يجري اليوم وفد عسكري روسي برئاسة قائد المديرية العامة للتعاون العسكري الدولي بوزارة الدفاع الجنرال أناتولي مازوركيفيتش مشاورات في واشنطن حول قضايا الاستقرار الإقليمي والشامل. وسيجري العسكريون الروس لقاء مع كبار مسؤولي البنتاجون برئاسة نائب وزير الدفاع الأمريكي للشؤون السياسية إريك إيدلمان في إطار فريق رفيع المستوى "مازوركيفيتش- إيدلمان" الذي استحدث بقرار من وزيري الدفاع الروسي والأمريكي حينذاك سيرجي إيفانوف ودونالد رامسفيلد. وكانت الجولة الأولى من هذه المشاورات قد جرت في مارس 2006 في واشنطن أيضا. وقال مصدر في وزارة الدفاع الروسية إن المشاورات ستتناول قرار الولاياتالمتحدة بنشر عناصر للمنظومة العالمية للدفاع الصاروخي في أوروبا وما يثيره هذا القرار من ضرورة قيام روسيا بدراسة احتمال انسحابها من معاهدة تصفية الصواريخ المتوسطة والقريبة المدى بهدف ضمان أمنها الخاص. ومن المنتظر، حسب المصدر، أن يلفت الجنرالات الروس انتباه الأمريكيين إلى أن نشر منطقة موقعية للدفاع الصاروخي في القارة الأوروبية-الآسيوية سيعني تجهيز كتل القوات المسلحة الأمريكية في أوروبا بعناصر استراتيجية لم تكن في حوزتها إلى الآن. وأشار المصدر إلى أن الوفد سيعلن لواشنطن أن موسكو تنظر إلى مجموعة الوسائل المضادة للصواريخ المنشورة على مقربة من الحدود الروسية باعتبارها منظومة ذات أهمية استراتيجية ستكون قادرة إذا ما نمت لممارسة تأثير كبير على قدرة الردع الروسية. كما سيشير الوفد الروسي إلى واقع أن شروط سريان المعاهدة حول تصفية الصواريخ المتوسطة والقريبة المدى تحرم روسياوالولاياتالمتحدة فقط من احتمال الحصول على هذا النوع من الأسلحة. ورأى المصدر أنه إذا كانت هذه الوسائل لا تبدو حيوية بالنسبة إلى الولاياتالمتحدة التي يفصلها عن الدول ذات الأنظمة غير المستقرة محيطان فإن هذا الوضع يختلف تماما بالنسبة إلى روسيا. من جهة أخرى أعلن ناطق باسم وزارة الدفاع الروسية أن القيادة العسكرية تشعر بالقلق من خطط الولاياتالمتحدة بإقامة منطقة ترابط فيها منظومة الدفاع المضاد للصواريخ في أوروبا. وحذر من أن "روسيا ستقوم بلا شك بعد الانسحاب من المعاهدة المذكورة بإنتاج هذا النوع من الصواريخ بصورة عاجلة، وستكون هذه خطوة اضطرارية لا مفر منها، وأحد التدابير الجوابية والمقابلة بالمثل التي أعلنها ممثلو القيادة الروسية مرارا. أما وزارة الخارجية الروسية فأعربت عن اعتقادها بأنه في حال نشر مقومات الدفاع الأمريكي المضاد للصواريخ في أوروبا سيطرأ تغيير جذري على الوجود العسكري الأمريكي. وقال نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر جروشكو إن وجود بنى الدفاع الأمريكي المضاد للصواريخ بالقرب من الحدود الروسية "سيغدو عاملا يتوجب علينا أخذه بالاعتبار لدى رسم الخطوات في المجال السياسي- العسكري، وعلى صعيد البناء العسكري العملي. إذ إن تدهور الوضع الدولي سيمس مصالح أمن طائفة واسعة من دول العالم إن لم تتسن تهيئة الظروف التي يسود في ظلها التكهن بتطورات الأحداث، والشفافية، والثقة في ما يخص الدفاع المضاد للصواريخ". كما أشار الدبلوماسي الروسي إلى أنه "لا توجد أخطار على الولاياتالمتحدة لا الآن ولا في المستقبل المنظور تتطلب نشر عناصر الدفاع المضاد للصواريخ في تشيكيا وبولندا، وأن التصريحات التي أدلى بها المسؤولون الأمريكيون توحي إلينا بأن كل ذلك يهدف إلى حماية القارة الأوروبية. إلا أن أوروبا في شخص الاتحاد الأوروبي أو منظمات أخرى، ولاسيما حلف الناتو لم تطلب من واشنطن مساعدة من هذا النوع". وتساءل جروشكو:"ماذا يقف وراء هذه المنظومة"؟ محذرا في الوقت نفسه من الوقوع في مصيدة منطق "الحرب الباردة".