فى تطور مُثير لأزمة الملف النووى الكورى الشمالى،أعلن المبعوث النووى الأمريكى " كريستوفر هيل " فى طوكيو اليوم السبت 23/6 أن كوريا الشمالية ستغلق مفاعل " يونجبيون " النووى المُثير للجدل قريباً ربما خلال ثلاثة أسابيع، وجاءت تصريحات " هيل " مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية في ختام محادثاته مع نظيره اليابانى بمقر وزارة الخارجية فى طوكيو، التى وصلها قادماً من كوريا الشمالية في أول زيارة لمسؤول أميركى على هذا المستوى منذ حوالى خمس سنوات مُشيراً أن إغلاق مفاعل " يونجبيون " لصناعة البلوتونيوم، والذى يعتبر المصدر الرئيسى لصناعة الأسلحة لكوريا الشمالية سيتم بعد توصل كوريا الشمالية إلى اتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن مراقبة العملية، ومُضيفاً أن الجولة المقبلة من المحادثات السداسية بشأن إنهاء البرنامج النووى الكورى الشمالى ستُعقد بعد بدء إغلاق المفاعل . وكانت كوريا الشمالية قد التزمت بإغلاق مفاعل " يونجبيون " فى اتفاق أبرم فى 13 فبراير مع الولاياتالمتحدة والصين وكوريا الجنوبية وروسيا واليابان، وقالت كوريا الشمالية اليوم أنها ستبدأ تنفيذ اتفاقية نزع السلاح بمجرد استعادة الأموال المُجمدة منذ فترة طويلة، وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية لكوريا الشمالية الى أن كبير مفاوضيها النوويين ناقش مع هيل فكرة عقد الجولة المقبلة من المحادثات السداسية فى أول يوليو المقبل، مُشيراً أنه فيما يتعلق بتنفيذ اتفاقية 13 فبراير، فالجانبان يتقاسمان وجهة النظر نفسها بخصوص هذا الموضوع . وكانت الكوريتان والولاياتالمتحدة واليابان وروسيا والصين قد اتفقوا على أن تبدأ كوريا الشمالية فى إغلاق برنامجها النووى مقابل مكاسب سياسية واقتصادية ومساعدات فى مجال الطاقة، وقد أعاق تنفيذ الاتفاقية طلب كوريا الشمالية استعادة 25 مليون دولار من الأموال التى جُمدت بناء على طلب واشنطن وأفرج عن هذه الأموال فى الآونة الأخيرة. ونقلت وكالة الأنباء الروسية عن مصدر حكومى روسى أن المبلغ سيحول إلى حساب كوريا الشمالية فى الأراضى الروسية يوم الاثنين من مصرف " دلتا آسيا " في ماكاو وأن الأموال ستحول أولا إلى فرع للبنك المركزي الأمريكى في نيويورك ومن ثم يحول المبلغ إلى البنك المركزى الروسي قبل وضعه فى حساب مصرفى لكوريا الشمالية في روسيا. وفى هذا السياق قامت كوريا الشمالية بإجراء تجارب صاروخية تتزامن مع احتفالات الولاياتالمتحدة التى توافق الرابع من يوليو بعيد الاستقلال، من بينها تجربة صاروخ طويل المدى له قدرة من الناحية النظرية على الوصول إلى الساحل الغربى الأمريكى .
ومن جانبه أعلن الدكتورمحمد البرادعى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مفتشين كبار بالأمم المتحدة سيصلون إلى كوريا الشمالية يوم الثلاثاء المقبل للإتفاق على تفاصيل التحقق من إغلاق المفاعل النووى لكوريا الشمالية،مُشيراً إلى أن فريق التفتيش سيكون برئاسة نائب مدير الوكالة لشئون التسلح النووى " أولى هيونن "، وأن الوكالة ستبدأ عملية طويلة ومُعقدة بخصوص إغلاق المفاعل الكورى الشمالى الذى يعتقد بأنه يستخدم لإنتاج البلوتونيوم لأغراض عسكرية، وفى فيينا صرح " إيهان إيفرنسيل " المتحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن المنظمة الدولية في انتظار التأكيد الرسمى من سفارة كوريا الشمالية لتحديد موعد زيارة المفتشين الدوليين إلى بيونج يانج للاتفاق على الأسلوب الذى سيتم اتباعه لغرض الرقابة على مفاعلها النووى وإغلاقه.
وفى بوادر خلاف يابانى – أمريكى حول طريقة التعامل مع الملف النووى الكورى، شكك وزير الخارجية اليابانى " تارو آسو " فى نتائج الزيارة المفاجئة التى قام بها هيل لكوريا الشمالية، مُستبعداً أن تسفر عن نتائج سريعة، مُحذراً الأمريكيين من التسرع فى التقارب مع الشطر الشمالى، وألا يقدموا التنازلات بسهولة فى إشارة إلى الإفراج عن أرصدة بيونج يانج المجمدة .
وفى سول أكد وزير خارجية كوريا الجنوبية " سونج مين سون " أن محادثات تفكيك البرنامج النووى الكورى قد عادت إلى مسارها مرة أخرى بعد توقفها لعدة شهور بسبب أموال كوريا الشمالية المجمدة، بينما أعرب المفاوض الكورى الجنوبى حول الملف النووى " تشون يونج وو " عن استعداد بلاده للمشاركة فى المفاوضات فور استئنافها، وقد اقترح الرئيس الكورى الجنوبى " روه مووهيون " تحويل المحادثات السداسية حول الأزمة النووية الكورية إلى هيئة دائمة للأمن القومى الإقليمى تعمل على تدعيم السلام والتعاون الأمنى فى منطقة شمال شرق آسيا، مؤكداً على ضرورة بناء الثقة بين كل من سول وبيونج يانج بالرغم من التوترات بينهما .
وكان الاتفاق بين الولاياتالمتحدة وكوريا الشمالية قد أثار بعض الشكوك حسب رأى المحللين حول إغلاق وإنهاء أزمة البرنامج النووى لكوريا الشمالية مقابل مساعدات وضمانات، حيث لم يغط الاتفاق معظم المسائل المثير للخلاف بين الدولتين، مما جعل التوقعات مفتوحة لأن يحدث خلاف فى أى محادثات مستقبلية قد تعطل الاتفاق أو تغلقه، وحتى إذا تم احترام موعد إغلاق المفاعل الكورى الشمالى وتسليم 50 ألف طن من الوقود لكوريا الشمالية كدفعة أولى، فإن هناك الكثير من التحديات التى تواجه الاتفاق حيث أن هناك العديد من المسائل العالقة مثل برنامج تخصيب اليورانيوم وبرنامج البلوتونيوم اللذين تنفى كوريا الشمالية وجودهما بينما تتهمها واشنطن بتطويرهما بالإضافة إلى ما تمتلكه من صواريخ تقدر على حمل رؤوس نووية وغيرها من التكنولوجيا المتصلة ببرنامجها النووى والتى يتوقع المحللون أن تمثل اختباراً لجدية الاتفاق الذى تم التوصل إليه مؤخراً . 23/6/2007