سبحانك يارب تعز من تشاء وتذل من تشاء.. وأخيراً تحقق الحلم نحو تحقيق عدالة السماء وبدأت محاكمة الرئيس المتنحي السابق حسني مبارك ونجليه.. وشاهدها مباشرة وعلي الهواء الملايين واستمعوا وهم غير مصدقين أن الرجل داخل قفص الاتهام شأنه في ذلك شأن أي مواطن والمستشار العادل والحازم أحمد رفعت يسأله عما نسب إليه من تهم ويجيب مبارك أنه ينكر تماماً كل التهم الموجهة إليه. .. إن علانية المحكمة الطبيعية لأول رئيس مصري وعربي تؤكد دور مؤسسة القضاء المستقل في مصر.. وتؤكد ميلاد جديد لمصر ونجاح ثورة 25 يناير.. ويا له من مشهد أراح الملايين من المصريين وخاصة أسر شهداء ومصابي الثورة. واطفأ من نيران الألم والشعور بالظلم.. انه منظر اراح الجميع في حين تعاطفت فئة قليلة مع بعض اعمال الرجل وتاريخه بما له وما له وعليه ما عليه.. وعليه الكثير. عموما فإن مصر التي حاكمت رئيسها إنما تؤكد قوة الثورة المصرية ومصداقيتها وعدالة ونزاهة قضائها وصدق وحرص مجلسها الأعلي العسكري علي نجاح ثورة 25 يناير وتنفيذ مطالبها العادلة والآن علينا جميعا أن نترك المحاكمات للقضاء الذي نثق في عدله ونزاهته لاستكمال مراحلها في مناخ من العدالة للجميع لنؤكد للعالم كله ان مصر بلد الحضارة قادرة علي اجراء محاكمات طبيعية وعادلة للجميع وبدون ضغوط.. وكان مسار الجلسة الاولي من ناحية اعطاء الفرصة كاملة لمحامي المتهمين ومدعي الحق المدني في التعبير بحرية ونزاهة عن موكليهم كان وبحق مثار فخر لكل مصري يؤكد أن بلاده بها قضاء شامخ. إن محاكمة مبارك والعادلي وعلاء وجمال ورموز النظام امام القضاء الطبيعي وليس العسكري هي رسالة حضارة من مصر الدولة المدنية الجديدة لكل دول المنطقة والعالم.. ولكل زعماء المنطقة أن يراعوا مصالح شعوبهم وانه لا يوجد أحد فوق القانون.. وأن من يظلم شعبه ويحرض علي قتله وتلفيق القضايا لأبناء بلاده أو يرتكب الخطايا تلو الخطايا في حق شعبه سوف يكون مصيره مثل مصير مبارك. نتنياهو.. وبن إليعازر لقد تذكرت وأنا اتابع احداث المحاكمة التاريخية ما قاله بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل الحالي عندما كان يحاكم منذ سنوات في احدي القضايا وكان رئيسا للمعارضة آنذاك وهو يتحدث للصحفيين من داخل قفص الاتهام مؤكدا انه يتحدي ان يمثل أي حاكم عربي ويدخل قفص الاتهام مثله مدعيا ان بلاده هي بلد الديمقراطية في الشرق الأوسط!! وقلت في نفسي هاهي مصر الثورة تحاكم رئيسا بالعدل وبالحق لتؤكد مسيرتها الديمقراطية في المنطقة ولكن فوجئت علي شاشة التليفزيون تصريحات السيد بنيامين بن اليعازر وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق والذي كان من اقرب قادة تل أبيب إلي مبارك والتي تصف يوم محاكمته بأنه يوم حزين ومدعيا ان شعب مصر ادار ظهره لرئيسه الذي حارب من أجله!! وللسيدين نتنياهو وبن اليعازر نقول لهما شكر الله سعيكما وان ثورة 25 يناير وشعب مصر استطاعا ان يؤكدا ويكرسا عظمة الدور المصري والحضور المصري العائد بقوة للمنطقة.. وسوف يظل يوم محاكمة مبارك نقطة مضيئة في تاريخ مصر وسيتوقف امامه كل قادة المنطقة كثيرا لاستخلاص العبر.. ولعل الجميع يتعظون ويعملون لصالح شعوبهم ولصالح الحرية والديمقراطية والكرامة لشعوب المنطقة بلا استثناء لتأخد مكانها تحت الشمس. ومن المؤكد أن الأيام القادمة سوف تبرز مصر كواحدة من معاقل الديمقراطية الحقة وليست ديمقراطية المرواغات واغتصاب اراضي فلسطين بواسطة عصابات الهجانا ومحترفي سرقة اراضي الشعوب العربية وما لها من تاريخ اسود في الأجرام والاغتصاب والقتل والاستيطان والتنكيل بالأسري الفلسطينيين وجعل فلسطين كلها سجنا كبيرا وتحاول منع سلطته الوطنية من الحصول علي اعتراف الأممالمتحدة باعلان دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس.. والأممالمتحدة هي التي اعلنت قيام دولة الكيان الصهيوني علي ارض فلسطين عام 1948 بمساعدة أمريكا وأوروبا وروسيا ومن هنا فإنه لزاما علينا ثواراً ومجلسا عسكريا وحكومة واحزابا سياسية وكل القوي الدينية مسلمين ومسيحيين ان نتحد جميعا ولا نعطي الفرصة للفرقة أو الفتنة بيننا.. نريد استكمال الثورة بإعادة البناء والاعمار لتتحقق مكاسب ثورتنا وبسرعة مطلوب اعادة وتوفير الأمن والاستقرار وكشف هؤلاء الذين يستغلون المناخ الحالي ويمارسون الانفلات الاخلاقي لتصفية حسابات شخصية علي حساب المبادئ.. علينا التصدي لهؤلاء وللانتهازين الجدد ولفلول البلطجة والتشبح السياسي من خلال العمل الوطني وتحفيز الاقتصاد وتوفير فرص العمل بسرعة وسوف يأتي ذلك كله برسم خريطة طريق للمستقبل بجداول زمنية محددة لتنفيذ مطالبنا في سرعة الانتخابات البرلمانية ثم الدستور ثم الانتخابات الرئاسية ونحن متسلحون بالوعي وبعيدا عن الشعارات الدينية للتأثير علي البسطاء في القري والكفور لتعود مصر قوية سياسيا واقتصاديا ولتقلع مصر من سنوات التردي السابقة والتشرذم وتراجع الدور إلي آفاق مستقبل واعد وزاهر لبناء الجمهورية الثانية في مصرنا المحروسة والآمنة دائما بإذن الله. عجايب * علي عكس ما كان متوقعا وبناء علي تصريحات وتسريبات عديدة من محامي الرئيس السابق المتنحي حسني مبارك ظهر الرجل متماسكا محافظا علي مظهره وكان في حالة كاملة من الوعي والادراك الحسي لكل ما يجري من تفاصيل في المحكمة وكان دائم النظر إلي "ساعة يده" تعجلا للخروج من قفص الاتهام.. ظهور مبارك بهذه الصورة يؤكد أن صحة الرجل مازالت جيدة وان ما قيل عن التدهور وانه يعيش علي المحاليل كان مبالغا فيه لغرض في نفس يعقوب. * أثار وقوف كل من نجلي الرئيس السابق علاء وجمال امام والدهما لحجب الكاميرات عنه انتباه الجميع. * بعض طلبات محامي مبارك السيد فريد الديب كانت مستفزة لجموع المصريين وخاصة تلك التي طالب المحكمة فيها باستجواب اكثر من 1630 شاهدا ومعني ذلك أنه يريد أن يطيل امد المحاكمة إلي يوم القيامة. * أعتقد أنه بعد صدق المجلس الأعلي للقوات المسلحة وحكومة د. عصام شرف ومحاكمة مبارك ورموز النظام السابق علنيا كفكفت كثير من دموع أسر شهداء ومصابي الثورة بشكل مباشر وعلي الهواء. * بعد ما ذكره أحد محامي المجني عليهم في جلسة محاكمة مبارك من أن كلا من المشير طنطاوي والفريق سامي عنان قد تلقيا اشارات بالتعامل مع المتظاهرين وتسوية ميدان التحرير بمن فيه يعطي مدلولا بأن الذي اعطي هذه الاشارات شخص أعلي من درجة وزير.. يعني حاجة كده كبير قوي وبالصعيدي كبير جوي!! * بعد غرق ثلاثين من خيرة شباب مصر في البحر المتوسط وهم في طريقهم إلي إيطاليا في هجرة غير شرعية انطلقوا بمركب قديم متهالك من الإسكندرية بعد أن سدد كل منهم 50 ألف جنيه مصري لأحد المكاتب التي تبيع الوهم لشبابنا والتي تعمل دون خوف من القانون لابد من وقفة مع هذه المسألة.. مسألة الهجرة غير الشرعية وخاصة بعد ثورة 25 يناير والضرب بأيد من حديد علي هؤلاء الذين يخدعون شبابنا.. لابد أن نجد البدائل للهجرة غير الشرعية من خلال التعاون مع الحكومة الايطالية لاعداد وتنمية مهارات شبابنا ونوفر فرص العمل بالداخل والخارج بشكل قانوني وهناك تجربة تقوم بها إيطاليا من خلال إنشاء 3 مدارس في الفيوم وسوهاج وبورسعيد لتدريب الشباب المصري علي اعمال الفندقة وتطوير وتنمية مهارات شباب مصر كما تقول السيدة بيير اسوليناس المسئول عن مشروع مدرسة الفيوم الذي يتكلف 2 مليون يورو لاعداد وتوفير فرص عمل داخل الفيوم لابناء مصر كبديل عملي لتحدي العمل داخل البلاد بأجور جيدة بدلا من تحدي البحر بالمرارة والموت غرقا.. والسؤال أين المشروعات الصغيرة والمتوسطة..؟! وأين الصندوق الاجتماعي للتنمية.. مجرد سؤال حتي نحمي شبابنا من مخاطرة الهجرة غير الشرعية. نقلا عن جريدة الجمهورية