الفرص حسب الجهد والتميز والكفاءة؟
هناك قيم غرستها سلطة القرار وزعت فيها بصورة جائرة امتيازات وأصول وأرصدة وتحولت إلى مكتسبات موروثة على المستوى الاجتماعي، وفي ظل سعار المال الذي سيطر على الشارع المصري أصبح المال سلطانا على الجميع، ومع المال كان زواج السلطة ومع الاثنين كان الإحساس بالسطوة والقوة لدى البعض، بينما الملايين لا مال ولا سلطان ولا قوة، وهنا على المجتمع ان يستعيد توازنه بالقانون، فحين يغيب القانون تصبح القوة مصدر السلطات ممثلة في المال أو النفوذ أو الفوضى.. ان مصر الآن تعاني كل هذه الظواهر الغريبة وحين يغيب القانون تظهر مصادر أخرى للقوة أخطرها الفوضى والانفلات، وحين تغيب العدالة يكون الظلم صاحب القرار، وأمام ما تعرضت له مصر في السنوات العجاف فقد اختلت كل هذه القيم ونقطة البداية هي العدالة، لأنها حين تغيب يختل المسار وتفقد الحقيقة طريقها.
أما ما بقي من ثلاثية ثورة يناير فهي الحرية والكرامة الإنسانية وهذه قضايا أخرى قد نختلف عليها حيث لا كرامة بلا حرية.. وان كانت العدالة هي الأساس في هذه المنظومة التي اختلت كل مقوماتها وتحتاج إلى علاج حاسم وطريق واضح وقرار سليم، هناك عهد قام بتوريث مصر ظلما لطبقة جديدة أخذت كل شئ فهل يكون على يد العهد الجديد العدل والخلاص!.
..ويبقى الشعر
لَا أَنْت ِمِصْرُ وَلَا السَّمَاء ُسَمَاكِ
مُدِّى يَدَيْك ِ.. تَكَلَّمِى لِأَرَاكِ
هَذَا الذُّهُولُ عَلَى عُيُونِك ِحَيْرَةٌ
أَمْ دَمْعَةٌ فَاضَتْ بِهَا عَيْنَاكِ؟!
مَاذَا أَصَابَكِ ؟..خَبِّرِينِى مِحْنَة ٌ
عَبَرَت ْوَعَهْد ٌفَاسِد ٌأَشْقَاكِ
أَمْ فِتْنَة ٌحَلَّتْ وَسَيْف ٌغَادِر ٌ
سَفَك َالدِّمَاءَ الْبِيضَ فَوْقَ ثَرَاكِ؟!
غَرِقَت ْعَلَى شَطَّيْك ِكُل ُّسَفَائِنِى
وَتَعَثَّرتْ بَيْنَ الدُّرُوب ِخُطَاكِ
أَيْن َالشَّبَابُ؟..وَأَيْنَ أَيَّامُ الْهَوَى
وَالْكَوْن ُيَرْكَع ُفِى جَلَال ِبَهَاكِ؟!
شَاخ َالزَّمَان ُعَلَى ضِفَافِكِ..وَانْطَوَى
رَكْبُ السِّنِينَ وَضَاع سِحْرُ شَذَاكِ
مَاتَتْ عَلَى شَفَتَيْك ِأَحْلَام ُالصِّبَا
هَلْ سُوء ُحَظِّى أَمْ جُحُودُ جَفَاكِ؟!
قَدْ طُفْت ُحَوْلَكِ أَلْف َعَام ٍعَابِدًا
مَا كُنْتُ يَوْمًا هَائِمًا بسِوَاكِ
أَيْنَ النَّسَائِمُ وَالْأَصِيلُ يَضُمُّنَا
مَا قُلْت ُشِعْرِى فِى الْهَوَى لَوْلاَكِ
خَدَعُوك ِحِينَ تَرَنَّمُو بِهَوَاكِ
لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ فَارِسٌ يَرْعَاكِ
زَعَمُوا هَوَاك ِ..وَفِى الْمَنَايَا هَرْوَلُوا
لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ حَارِسٌ لِحِمَاكِ
مَا أكْثرَ الْعُشَّاقِ فِى دُنْيَا الْهَوَى
لَكِنَّنِى وَحْدِى الَّذِى يَهْوَاكِ
لَا أَنْتِ مِصْرُ وَلَا السَّمَاءُ سَمَاكِ
مُدِّى يَدَيْك ِتَكَلَّمِى لِأَرَاكِ
خَفَتَ الْبَرِيقُ وَغَابَ سِحْرُ ضِيَاكِ
عَهْدٌ مِنْ الطُّغْيَان ِوَلَّى..وَانْقَضَى
لِيَجِيئَ عَهْدٌ فِى الضَّيَاعِ رَمَاكِ
الْأِخْوَةُ الْأَعْدَاءُ خَانُوا حُلْمَنَا
هَدَمُو عَرِينًا شَيَّدَتْهُ يَدَاكِ
خَدَعُوكِ بِاسْمِ الْأمْنِ حِينَ تَسَلَّطُوا
فَوْقَ الرِّقَاب ِوَشَرَّدُوا شُهَدَاكِ
خَدَعُوك ِبِاسْم ِالْعَدْلِ حِينَ تَسَابَقُوا
نَحْوَ الْغَنَائِمِ يَشْرَبُونَ دِمَاكِ
الْإِخْوَة ُالْأَعْدَاءُ قَامُوا عُصْبَة ً
سَرَقُوُا النُّذُور َوَتَاجَرُوا بِدُعَاكِ
هَذِى الْغُيُوم ُالسُّودُ بَيْنَ رُبُوعِنَا
أَعْمَتْ عُيَون َالصُّبْح ِعَنْ رُؤْيَاكِ
أَيْنَ الطُّيُور ُعَلَى ضِفَافِكِ تَرْتَوِى
مِنْ عِطْرِ نِيلِكِ.. أَيْنَ دِفْءُ سَمَاكِ؟!
لَا النَّاسُ نَاسُكِ لَا الْوُجُوهُ وُجُوهُهُمْ
حَتَّى عُيُونُكِ لَمْ تَعُدْ عَيْنَاكِ
لَا النِّيلُ نِيلُك ِلاَ الضِّفَافُ ضِفَافُهُ
حَتَّى خُيُولُكِ هَرْوَلَتْ لِسِوَاكِ
أَيْن َالشُّمُوخُ وَأَيْنَ شَعْب ٌوَاثِقٌ
قَهَرَ الزَّمَان َوَلِلْذُّرَا أَعْلَاكِ
تَتَأَلَّمِينَ عَلَى الضِّفَاف ِكَأَنَّمَا
سَهْم ٌحَقُودٌ بِالدَّمَارِ رَمَاكِ
مُدِّى يَدَيْكِ.. وَعَانِقيِنِى عَلَّنِى
أَجِد ُالْأَمَان َدَقِيقَةً بِحِمَاكِ
شَاخَتْ رَوَابِيك ِالْحَزِينَة ُبَعْدَمَا
أَكَلَ الْفَسَاد ُثِمَارَهَا وَسَبَاكِ
بَاعُوكِ فِى سُوق ِالنِّخَاسَة ِسِلْعَة ً
للرَّاغِبِينَ وَجَهْلُهُم ْأَعْمَاكِ
يَتَقَاسَمُونَ الْمَوْتَ كَأْسًا مُرَّةً
مَا بَيْنَ سُخْط ٍعَابِثٍ وَعِرَاكِ
مَنْ قَسَّمَ الشَّعْبَ الْتَقَىَّ فَصَائِلًا
مَا بَيْنَ شَيْطَان ٍغَوَى وَمَلَاكِ
فِى سَاحَةِ الْغُفْرَان ِبَاب ٌوَاسِعٌ
لِلْمُؤْمِنِينَ.. لِكُلِّ قَلْب ٍشَاكِ
لَا أَنْتِ مِصْرُ وَلَا السَّمَاءُ سَمَاكِ
من قصيدة "لَا أَنْتِ مِصْرُ وَلَا السَّمَاءُ سَمَاكِ" سنة 2013
نقلا عن جريدة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.