تبدأ غداً أعمال القمة التاسعة للاتحاد الأفريقى فى أكرا عاصمة غانا بمُشاركة رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية 53 دولة أفريقية، بالإضافة إلى ممثلين من الجامعة العربية والأمم المتحدة ومراقبين دوليين، ويفتتحها الرئيس الغانى " جون كوفور "، وتبحث هذه القمة مناقشة اقتراح إقامة حكومة الاتحاد الأفريقى كخطوة انتقالية لقيام " الولاياتالمتحدة الأفريقية " . وتُعقد القمة تحت شعار مناظرة حول حكومة الاتحاد الأفريقى، وتناقش تسعة بنود أهمها تطوير مؤسسات الاتحاد الأفريقى لزيادة فاعليتها وبحث قطاع الطفولة وحقوق الإنسان والتطور الديمقراطى والحُكم الرشيد إلى جانب مناقشة القضايا الساخنة مثل الوضع فى الصومال ودارفور والكونغو الديمقراطية ومنطقة البُحيرات العُظمى والوضع فى الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية .
ويُشارك الرئيس مبارك فى هذه القمة وستتركز كلمته فى الجلسة الأولى للقمة غداً على رؤية مصر لمُجمل قضايا القارة السمراء وسُبل مواجهة بؤر التوتر والصراع، والتى تبلغ عددها حالياً حوالى 18 صراعاً ما بين صراعا داخلياً أو بين دولتين أفريقيتين أو أكثر، خاصة الوضع فى إقليم دارفور السودانى والصومال والبُحيرات العُظمى، وقد تبنى المجلس التنفيذى للاتحاد الأفريقى - والذى عُقد على مستوى وزراء الخارجية بأكرا- مبادرة مصر التى تقدم بها أحمد أبو الغيط وزير الخارجية بناء على التماس من المجموعة العربية بشأن مُبادرة السلام العربية الصادرة عن قمتى بيروت 2002 والرياض العام الحالى، وذلك خلال مداولا ت المجلس حول التقرير الخاص بالوضع فى الشرق الأوسط وفلسطين، وصرح أبو الغيط بأنها المرة الأولى التى يتبنى فيها المجلس التنفيذى للاتحاد الأفريقى مشروع إعلان رئاسى منفصلاً عن القرار السنوى للقمة عن الشرق الأوسط وفلسطين .
وأشار السفير سيف الله نصير سفير مصر فى غانا أنه سيتم انتخاب مفوض الاتحاد الأفريقى والأعضاء العشرة بالمفوضية وأعضاء اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى اعتماد قرارات وإعلانات الدورة الحادية عشر لمجلس وزراء خارجية دول الاتحاد وتحديد الدولة التى سترأس الاتحاد خلال الفترة المُقبلة .
وكان وزراء الخارجية الأفارقة قد أشاروا إلى أن معظم دول الاتحاد الأفريقى لا تريد التعجيل بتشكيل حكومة للقارة الآن، ولكنها تفضل اتخاذ خطوات تدريجية لبناء قارة أفريقية موحدة بشكل أقوى، ويبدو أن موقف ما يُسمى بالتدريجيين هو السائد على ما يبدو بين معظم القادة الأفارقة .
ويأتى على رأس جدول أعمال القمة الاتحاد الأفريقى الذى يضم 53 دولة إجراء نقاش موسع بشأن تشكيل ولايات متحدة أفريقية وحكومة اتحادية لها وهو حلم يتبناه منذ فترة طويلة مؤيدو الإندماج بين كل دول القارة، ويصف منظمو قمة أكرا التى تستمر ثلاثة أيام على أنها لفتة عرفان بالجميل لأول رئيس لغانا بعد الاستقلال الرئيس " كوامى نكروما " الذى أصبح حامل لواء الوحدة الأفريقية، بعد أن تولى السلطة من الاستعمار البريطانى قبل نحو نصف قرن، غير أن متشككين يرتابون فيما إذا كانت فكرة تشكيل حكومة اتحادية فى أفريقيا هى فكرة عملية بعد عقود من الحروب والانقلابات والمذابح التى عادة ما تتجاوز الحدود فى قارة شاسعة قسمها حُكام استعماريون سابقون بشكل مصطنع .
وفى الوقت الذى يتبنى فيه أغلب الأفارقة رؤية قارة متحدة غنية بالموارد يسكنها 800 مليون نسمة قادرة على مُخاطبة العالم بصوت واحد، إلا أن المراقبين يرون أنه يتعين على زعماء الاتحاد الأفريقى أولاً التصدى للمشكلات الأكثر إلحاحاً التى تقف على عتباتهم مثل دارفور والصومال، وقد دافع منظمو القمة عن جدول الأعمال الذى يضم موضوعا واحداً ونفوا أن تكون خطة تشكيل حكومة موحدة للقارة السوداء خطة طموحة أكثر من اللازم .
ومن ناحيتها اعترف وزير خارجية غانا بوجود خلافات بين زعماء بُلدان الاتحاد الأفريقى بشأن مدى سرعة تشكيل حكومة اتحادية لولايات متحدة أفريقية وكيفية إدارتها، ففى الوقت الذى يدافع فيه علناً بعض الزعماء مثل الزعيم الليبى معمر القذافى والرئيس السنغالى عبد الله واد عن تشكيل حكومة للقارة، إلا أن آخرين مثل رئيس جنوب أفريقيا " ثابو مبيكى " يفضلون نهجاً أكثر تدرجاً .
تكتسب هذه القمة أهميتها من عدة اعتبارات أولها أنها تأتى فى وقت وصلت فيه الأوضاع على الساحة الأفريقية إلى درجة من التردى لم يعد من المُمكن السكوت عنها خاصة ما يتعلق بالصراعات المسلحة التى وصل عددها إلى 18 نزاعاً، وتسفر كل يوم عن سقوط ضحايا جُدد معظمهم من الأطفال والنساء، ويتمثل الاعتبار الثانى فى أن الحالة الاقتصادية لمعظم سكان القارة تنتقل من سيئ إلى أسوأ يوماً بعد يوم، وهو ما ينعكس على مستوى معيشة المواطنين الأفارقة، وانتشار الأمراض وتراجع خطط التنمية وارتفاع حجم الديون الخارجية، والاعتبار الثالث فهو أن العالم الخارجى المحيط بالقارة الأفريقية يظهر كل يوم مدى عدم اهتمامه ولا مبالاته بالمآسى التى تجرى على الأراضى الأفريقية .
ويرى المحللون أن كل دول أفريقيا قد حصلت على استقلالها السياسى فإن هذا الاستقلال لم تتم ترجمته إلى استقلال اقتصادى، بل على العكس ازداد ارتباط اقتصاديات أفريقيا بعجلة الاقتصاد العالمى بكل ما يعنيه ذلك من نقل مساوئ العولمة إلى المواطن الأفريقى الفقيراقتصاديا والغنى جدا بموارده ، ويترتب على ذلك أن على قادة أفريقيا أن يفطنوا إلى هذا المآزق، وأن يحاولوا فى قممهم إيجاد حلول للخروج من هذا الارتباط بالغرب بأقل الخسائر . 30/6/ 2007