نسمع ونشاهد منذ سنوات طويلة تصريحات اسرائيلية بتوجيه ضربة قاصمة الي ايران بمباركة ودعم امريكي بل ان بعض وسائل الاعلام العالمية نشرت سيناريوهات مفصلة لهذه الضربة المزعومة التي لم تتم وبالمقابل سمعنا وشاهدنا وقرأنا تصريحات ايرانية نارية تتوعد بازالة اسرائيل من الخارطة وتحرير فلسطين من الدنس الصهيوني بل ان حملة التضليل تتواصل بتخصيص يوم جمعة من كل عام باعتباره "يوم فلسطين" ويبلغ التضليل الايراني للمسلمين اشده عندما تشكل فيلقا عسكريا من القوات الخاصة تسميه "فيلق القدس" للايهام بأنها تعمل لتحرير المدينة الاسلامية المقدسة من الاحتلال الصهيوني بينما هو في الحقيقة مكلف بعمليات عسكرية داخل الدول العربية تهدف لتحقيق الهيمنة الايرانية. ولم ينفذ اي عملية ضد اسرائيل. هذه الاشكالية يحلها الكاتب الامريكي تريتا بارسي استاذ العلاقات الدولية في جامعة جون هوبكينز الامريكية. وهو ايراني المولد ونشأ في السويد ويقيم في امريكا وفضح في كتابه القيم بعنوان "التحالف الغادر: التعاملات السرية بين اسرائيل وايرانوالولاياتالمتحدةالامريكية" الصفقات السرية والتعاملات غير العلنية بين الدول الثلاث علي الرغم من الشعارات والخطابات النارية والسجلات الاعلامية الموجهة. ويتضح مصداقية بارسي لانه خبير في الشئون الايرانية والاسرائيلية فقد حصل علي الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة "جون هوبكينز" في رسالة عن العلاقات الايرانية – الاسرائيلية وترأس في السابق المجلس القومي الامريكي الايراني وايضا من خلال عنوان الكتاب "التحالف الغادر Treacherous Alliance" والذي يكشف صراحة عما يتضمنه من معلومات عن غدر الاطراف الثلاثة بالدول العربية. وعن وجود تعاون استخباراتي وصفقات اسلحة ومحادثات سرية بين طهران وتل ابيب جرت في عواصم اوروبية وخاصة في اثينا. ويقول بالنص: "اننا اذا ما تجاوزنا القشور السطحية التي تظهر من خلال المهاترات والتراشقات الاعلامية. والدعائية بين ايران واسرائيل. فإننا سنري تشابها مثيرا بين الدولتين في العديد من المحاور. بحيث اننا سنجد ان ما يجمعهما اكبر بكثير مما يفرقهما". ويسوق امثلة علي ذلك منها ان الدولتين تميلان الي تقديم نفسيهما علي انهما متفوقتان علي جيرانهما العرب اذ ينظر غالبية الايرانيين الي ان جيرانهم العرب اقل منهم شأنا من الناحية الثقافية والتاريخية. ويعتبرون ان الوجود الفارسي علي تخومهم ساعد في تحضرهم وتمدنهم ولولاه لما كان لهم شأن يذكر وفي الوقت نفسه يري الاسرائيليون انهم متفوقون علي العرب. ينقل بارسي عن احد المسؤولين الاسرائيليين زعمه "إننا نعرف ما باستطاعة العرب فعله. وهو ليس بالشيء الكبير" في اشارة الي استهزائه بقدرتهم علي فعل شيء حيال قضاياهم. ومثال آخر يسوقه بارسي يتعلق بالوضع الجيوسياسي الذي تعيشه كل من ايران واسرائيل ضمن المحيط العربي ويقول انهما تلتقيان ايضا حاليا في نظرية اللا حرب واللاسلام فالاسرائيليون يرون انهم غير مجبرين علي عقد سلام دائم مع من يظنون انهم اقل منهم شأنا ولايريدون ايضا خوض حروب طالما ان الوضع لصالحهم في المقابل فقد توصل الايرانيون الي هذا المفهوم من قبل. واعتبروا ان "العرب يريدون النيل منا". الاهم من هذا كله من وجهة نظر مؤلف كتاب "التحالف الغادر" ان الطرفين يعتقدان انهما منفصلان عن المنطقة ثقافيا وسياسيا واثنيا الاسرائيليون محاطون ببحر من العرب ودينيا محاطون بالمسلمين السنة.. اما بالنسبة لايران فالامر مشابه نسبيا. عرقيا هم محاطون بمجموعة من الاعراق غالبها عربي خاصة الي الجنوب والغرب وطائفيا محاطون ببحر من المسلمين السنة ويشير الكاتب الي انه وحتي ضمن الدائرة الاسلامية فان ايران اختارت ان تميز نفسها عن محيطها عبر اتباع التشيع بدلا من المذهب السني السائد. وتشير الوثائق الي ان ايران انتهجت منذ قيام اسرائيل سياسة العداء المكشوف والتحالف غير المكشوف للتغرير بالعرب بل ان شاه ايران طلب من امريكا تعزيز تحالف اسرائيلي ايراني اثيوبي لمواجهة مد القومية العربية بعد ظهور عبدالناصر كزعيم للجماهير العربية بعد حرب السويس في العالم 1956 وعزز رئيس وزراء اسرائيل بن جوريون المطلب الايراني لاعبا علي اوتار المخاوف من انتشار الشيوعية قام بن جوريون بزيارة سرية لايران عام 1961. واستمرت العلاقات السرية لقادة اسرائيل لطهران حتي بعد قيام الثورة بزعامة الخميني عبر القنوات السرية ففي فصل يحمل عنوان "تحولات ايديولوجية واستمراريات جيوسياسية" يوضح بارسي كيف ان العلاقات الفارسية الاسرائيلية تتجاوز الخصومات اذا كان الهدف تحطيم قوة العرب. وسمح ايات الله للالاف من اليهود الايرانيين بالمغادرة الي باكستان باستخدام الحافلات ومن هناك جري نقلهم بواسطة الطائرات الي استراليا حيث سمح لهم بالهجرة الي الولاياتالمتحدة او الي اسرائيل استنادا الي محمد رضا امين زاده وهو مسئول ايراني اجري عقيد في الجيش الاسرائيلي اسمه يوري المفاوضات علي الصفقة وزار ايران سرا في مستهل العام 1980. وتحدثت الوثائق عن صفقة ايرانية اسرائيلية امريكية وصفت بانها "كبري" سبقت الغزو الامريكي للعراق عام 2003 وبالتالي ليس غريبا الترويج لصفقة امريكية ايرانية جديدة تبرم حاليا وتم بموجبها رفع ايران وحزب الله من قائمة التهديدات. نقلا عن جريدة الجمهورية