أكدت أ.د. عائشة سويلم رئيسة قسم الاثار بجامعة عين شمس أن من يزور الأندلس سوف يتعلق قلبه بها ويشعر بالاشتياق إليها عندما يغادرها وذلك لأن أسلافنا قد مكثوا في الأندلس حوالي 8 قرون وخلقوا هناك حضارة كبيرة وتاريخ عريق وامتزجت دمائهم بأراضي تلك البلاد. جاء ذلك خلال ندوة عقدها قسم اللغة الإسبانية بكلية الألسن بجامعة عين شمس بعنوان "الآثار الإسلامية في الأندلس" استضاف فيها أ.د. أسامة طلعت أستاذ الآثار الإسلامية بقسم الآثار بكلية الآداب جامعة القاهرة لإلقاء الضوء على أهم الآثار التي تركها المسلمين في تلك المنطقة. وأشار د. أسامة طلعت إلى أن التراث الإسلامي في أسبانيا قد تعرض لهدم منذ سقوط الحكم الإسلامي بها إلا أن الثلاثين عامًا الأخيرة شهدت محاولات جادة للاهتمام بهذا التراث والحفاظ على ماتبقى منه لافتًا الى أن لفظ الآثار يطلق على المخلفات المادية التي تركها الأجداد سواء على هيئة مباني أو فنون زخرفية أو منسوجات. وأوضح أن الأندلس هو الاسم الذي أطلقه المسلمون على المناطق التي حكموها من شبه جزيرة إيبيريا التي تضم في الوقت الحالي أسبانيا والبرتغال، وجغرافيًا يحد تلك المنطقة من الشرق البحر المتوسط، ومضيق جبل طارق من الغرب والمحيط الأطلنطي في الشمال والذي أطلق عليه العرب قديمًا بحر الظلمات. وأرجع د. أسامة أصل تسمية المنطقة بالأندلس إلى قيام قبائل وندلس الإسكندنافية في القرنين الرابع والخامس بغزو تلك المنطقة بحثًا عن الغذاء مما اكسبها اسم تلك القبائل، وعندما فتحها العرب أطلقوا عليها أندلس. وأضاف أن المسلمين نجحوا في فتح الأندلس عام 92 ه على يد القائد طارق بن زياد ويعتبر عبد الرحمن الداخل هو مؤسس الدولة الأندلسية والتي تعتبر امتدادًا للدولة الأموية ، لافتًا إلى أن الحضارة الإسلامية في الأندلس كان لها عدة عواصم في تلك المنطقة أولها إشبيلية ثم صارت قرطبة هي العاصمة وشهدت ميلاد وشباب وازدهار الدولة الإسلامية في الأندلس نظرًا لقوة الخلافة وازدهار العلوم والفنون هناك وكانت آخر العواصم الإسلامية في الإندلس هي غرناطة. واستعرض د. أسامة أبرز المعالم والآثار الإسلامية بالأندلس موضحًا أن المسجد الجامع في قرطبة هو الجامع الأثري الوحيد المتبقى من تلك الحقبة في حالة شبة أصلية، مشيرًا إلى أنه تحول إلى كاتدرائية كاثوليكية مع بقاء البناء والهيكل المعماري للمسجد كما هو، ولكن غير مسموح للمسلمين بإقامة الصلاة فيه، لافتًا إلى أنه تم استخدام الفيسفساء في تزيين الجامع وجدار القبلة داخله. وأضاف أن مدينة الزهراء التي تقع على بعد 8 أميال من قرطبة تعتبر من أهم المعالم الإسلامية الأندلسية والتي أنشأها الخليفة عبد الرحمن الثالث لتكون مقرًا للخلافة بعيدًا عن ازدحام قرطبة وزخم الحياة بها إلا أنها مع الوقت تهدمت واندثرت معالمها. وأشار إلى أن أسوار إشبيلية تم تشييدها في ثلاث عصور متتالية وشيدت بغرض حماية المدينة وكانت الأسوار بها أبواب لدخول الناس وخروجهم وتم بنائها بمادة تشبه الخرسانة كانت معروفة في المغرب والأندلس إلا أن جزء كبير من تلك الأسوار تهدم ولم يتبق منها سوى سور مقارنة أما قصور الحمراء في غرناطة فأكد د. أسامة أنها تعتبر تاج العمارة الإسلامية في الأندلس وكانت حتى عام 1997 من أكثر المباني السياحية زيارة على مستوى العالم، موضحًا أنها مجموعة من القصور المتجاورة داخل سور واحد، لافتًا إلى أن سبب التسمية غير متفق عليه فهناك من المؤرخين من يرى أنه يعود إلى الأسرة التي شيدت تلك القصور وهم بنو الناصر وكان لقبهم " بني الأحمر " ، وهناك من يرجع أن التسمية سببها المادة التي شيدت بها تحتوى على نسبة عالية من أكسيد الحديد مما جعلها تصطبغ باللون الأحمر. ومن أبرز المظاهر المعمارية الفريدة التي تحتويها القصور بهو الريحان والذي تتوسطه بركة مياة وتظللها أشجار الريحان وتحتوي القصور على عدد من النقوش منها عبارة " لا غالب إلا الله " والتي كانت بمثابة شعار لبني الأحمر.