تنطلق الاحد عملية الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان حيث سيحدد السودانيون الجنوبيون فى هذا الاستفتاء الحاسم وضعهم بالنسبة لشمال السودان إما إمساك بمعروف أو تسريح باحسان .. الوحدة أو الانفصال. وقد انتهت السلطات فى جنوب السودان من كافة استعداداتها من أجل اجراء استفتاء حر وشفاف ونزيه يعبر عن رغبة ابناء الجنوب بكل سهولة ويسر ووصلت بطاقات التصويت التى تم طبعها فى بريطانيا الى جميع مراكز الاقتراع ، حيث تم طبع حوالى 7 ملايين بطاقة على الرغم من أن إجمالى من لهم حق التصويت يبلغ حوالى 4 ملايين شخص فقط . وبدأ أفراد الامن فى الانتشار فى العاصمة جوبا لتامين مقار الوزارات والهيئات الحكومية ومراكز الاقتراع وتم التشديد على الصحفيين والاعلاميين على تعليق التصريح الممنوح لهم لتغطية وقائع الاستفتاء فى أعناقهم حتى يمكنهم التجول بحرية. ويعد هذا الاستفتاء الذي سيقرر خلاله الجنوبيون مصيرهم هو أحد البنود الرئيسية لاتفاق السلام الشامل الذي أنهى في 2005 الحرب الاهلية التي استمرت عقدين في السودان وخلفت نحو مليوني قتيل. ويبلغ عدد مراكز الاقتراع فى الجنوب أكثر من 2600 مركز الى جانب أكثر من 165 مركزا فى ولايات الشمال التى سيصوت فيها جنوبيون ومراكز اخرى خارج البلاد . ويوجد بالسودان حاليا أكثر من 1200 مراقب أجنبى و17 ألف مراقب محلى من داخل السودان لتقييم جوانب عملية الاستفتاء برمتها ومدى مطابقة الاستفتاء لمعايير التصويت الديمقراطية. ويحق للجنوبيين المقيمين في جنوب السودان وشماله وفي الخارج المشاركة في الاستفتاء ويشترط لصحة اجراء الاستفتاء تصويت 60 % من إجمالى عدد المسجلين . ومن المقرر أن تستغرق عملية التصويت أسبوعا كاملا ` من 9 الى 15 يناير/ كانون الثانى الحالى ` وسيتم إعلان النتائج على مستوى كل مركز ثم على مستوى كل ولاية لتعلن النتيجة النهائية من جانب المفوضية القومية للاستفتاء ومقرها الخرطوم فى الاسبوع الاول من فبراير المقبل. وقد انتهت الحملة الدعائية للاستفتاء رسميا الجمعة وإكتمل وصول كافة المراقبين والصحفيين وتوقفت كافة الانشطة تحسبا لانطلاق الاستفتاء غدا الاحد. ووصلت الى جوبا وفود من الاتحاد الاوروبى ومركز كارتر للسلام وعدد من الدول الافريقية التى لها حدود مع جنوب السودان حيث لايوجد موضع لقدم فى أى فندق من الفنادق المتواضعة الموجودة فى جوبا . وتبلغ مساحة جنوب السودان حوالي 700 ألف كيلو متر مربع أي ما يعادل ثلث المساحة الكلية للسودان وللجنوب حدود تمتد إلى 2000 كيلو متر مع خمس دول هي إثيوبيا وكينيا وأوغندا والكونغو وإفريقيا الوسطى. أما عدد سكان الجنوب فيزيد قليلا على 8 ملايين نسمة من إجمالى عدد سكان السودان البالغ حوالى 39 مليون نسمة وذلك وفقا لاخر احصاء جرى فى السودان عام 2009 . وتعتبر قبيلة الدينكا كبرى القبائل في الجنوب تليها قبيلة النوير ثم الشلك والزاندي والباريا والمورو , وتبلغ نسبة المسلمين 24 بالمائة من اجمالى عدد سكان الجنوب ثم الديانة المسيحية بنسبة 17 بالمائة وبقية النسبة لمعتقدات دينية مختلفة وثنية وروحية وغيرها . ويتكون جنوب السودان من عشر ولايات أبرزها بحر الجبل وأعالي النيل وأراب وأهم المدن هي جوبا العاصمة و واو وملكال وبور وبانتيو ومريدي وتوريت. ويأتى النفط فى صدارة الموارد التي يعتمد عليها الجنوب بشكل أساسي بنسبة أكثر من 90 % فيما تتنوع بقية الموارد بين الزراعة والصيد . وتشير كافة التوقعات إلى أن تصويت الجنوبيين غدا سيتجه نحو خيار الانفصال يعزز هذا الاحتمال تلك المظاهر التى يلاحظها الجميع فى شوارع جوبا حيث اللافتات والنداءات والتجمعات الحاشدة التى تدعو الى الانفصال . وعلى الرغم من احتمال وقوع الانفصال بين شمال السودان وجنوبه إلا أن الجميع مطمئن الى أنه لن تكون هناك حروب أخرى بين الشمال والجنوب . وقد اتضح ذلك جليا فيما أعلنه الرئيس السودانى عمر البشير خلال زيارته لجوبا الاسبوع الماضى من أنه سيكون أول المؤيدين لخيار شعب الجنوب حتى فى حال الانفصال . ويصر المسئولون فى حكومة جنوب السودان على التأكيد فى تصريحاتهم دائما أن العلاقات ستبقى طيبة بين شعبى الجنوب والشمال خاصة وأن الروابط الاجتماعية والثقافية والتاريخية التى تربط بين الشعبين لاحصر لها . وتبقى بعد قضية الاستفتاء عدة قضايا عالقة سيتم الحوار بشأنها بين شمال وجنوب السودان من بينها قضية الديون المستحقة على السودان والمقدرة بنحو 40 مليار دولار ومن سيتحمل العبء الاكبر فى سدادها . وكذلك قضية البترول الذى يتركز غالبا فى مناطق الجنوب وكيفية توزيع عائداته الى جانب مشكلة منطقة أبيي الواقعة بين شمال وجنوب السودان ولم يتم حسم حدودها حتى الان هل هى تابعة للشمال أم الجنوب .