محافظ مطروح يبحث مع وزير الإسكان استقرار مياه الشرب وتطوير مشروعات البنية التحتية    بعد بيانها الأخير.. ماذا يعني إعلان الأمم المتحدة المجاعة في غزة؟    الحرس الوطني الأمريكي يحشد قواته للانتشار في 19 ولاية    باكستان ترسل 100 طن من المساعدات الإنسانية إلى غزة    بعد خسارة السوبر السعودي.. عقدة رونالدو مستمرة مع النصر    النيابة تطلب تحريات غرق 6 فتيات وإصابة 24 أخريات بشاطئ أبو تلات في الإسكندرية    قصر ثقافة الأنفوشي يستضيف جولة جديدة لاكتشاف المواهب في «كورال وأوركسترا مصر الوطني» بقيادة سليم سحاب    جامعة كفر الشيخ تطلق قافلة طبية توعوية شاملة لقرية الرغامة    فحص 578 مواطنا ضمن قوافل طبية مجانية بالبحيرة    «هذا لا يقلقني».. تصريح مفاجئ من تشابي ألونسو عن برشلونة    الجندي يشدد على ضرورة تطوير أساليب إعداد وإخراج المحتوى العلمي لمجمع البحوث الإسلاميَّة    زلزال بقوة 6 درجات يضرب المحيط الهادئ قبالة سواحل السلفادور وجواتيمالا    غدا.. قصور الثقافة تطلق ملتقى دهب العربي الأول للرسم والتصوير بمشاركة 20 فنانا    صلاح عبد العاطي: إسرائيل تماطل في المفاوضات ومصر تكثف جهودها لوقف إطلاق النار    داعية: سيدنا النبي لم يكن عابسًا وكان مُتبَلِّجَ الوجه    الوفديون يتوافدون على ضريح سعد زغلول قبل احتفالية ذكرى رحيل زعماءه التاريخيين    توجيهات بالتنسيق مع إحدى الشركات لإقامة ملعب قانونى لكرة القدم بمركز شباب النصراب في أسوان    حالة الطقس في محافظة الفيوم غدا الأحد 24-8-2025    بحوث الصحراء.. دعم فني وإرشادي لمزارعي التجمعات الزراعية في سيناء    تفعيل البريد الموحد لموجهي اللغة العربية والدراسات الاجتماعية بالفيوم    إزالة لمزرعة سمكية مخالفة بجوار "محور 30" على مساحة 10 أفدنة بمركز الحسينية    15 صورة.. البابا تواضروس يدشن كنيسة الشهيد مارمينا بفلمنج شرق الإسكندرية    إسماعيل يوسف مديرا لشؤون الكرة في الاتحاد الليبي    إسلام جابر: لم أتوقع انتقال إمام عاشور للأهلي.. ولا أعرف موقف مصطفى محمد من الانتقال إليه    إسلام جابر: تجربة الزمالك الأفضل في مسيرتي.. ولست نادما على عدم الانتقال للأهلي    مصر القومي: الاعتداء على السفارات المصرية امتداد لمخططات الإخوان لتشويه صورة الدولة    "عبد الغفار" يتابع استعدادات "المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية -3"    وزارة النقل تناشد المواطنين عدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه أثناء غلقها    «لازم إشارات وتحاليل للسائقين».. تامر حسني يناشد المسؤولين بعد حادث طريق الضبعة    «عامل وفني ومدرس».. إتاحة 267 فرصة عمل بالقليوبية (تفاصيل)    وزير العمل يتفقد وحدتي تدريب متنقلتين قبل تشغيلهما غدا بالغربية    «المركزي لمتبقيات المبيدات» ينظم ورشة عمل لمنتجي ومصدري الطماطم بالشرقية    وفاة سهير مجدي .. وفيفي عبده تنعيها    تم تصويره بالأهرامات.. قصة فيلم Fountain of Youth بعد ترشحه لجوائز LMGI 2025    مؤسسة فاروق حسني تطلق الدورة ال7 لجوائز الفنون لعام 2026    قلق داخلي بشأن صديق بعيد.. برج الجدي اليوم 23 أغسطس    منال عوض تناقش استعدادات استضافة مؤتمر الأطراف ال24 لحماية بيئة البحر الأبيض المتوسط من التلوث    موعد إجازة المولد النبوي 2025.. أجندة الإجازات الرسمية المتبقية للموظفين    كيف تكون مستجابا للدعاء؟.. واعظة بالأزهر توضح    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    "قصص متفوتكش".. رسالة غامضة من زوجة النني الأولى.. ومقاضاة مدرب الأهلي السابق بسبب العمولات    الموت يغيب عميد القضاء العرفي الشيخ يحيى الغول الشهير ب "حكيم سيناء" بعد صراع مع المرض    الداخلية تكشف ملابسات اعتداء "سايس" على قائد دراجة نارية بالقاهرة    رئيس «الرعاية الصحية»: تقديم أكثر من 2.5 مليون خدمة طبية بمستشفيات الهيئة في جنوب سيناء    طقس الإمارات اليوم.. غيوم جزئية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    8 وفيات نتيجة المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة خلال ال24 ساعة الماضية    نور القلوب يضىء المنصورة.. 4 من ذوى البصيرة يبدعون فى مسابقة دولة التلاوة    محاضرة فنية وتدريبات خططية في مران الأهلي استعدادًا للمحلة    مصر تستضيف النسخة الأولى من قمة ومعرض "عالم الذكاء الاصطناعي" فبراير المقبل    حملة مكبرة لإزالة إشغالات الباعة الجائلين والتعديات على الطريق بمدينة أبوتيج بأسيوط    تحرير 125 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    "يونيسيف" تطالب إسرائيل بالوفاء بالتزاماتها والسماح بدخول المساعدات بالكميات اللازمة لغزة    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    إعلام فلسطينى: مصابون من منتظرى المساعدات شمال رفح الفلسطينية    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    «مياه الأقصر» تسيطر على بقعة زيت فى مياه النيل دون تأثر المواطنين أو إنقطاع الخدمة    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر النووية‏..‏ من أجل السلام والتنمية
نشر في أخبار مصر يوم 22 - 12 - 2010

ربما هي صدفة‏، وهذا هو الظن الغالب أن تنشر وسائل الاعلام العالمية مقتطفات من إحدي الوثائق الأمريكية المسربة
إلي موقع ويكليكس تنسب إلي سفير مصري قوله إن هناك من عرض علي مصر أن تحصل علي مواد نووية وعلماء بعد انهيار الاتحاد السوفيتي‏، وأن الرئيس مبارك رفض ذلك بحزم‏.‏ صحيح ان الوثيقة تشير إلي تعليق المسئولة الأمريكية روز غوتملر مساعد وزير الخارجية الأمريكية وكبيرة المفاوضين النوويين الامريكيين بأن ما ذكره السفير المصري هو بمثابة محاولة مصر تصوير نفسها علي انها عضو مسئول في المجتمع الدولي‏.‏
التعليق علي هذا النحو هو نوع من التشكيك في السلوك المصري المسئول فيما يتعلق بعدم الانتشار النووي وعدم الخوض في سباق تسلح نووي‏.‏ لكن الحقيقة تظل واضحة للعيان بأن مصر دولة مسئولة بالفعل وتمارس سياستها الخارجية بأعلي قدر من الانسجام مع أهدافها التي خططت لها وتتمسك بها منذ عقود طويلة‏;‏ وأبرزها منع الانتشار النووي وجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل‏,‏ وربط ذلك عضويا بالاستقرار الإقليمي والسلام العادل‏.‏
المفارقة هنا أن توقيت النشر عن هذه البرقية جاء متزامنا مع خطاب الرئيس مبارك في افتتاح الدورة البرلمانية لمجلسي الشعب والشوري‏,‏ وفي الخطاب ثلاث اشارات مهمة ذات صلة بما ورد في التسريب المشار إليه‏,‏ فضلا عن أن هذه الاشارات تعكس طريقة التفكير المصرية فيما يتعلق بالقدرات النووية‏;‏ الاولي أن ما تقوله مصر في السر هو ما تقوله في العلن‏,‏ مع ملاحظة أن التسريبات وما ورد في البرقيات الامريكية يخضع لبعض التحريف او التأويل غير المنضبط‏,‏ ومع ذلك فلم يستطع أن يثبت تناقض مصر مع نفسها‏,‏ بل اثبت تجانس مواقفها المعلنة او غير المعلنة‏.‏
الثانية أن مصر ستمضي في برنامجها النووي السلمي دون تردد متمسكة بحقها الثابت وفق معاهدة منع الانتشار ومتطلعة للعمل مع كل من يحقق مصالحها‏.‏ وثالثا أن مصر تفعل ذلك وفق أعلي مستويات التكنولوجيا النووية والأمان النووي ودون مشروطيات تتجاوز التزامات مصر وفقا لمعاهدة منع الانتشار النووي‏.‏
والمؤكد أن الولايات المتحدة وكل الدول الكبري التي كانت تراقب الاتحاد السوفيتي في لحظات انهياره في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي‏,‏ وتراقب عن كثب قدراته النووية من مواد وعلماء وأبحاث وكل ما يتعلق بالقنابل النووية السوفيتية‏,‏ كانت علي علم تام بما حدث من محاولات بعض العلماء السوفيت الخروج من بلادهم وبيع ما يملكونه من معرفة وربما بعض مواد نووية جاهزة للعمل إلي بلاد العالم الثالث‏,‏ خاصة التي لديها قدرات نووية بدرجة او بأخري‏,‏ أو طمحت آنذاك للحصول علي أسلحة نووية لسبب أو لآخر‏.‏ وثمة قصص كثيرة منشورة ومعروفة وموثقة عن مغامرات لعلماء سوفيت في عدد كبير من البلدان‏.‏ والثابت أن مصر لم يرد ذكرها في اي معلومات موثقة بشأن محاولات تهريب مواد نووية سوفيتية إليها‏.‏ ولكن هذا لا يمنع أن يسعي البعض من هؤلاء العلماء السوفيت في لحظات الانهيار الكبري‏,‏ وربما أيضا بعض المدفوعين من جهات استخبارتية غربية سعت في ذلك التوقيت إلي توريط مصر في عمل يتصادم مع اقتناعاتها ومساعيها بشأن منع الانتشار النووي سواء في الشرق الاوسط أو في العالم ككل‏.‏ وبالتالي فهذه الدول الكبري علي علم تام بأن مصر ليست من الدول التي لعبت دورا مزدوجا في هذا المجال المعقد والملئ بألعاب اجهزة الاستخبارات الدولية‏,‏ وعلي علم تام أيضا بأن القضية ليست الاستحواذ علي مواد نووية أو قنابل‏,‏ وإنما هي الاهداف الاستراتيجية وراء مثل هذا الاستحواذ‏.‏ وبالقطع لو أن الولايات المتحدة لديها ما يدين مصر في هذا الصدد فلن تتردد في توظيفه ضد المصالح المصرية في كل وقت وحين‏.‏
والمهم في الرواية الواردة في الوثيقة الأمريكية المسربة أنها تؤكد ثبات السياسة الخارجية المصرية والتزامها بقيم وتعهدات والتزامات دولية بشأن منع الانتشار النووي غير السلمي في وقت لا تعطي فيه دول أخري مثل هذه الأمور الاعتبار الكافي والاحترام المطلوب‏.‏
التزام مصر بمنع الانتشار النووي يواكبه اقتناع لا تردد فيه بالخوض في المجالات النووية السلمية المشروعة والواردة في معاهدة منع الانتشار من أجل التنمية‏.‏ وهكذا يجتمع قطبان رئيسيان في سياسة مصر الخارجية‏,‏ والتي تميز دورها الاقليمي والدولي في آن‏,‏ وهما أولا العمل من أجل السلام وفق المعاهدات والقانون الدولي‏,‏ والثاني الالتزام بالتنمية وبتوظيف منجزات العلوم التطبيقية في كل المناحي من أجل التقدم ورفع مستوي المعيشة للشعب المصري‏.‏
هذا التناسق في الاقتناعات وفي الأداء الخارجي يمتد إلي الطريقة التي يتم بها تطبيق وتوظيف التقنيات النووية في البرنامج السلمي لتوليد الطاقة في منطقة الضبعة‏,‏ والتي ستشهد انشاء أربع محطات نووية حتي عام‏.2025‏ وثمة مبدآن حاكمان هنا‏,‏ الاول يتعلق بتطوير وتحديث منظومة الطاقة في مصر‏,‏ والثاني التمسك بأعلي مستويات وتقنيات الأمان النووي وتدريب عالي المستوي للكوادر البشرية المصرية التي ستتولي عبء ومسئولية تنفيذ هذا البرنامج الطموح من أجل الطاقة والتنمية‏.‏
وفيما يتعلق بتحديث منظومة الطاقة‏,‏ فمنذ خمس سنوات تم وضع الطاقة النووية لتوليد الكهرباء كعنصر أساسي في استراتيجية الطاقة المصرية‏,‏ والتي تدور حول عدة محاور‏,‏ أبرزها زيادة انتاج الطاقة الكهربية من مصادر مختلفة لمواجهة أعباء زيادة الطلب عليها لاغراض الصناعة والزراعة والحياة اليومية للمصريين‏,‏ وهي زيادة تصل إلي اكثر من‏7%‏ سنويا‏,‏ ومن شأنها أن ترتب نتائج سلبية إن لم يتم العمل علي تلبيتها وفق خطة مدروسة لأكثر من‏25‏ عاما مقبلة‏.‏ وثانيا العمل علي أن تكون مصر نقطة التقاء محورية لمصادر ومسارات الطاقة الكهربية علي الصعيد الاقليمي وفي إطار الربط الكهربي الحالي والمستقبلي بين أوروبا والشرق الاوسط‏,‏ وثالثا أن يتم توليد الطاقة من مصادر متعددة مع أخذ كل الترتيبات لتأمين إمداداتها‏.‏
وفيما يتعلق بالأمان النووي‏,‏ فهي قضية محورية لا مساومة فيها‏,‏ وغير مسموح بالعبث أو التراخي في اي من مراحلها وتطبيقاتها‏.‏ وأهمية هذه المسألة ليست بحاجة إلي كثير من التفصيل‏,‏ فأي خطأ في تشغيل المحطات النووية له تكلفته العالية في أرواح الناس وفي تدمير البيئة لمئات السنين وفي تخريب الاقتصاد لسنوات طويلة‏.‏ وما هو معروف عما نتج من آثار تدميرية عالية حين انفجر مفاعل تشرنوبيل السوفيتي في عام‏1986‏ يجعل المرء يرتعد رعبا من تصور حدوث تراخ ما في الأمان النووي‏.‏ وليس بخاف أن هناك كثيرا من الناقدين للبرنامج النووي المصري لديهم هواجس ومخاوف‏,‏ ويطرحون مسألة الأمان النووي باعتبارها معضلة كبري لن يكون بمقدور مصر عبر علمائها وتشريعاتها أن تحققها علي الوجه الأكمل‏,‏ والبعض يطرح مأسي كبري قد تحصل ويدعو إلي وقف العمل في البرنامج ككل منعا لأي كارثة كما يتصورون‏.‏
هذه النظرة المتشائمة تنطلق من افتراضين‏,‏ الأول أن حالة عدم الانضباط السائدة في قطاعات عديدة في المجتمع قد تمتد إلي البرنامج النووي سواء أثناء الانشاء أو عند التشغيل بعد تمام الانشاء‏.‏ والثاني أن قدرات مصر في التعامل مع حوادث نووية كبري إن حدثت لا قدر الله تعالي لن تكون علي نفس المستوي الذي كان موجودا لدي الاتحاد السوفيتي في الثمانينيات‏,‏ ومع ذلك حدث ما حدث من خراب وتدمير للبيئة وإزهاق للأرواح‏.‏
هذا التشاؤم وإن كان له ما يبرره في ظروف الاتحاد السوفيتي في سنوات انهياره الاخيرة‏,‏ ليس له محل في مطلع القرن الحادي والعشرين‏.‏ فمستويات الأمان النووي السائدة الآن في المفاعلات النووية العاملة في كل البلدان المتقدمة اقتصاديا هي الأفضل والاكثر تطورا مقارنة بما كان عليه الوضع في مفاعل تشرنوبيل السوفيتي‏,‏ وبالتأكيد فإن العمل في محطات نووية له محدداته وقيوده والتزاماته التي تقدرها الدولة تماما‏,‏ كما يقدرها العاملون في هذا المجال الأكثر تطورا تقنيا والأكثر حساسية أيضا‏.‏ ومن غير المتصور أن تقدم دولة بحجم مصر وخبراتها وكفاءات علمائها علي برنامج طموح للطاقة النووية دون أن تضع الضوابط الصارمة للوصول بمستويات الأمان إلي اقصي الدرجات المعمول بها عالميا‏.‏ فضلا عن أن التزام مصر الكامل بالتعاون الشفاف مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في جميع المراحل بداية من مرحلة الدراسات الأولية‏,‏ وما يليها من مراحل الانشاء ثم التشغيل الفعلي‏,‏ وهو التزام متبادل‏,‏ ومن شأنه أن يسهم في انجاز البرنامج النووي السلمي وفق أفضل المعايير للامان النووي‏.‏ والخلاصة ان لا مجال للتشاؤم‏.‏
* نقلا عن صحيفة الاهرام المصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.