هل ترفض السماع للآخر؟ وإذا أستمعت هل تكتفي بالسماع دون تفهم وجهة نظره؟.. هل تتمنى إزاحة منافسك في العمل أو في السياسة أو في الانتخابات بأي شكل حتى لو من خلال تلفيق اتهام باطل أو أن تشيع عنه ما ليس فيه؟ هل تؤمن بالعدل؟ وهل من العدل أن تظلم الآخرين تحت أي مسمى؟ هل تؤمن بأن رأيك هو الصواب ورأي الآخرين هو الخطأ، وترى أن يتم تطبيق رأيك رغما عن الآخرين تحت زعم أنك الصواب وأن الآخرين هم الخطأ؟ .. هل تتمنى النجاح لك وحدك والفشل للآخرين، وتؤمن بأن القمة مدببة لا تتسع إلا لنفسك حتى وإن تظاهرت بعكس ذلك؟ .. هل أنت مستعد للتضحية من أجل من يختلف معك في الرأي.. تدافع عنه.. ام أنك تتمنى له الشر بكل ألوانه وصوره؟ .. هل أنت تساعد الآخرين في إطار أنك تؤمن بأنك جزء من كل.. أم ترى أنك الكل وليذهب الآخرون إلى الطوفان؟ .. هل تتبارى في رفع صوتك في محاولة لإرهاب الآخرين وفرض رأيك عليهم؟ .. هل تستميت في الجدل لكي تثبت أنك الصواب وغيرك الخطأ ولا تلوم نفسك على ذلك؟ .. هل تؤمن بالتفاوض والحلول الوسطية بحيث لايكون هناك غالب أو مغلوب، أم أنك تصر على أن تفوز وحدك ويخسر الآخرون؟ .. هل ترى أن الديمقراطية هي انتصار وجهة نظرك أنت، وترفضها حينما تصب في مصلحة الآخرين؟ .. هل تؤمن بمبدأ الإعدام المادي أو المعنوي للمنافسين أو حتى الخصوم لتظل وحدك في الساحة؟ .. هل أنت مستعد للاحتكام للصندوق الانتخابي دون إقصاء او تخوين، أم انك تريد الصندوق الانتخابي لك وحدك وليذهب الآخرون الى الجحيم؟. .. هل يتسع صدرك لمناقشة أفكار المصالحة إذا كانت المصلحة العامة تقتضي ذلك، أم أنك تصر على الانتقام والتشفي وتعليق المشانق بالحق والباطل؟ هذه هي بعض الأسئلة المهمة التي أطرحها أمامك عزيزي القارىء، ولك ان تجيب عليها بنفسك وامام ضميرك لترى هل أنت ديكتاتور أم أنك ديمقراطي تؤمن بالحرية قولا وفعل، وقد جاءتني تلك الفكرة نتيجة الأحداث التي شهدتها مصر خلال الأسبوعين الأخيرين، وتصاعد حدة الاستقطابات والاتهامات بين الفصائل والقوى السياسية المختلفة، كذلك بين الأفراد بعضهم وبعض في محاولة من كل طرف فرض وصايته على الآخرين، وغياب صوت العقل والحكمة.. بل وصل الأمر إلى إتهام هؤلاء العقلاء بأبشع الاتهامات لمجرد أنهم يحاولون التهدئة وقول الحق وسط طوفان حرائق الفضائيات وكتيبة المتربحين من الإعلاميين الذين يقبضون الملايين، ولديهم الاستعداد الكامل لحرق الوطن مقابل الحفاظ على امتيازاتهم ورواتبهم وملايينهم أتصور أن المفاجأة كانت مذهلة يوم الاثنين الماضي على كل من كان يحاول تعطيل الانتخابات، وكان رد الشعب المصري مذهلا كعادته حينما خرج بكثافة لينتصر لمصر أولا وأخيرا، وينتصر للديمقراطية الحقيقية التي تحتكم إلى الصندوق الانتخابي، وينتصر لإستقرار مصر وأمنها في ثاني رد فعل بعد قيام ثورة 25 يناير حيث كانت المرة الاولى يوم الاستفتاء، ثم كانت المرة الثانية يوم الاثنين حينما تحولت اللجان الانتخابية إلى كتلة هائلة من البشر ( شباب وشيوخ ونساء) وقفوا ساعات طويلة دون كلل أو ملل، رغم كل دعاوي التخويف من أعمال البلطجة والعنف داخل اللجان وخارجها. تحدى المصريون الخوف، وليت رسالة الشعب المصري المتسامح والرائع تصل إلى كل القوى السياسية والائتلافات الثورية والتيارات المختلفة لنفهم جميعا مزاج الشعب المصري وطبيعته الرافضة لكل الوان التعصب والتطرف. أخيرا أرجوك عزيزي القارىء أن تجيب عن الاسئلة وليحكم كل منا على نفسه لنعرف إلى أين نحن سائرون؟!. نقلا عن جريدة الأهرام