نقلاً عن القبس 12/4/2007 تناولت جريدة القبس الكويتية مقالة بعنوان ماهلا الكاريزما وكيف تكتسبها حيث ذكر كاتب المقال معلومات عن الجاذبية او الكاريزما فقال ندرك جميعا معنى الجاذبية حين نشاهدها لدى الآخرين، فالجاذبية - او الكاريزما - حاجة معنوية لا غنى عنها ولا يمكن وصفها ويستحيل الامساك بها. احيانا نعبر عنها بقولنا 'هذا الشخص يتمتع بشيء لا ندري ما هو'، وهذا بالضبط ما قيل في فاتن حمامة وانور وجدي، بل شكوكو، حيث يمتلك الفنانون عادة اطنانا من هذه الجاذبية تتعدى الجمال الجسماني. ومثال على ذلك الموهبة التي تمتع بها فريد الاطرش في الصوت وفي التلحين وفي الغناء وكانت النساء يعجبن به ولكن هل كان جذابا؟ ما هى الكاريزما ؟ الكاريزما مزيج دقيق من الذكاء والجاذبية يصعب وصفه مما يفسر اهتمام العلماء بها اكثر من اهتمامهم باشياء اسهل مثل الاكتئاب والقلق، حيث بدأت اخيرا ابحاث متعددة لدراسة معنى الكاريزما ومحاولة تحديد المميزات والصفات التي تجذب الناس لهذه النوعية من الجذابين كما ينجذب النحل الى ازهار الربيع، حتى اوشكت الجاذبية ان تصبح علما قائما بذاته مثل علم الجمال الذي لا يراه الا من يشعر به - ألم تقابلي يوما خطيب صديقك التي طالما اسهبت في شرح مزاياه ثم وجدته شخصا باردا لا يمكن احتماله؟ الا ان الجذابين حقا يظهرون دائما صفات عالمية معينة لا يختلف عليها الجميع، اليك خمس صفات اتفق عليها العلماء: خفة الدم انها في اول القائمة قبل الثقة بالنفس وقبل النجاح الاجتماعي، حيث يجذب خفاف الدم الآخرين من دون اي مجهود، وعادة ما يلتف حولهم الناس في الاعراس والحفلات والتجمعات المختلفة لانهم يجعلونهم يضحكون. وليس من الضروري ان تكون النكات وخفة الدم بريئة دائما بل تنطوي خفة الدم احيانا على عبارات ذات معان مستمرة وغير محتشمة، بل وبذيئة ايضا، كرغبة طفولية بكسر النمط السلوكي الجامد الذي يعيشه كل انسان حفاظا على صورته كرجل محترم او كامرأة محترمة في المجتمع. وعلى الرغم من ذلك فالمرح وحده لا يضمن بالضرورة ان يكون الانسان جذابا ذا كاريزما آسرة، ومثال على ذلك اسماعيل ياسين الذي لا يمكن ان يوصف الا بخفة الدم ولكن من المبالغة ان نصفه بالجاذبية. هذا التفرد الذي يتصف به المرحون عنصر اساسي في خلطة السحر والجاذبية، فاصحاب الكاريزما لا يشبهون ابدا شخصا آخر الا انفسهم. الحماس والفطنة يبدو على الجذابين تعلقهم الشديد بالحياة وانخراطهم العميق بما تتيحه لهم اللحظة الحاضرة، كما انهم يفسحون للآخرين المجال كي يشاركوهم اياها الا انهم فطنون وفضوليون ومبدعون ولديهم قدرة على الربط بين اشياء قد لا تبدو مرتبطة بعضها ببعض، مما يمنحهم نفاذ بصيرة ووضوح رؤية تقرب اليهم الآخرين.. انهم يتمتعون ايضا بكامل لياقتهم وحيويتهم وهذه صفة معدية: مثلا اوبرا وينفري تجذب اليها الناس لانهم يثقون بها اولا، ولانهم يظنون ان الطاقة التي تتمتع بها ستنعكس عليهم ايضا، اي انها تشعر المشاهدين بمزيد من الحيوية كأنها تضخ شرارة كهربية في عروقهم تعيد اليهم الحياة وترفع عنهم مشاعر الكآبة. لياقة اجتماعية عفوية الجاذبية - او الكاريزما - لا تأتي فقط في صورة صاعقة كهربية عالية الفولت، بل ان لها وجها اصعب يسمى احيانا اللياقة او الاتزان، حيث يعرف الشخص ماذا يتعين عليه ان يفعله او يقوله بالتحديد في كل المناسبات الاجتماعية، مهما كانت غير تقليدية. هؤلاء الجذابون لا يشعرون بالغيظ او القلق، بل هم راضون عن انفسهم واثقون بقدراتهم، مما ينعكس على الاخرين، فيرضون عن انفسهم ايضا في وجودهم، مثلا جاكلين كنيدي اوناسيس كانت تلخيصا لمعنى اللياقة الاجتماعية سواء ارتدت البنطلون البرمودة والايشارب على شاطئ البحر او ارتدت الحرير والألماس في الحفلات الرسمية، هذه الكاريزما مؤكدة المفعول عند اتباع السلوكيات والآداب المتعارف عليها في كل مناسبة، وقد تمتد الى ابعد من ذلك حين يشعر الآخرون بالارتياح في وجود هذا الشخص الى جوارهم مهما كانت الظروف المحيطة. فالمرأة المضيافة لا تتوتر ابدا من عدد الضيوف الذين يغزون منزلها من دون موعد سابق، خصوصا وقت تقديم الطعام، حيث تكثر الافواه طلبا للطعام: رفاق الزوج رفاق الابناء او حتى الجيران حيث يأتون إلى المنزل من دون إنذار ويبقون فيه الى ما شاء الله، لكنها ترحب بهم جيمعا، وحتى اذا لم يوجد طعام في المنزل يكفي الجميع فستجدها تلجأ بهدوء الى المطعم من دون ان يشعر أحد وكأن كل شيء على ما يرام. الاهتمام بالآخرين معظم الناس يرضيهم مجرد تبادل عبارات تقليدية مثل 'كيف حالك'، 'بخير والحمد لله وانت؟' انها تشبه الشحم للماكينة الاجتماعية كضرورة لتسيير الأمور، اما الجذابون فيخصصون وقتا للتنقيب والبحث ويعرفون جميع من في المؤسسة من رئيسها وحتى عامل الشاي والقهوة، ليس من خلال عبارات حيادية مثل 'نهارك سعيد' او 'صباح الخير' بل انهم يسألون عن الوالد المريض وكيف اصبح؟ وعن تقدم الابناء في الدراسة مع اهتمام حقيقي صادق بالاجابة، ويركزون مع المتحدث من دون مقاطعته، وحين ينتهي من كلامه يسألونه سؤالا آخر؟ ويليه آخر، انهم معك دائما لا يتجولون بأعينهم في الغرفة. وهنا سنجد خلافا للمرة الأولى في تطابق كل صفات الجاذبية على النساء مثل الرجال، لان النساء يجدن الاستماع الى الآخرين افضل من الرجال، لذا فحين ينصت الرجل بكل اهتمام الى شخص آخر تكون له جاذبية ملحوظة ومميزة، وهذا ينطبق على الرئيس الأميركي بيل كلينتون الذي كان يعد من افضل المستمعين في الحياة العامة وقد اعتبر محاورا ذا كاريزما خاصة على مستوى العالم حتى من الذين لم يتفقوا معه في كل آرائه وأفعاله الاخرى. لكن الأمر أكبر من مجرد الاستماع من دون مقاطعة، فالجذابون يقبلون على الآخرين ويتقبلونهم ولا يغوصون داخل انفسهم ولا ينشغلون بحيث يشعر الآخر بعدم الاهتمام او انه فرد عادي غير مميز، بل يشعرونه انهم كانوا ينتظرونه طوال اليوم. وهذا الشعور الواضح بالسعادة لوجوده معهم هو خلاصة الجاذبية وتجسيد لمعنى الكاريزما. فالجدة العجوز مثلا يرجع جزء من جاذبيتها الى رغبتها في التواصل مع الآخرين حيث تفرح بزوارها وتسأل عن أحوالهم، فيصبح المرور على غرفتها كل صباح عادة تسعد اليوم كله. الانبهار بكل شيء الجذابون فضوليون بطبعهم، منفتحون على كل اوجه الحياة وتجاربها المختلفة، انهم يجربون باستمرار انواع اطعمة جديدة، ويقرأون أحدث الكتب، ويتعرفون بأناس جدد، ويرغبون في معرفة كل شيء عن كل شيء: ما طعم السمك النيء؟ كيف انتهت بك الحال داخل غرفة الطوارئ في المستشفى؟ واين تذهب الفراشات وقت هطول المطر؟ انه الظمأ للمعلومات 'اخبرني المزيد' وسلوكهم هذا يعدي الآخرين ويلهمهم بمزيد من الحماس والتعمق والفضول. كما ان للانفتاح على التجارب المختلفة جانبا ايجابيا آخر، فموهبة الجاذبية هذه تنعكس في شكل اهتمام بالآخرين ورؤية للحياة من وجهات نظر متعددة والتعامل مع الآخرين بدفء ولطف وتفتح يؤدي بهم في النهاية الى التعقل والحكمة، وهذ الاستنتاج مبني على دراسات اثبتوا من خلالها ان الشاب (أو الشابة) الذي يوصف بالانفتاح الذهني في عمر الواحد والعشرين يوصف بالحكمة والرزانة حين يبلغ الاربعين من عمره، وبمثل هذه الاستنتاجات يجب على العلماء ان يبدأوا بتقليل اهتمامهم بالجانب المظلم في الطبيعة الانسانية وان يصبوا اهتمامهم على الجانب الايجابي حتى يسعدوا المجتمع والجنس البشري ككل. هل تريد أن تصبح صاحب كاريزما؟ -1 اختر مثلا أعلى: من هو الأكثر جاذبية بين الأشخاص الذين تعرفهم؟ راقب هذا الشخص واتبع خطاه، فان كان مثلا اجتماعيا اجتهد وتعمد تقليده في كيفية تعامله مع الناس وكيفية خلق علاقات وطيدة معهم. -2 تقبل المجاملة بابتسامة: حين تظهر مشاعر ايجابية عن نفسك يشعر الآخرون بسهولة الارتباط بك، وبالتالي تعقد صداقات متعددة مما يشعرك بمزيد من الرضا عن ذاتك، فتزداد سهولة عقد الصداقات مما يشكل حلقة ايجابية دائمة الدوران. -3 تمتع بروح رياضية: ليس المطلوب ان تكون قصصك ذات حبكة درامية او حتى كوميدية حتى تتمتع بخفة الدم، ولكن عليك بنبذ الجدية الصارمة اثناء اجراء الحوار، كأن تضحك مثلا من بعض أفعالك بكل عفوية. -4 لاحظ مالا يلاحظه الآخرون: نحب جميعا ان يرى أحد وراء صفاتنا الظاهرة، لذا اشر الى بعض الملحوظات على ما فاجأك واسعدك في شخص آخر. -5 استثمر معلوماتك يعود جزء من جاذبية الشخص الى قدرته على الاستماع الى الآخرين والانصات لهم بكل اهتمام، ولكن ترجع الجاذبية الى جزء آخر مساو له في الاهمية وهو القدرة على ان تقول شيئا يهم الآخرين. وهنا يصبح عليك التزود بالمعلومات كأن تقرأ جيدا عن خلفية احداث فيلم شهير يعرض بالسينمات او عن حقيقة مدهشة كشفت عن شخصية تاريخية، واحرص على ان تكون المعلومة تهمك حقا، حتى يستجيب لك مستمعوك بالحماس نفسه الذي يشعرون به في صوتك وانت تحدثهم.