تشرق الشمس في جنوباسبانيا، وفي مدن الأندلس القديمة بالتحديد، 300 يوم في السنة أو أكثر. وترتفع الحرارة في الصيف هناك إلى أكثر من 40 درجة مئوية، وهو سبب اختيارها من الألمان لبناء أكبر محطتين في العالم للاستفادة من الطاقة الشمسية في انتاج الكهرباء والحرارة. ويعول العلماء الألمان على المشروع لتحويل أفريقيا إلى اكبر مصدر للطاقة الشمسية إلى أوروبا خلال السنوات القادمة. وذكر المهندس اوليفر فوربروغ، من شركة «سولار ميلينيوم» الألمانية، أن الحكومة الاسبانية، وضعت حجر الأساس لمشروع «انداسول2» في وقت يقترب موعد الانتهاء من مشروع «انداسول1» في جنوبإسبانيا. ويتألف المشروعان من اكثر من 200 ألف مرآة، مختلفة الحجم، لتركيز ضوء الشمس وكسب الحرارة العالية منه. وطبيعي فإن نجاح المشروع سيعني الكثير بالنسبة للبلدان الأفريقية التي تشرق الشمس في بعضها طوال السنة. وتبلغ تكلفة كل مشروع نحو 300 مليون يورو. وحسب تصريحات فوربروغ فإن الولاياتالمتحدة تستخدم هذه التقنية منذ أكثر من 20 سنة، إلا أن الحكومة الاسبانية، بالتعاون مع شركة سولار ميلينيوم، تعول على المشروع لتزويد مدن بأكملها بالطاقة، وليس وحدات سكنية صغيرة كما هو جار في الولاياتالمتحدة. ومبدأ العمل في المفاعل الشمسي بسيط لأن يستخدم المرايا لتركيز ضوء الشمس على مفاعل يحتوي على زيت خاص. وترفع المرايا حرارة الزيت إلى 400 درجة مئوية ليمرر لاحقا في أنابيب يجري فيها تحويل الطاقة الحرارية إلى بخار كما هي الحال في المراجل الاعتيادية. ويمرر البخار الساخن بعدها على تربينات ضخمة تحول الحرارة إلى كهرباء يمرر عبر الاسلاك. ويجري في مشروع انداسول2 نصب مرايا القطع المتكافئ على ثلاث منصات كبيرة، وعلى محاور تتيح لها الدوران لمواجهة الشمس، وهو ما يضمن لها أن تستقبل أقصى ما يمكن من أشعة الشمس في كل ساعات النهار. ويمكن لمشروع انداسول1 أن ينتج الكهرباء بطاقة 50 ميغاواطا، اي ما يكفي لتغطية احتياجات 200 الف إنسان. وأشار فوربروغ إلى أن هذا الانتاج من الطاقة يتفوق على أفضل محطات انتاج الكهرباء من الخلايا الكهروضوئية من ناحية الكم والتكلفة. وتستغل وحدات انتاج الكهرباء بواسطة المرايا 25% من ضوء الشمس الساقط عليها، في حين تتحدد قدرة الخلايا الضوئية، في أحسن التقنيات المستخدمة حاليا، على استغلال 14% من ضوء الشمس الساقط عليها. ويحاول فريق العمل الألماني في اسبانيا تحسين هذه النسب من خلال استخدام المرايا المعدنية الصقيلة. وهناك ميزة أخرى تجعل تقنية انتاج الطاقة الشمسية من الحرارة بواسطة المرايا أفضل من غيرها، فالوحدات تعمل في الايام الغائمة وفي المساء أيضا. ويعود الفضل في هذه الميزة إلى 28 ألف طن من الملح المحفوظ داخل أحواض كونكريتية كبيرة. ويعمل الملح هنا بمثابة حافظ لحرارة ضوء الشمس، ويؤهل أنداسول1 2 لمواصلة انتاج الطاقة في الظلام طوال 5 7 ساعات. ويعد المهندسون العدة لبناء انداسول3 في شمال أفريقيا أو في منطقة البحر الأبيض المتوسط، بعد الانتهاء من مشروع أنداسول2 عام 2009. وذكرت كريستينا بيلتل، رئيسة مجلس الإدارة في سولار ميلينيوم، أنه تم تفضيل اسبانيا على افريقيا في السابق، بسبب الدعم الاسباني الأوروبي المشترك للمشروع، لكن الشركة ترى أن المشروع سيأتي بتائج أفضل في شمال أفريقيا، وأن استيراد الطاقة الكهربائية، المنتجة من ضوء الشمس في أفريقيا، لم يعد حلما. وكانت الوكالة الألمانية لأبحاث الجو والفضاء قد حسبت في دراسة لها أن استيراد مثل هذه الطاقة من أفريقيا في المستقبل، لن يرفع سعر انتاج الطاقة إلا بمقدار1,8 سنت. وهي نسبة ضئيلة قياسا بسعر انتاج الطاقة البديلة حاليا وقياسا بمتوقع الاسعار الفعلية للطاقة التقليدية في اوروبا في المستقبل. ويمكن لأفريقيا ان تزود اوروبا بطاقة شمسية تسد 15% من احتياجاتها حتى عام 2015، كما أنها ستضمن القضاء على مصادر الطاقة الأفريقية التي تهدد البشر والبيئة، مثل الحطب والنفط، حتى عام 2050. وستكون محطات الطاقة الشمسية في أفريقيا، حتى عام 2050، قادرة على تزويد اوروبا وافريقيا بالطاقة. وحسب رأي هانز مولر شتاينهاجن، من الوكالة الألمانية لأبحاث الجو والفضاء، فإن المستقبل مكتوب لمحطات انتاج الكهرباء بواسطة المرايا على حساب المراوح الهوائية والخلايا الضوئية، وغيرها من مصادر الطاقة البديلة. وأكد مولر شتاينهاجن، أن العلماء بحاجة إلى 1% من الصحراء الكبرى لنصب مرايا تزود العالم بأكمله بالكهرباء المنتج من ضوء الشمس