تكريم عدد من أسر الشهداء والمصابين بقيادة الجيش الثالث الميدانى ومحافظتي الشرقية والقليوبية    مرصد الأزهر يناقش مع شباب الجامعات أسباب التطرف وحلوله وعلاقته بالمشاعر    "إدارة الصراع وفن المفاوضات» .. محاضرة لرئيس جامعة طنطا بفعاليات إعداد القادة    جمعية المحاربين القدماء تكرم عددا من أسر الشهداء والمصابين.. صور    "نموذج ناجح".. قومي المرأة يهنئ سحر السنباطي بتولي رئاسة مجلس الطفولة والأمومة    انطلاقة قوية للشراكة بين بنك القاهرة ومتلايف لتأمينات الحياة    أسهم أوروبا تصعد مدعومة بتفاؤل مرتبط بنتائج أعمال    محافظ الدقهلية: الصناعة المصرية لن تنطلق نحو العالمية بدون جهد وتعب عمالها    محطات مترو الأنفاق الجديدة.. بعد إعلان بدء التشغيل التجريبي " رسميًا "    «تويوتا» تخفض توقعات أرباحها خلال العام المالي الحالي    صادرات الصناعات الغذائية المصرية للبرازيل تنمو 56% خلال الربع الأول    رئيس الوزراء يستقبل نظيره الأردني بمطار القاهرة الدولي    مستشار سابق في البنتاجون: نظام كييف يعاني من أزمة قد تنتهي باستقالة زيلينسكي    دفاعًا عن إسرائيل.. أعضاء بالكونجرس الأمريكي يهددون مسئولي الجنائية الدولية    التعاون الإسلامي والخارجية الفلسطينية يرحبان بقرار جزر البهاما الاعتراف بدولة فلسطين    افتتاح الدورة 36 من بطولة مصر الدولية ل البريدج    تفاصيل حفل تأبين العامري فاروق بحضور رموز الرياضة المصرية    جامعة العريش تحصد كأس المهرجان الرياضي للكرة الطائرة    الساعة بألف جنيه، التحقيق مع القوادة أم جمال و4 ساقطات    الحكم على المتهمين بق.تل شاب وإلقائه من الطابق السادس بمدينة نصر    "الموضوع خطير".. أول تعليق من ابنة أصالة بعد أنباء انفصال والدتها من فائق حسن    عبد الرحيم كمال بعد مشاركته في مهرجان بردية: تشرفت بتكريم الأساتذة الكبار    قصور الثقافة تبحث عن حلول لمشاكل مسرح الأقاليم    دعاء دخول شهر ذو القعدة 2024.. ادركه ب17 كلمة لفك الكرب والتفريج    دعاء للميت بالاسم.. احرص عليه عند الوقوف أمام قبره    الصحة: اكتشاف 32 ألف إصابة ب«الثلاثيميا» عبر مبادرة الرئيس لفحص المقبلين على الزواج    11 جثة بسبب ماكينة ري.. قرار قضائي جديد بشأن المتهمين في "مجزرة أبوحزام" بقنا    محافظ الفيوم يشهد فعاليات إطلاق مشروع التمكين الاقتصادي للمرأة    جامعة عين شمس تبحث التعاون مع ستراسبورج الفرنسية    «القاهرة الإخبارية» تعرض تقريرا عن غزة: «الاحتلال الإسرائيلي» يسد شريان الحياة    يوسف زيدان عن «تكوين»: لسنا في عداء مع الأزهر.. ولا تعارض بين التنوير والدين (حوار)    انطلاق الموسم الأول لمسابقة اكتشاف المواهب الفنية لطلاب جامعة القاهرة الدولية    المشدد 10 سنوات لطالبين بتهمة سرقة مبلغ مالي من شخص بالإكراه في القليوبية    أحدثهم هاني شاكر وريم البارودي.. تفاصيل 4 قضايا تطارد نجوم الفن    استمرار تطعيمات طلاب المدارس ضد السحائي والثنائى بالشرقية    «8 أفعال عليك تجنبها».. «الإفتاء» توضح محظورات الإحرام لحجاج بيت الله    تعرف على التحويلات المرورية لشارع ذاكر حسين بمدينة نصر    فرقة الحرملك تحيي حفلًا على خشبة المسرح المكشوف بالأوبرا الجمعة    ذكرى وفاة فارس السينما.. محطات فنية في حياة أحمد مظهر    تعمد الكذب.. الإفتاء: اليمين الغموس ليس له كفارة إلا التوبة والندم والاستغفار    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    بعد حلف اليمين الدستوري.. الصين تهنئ بوتين بتنصيبه رئيسا لروسيا للمرة الخامسة    صحة المنيا تقدم الخدمات العلاجية ل10 آلاف مواطن فى 8 قوافل طبية    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    محافظ كفر الشيخ: نقل جميع المرافق المتعارضة مع مسار إنشاء كوبري سخا العلوي    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    مصرع سيدة صدمها قطار خلال محاولة عبورها السكة الحديد بأبو النمرس    علي جمعة: الرضا والتسليم يدخل القلب على 3 مراحل    ضبط قضايا اتجار في العملة ب12 مليون جنيه    "المدرج نضف".. ميدو يكشف كواليس عودة الجماهير ويوجه رسالة نارية    طلاب الصف الأول الإعدادي بالجيزة: امتحان اللغة العربية سهل (فيديو)    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    بايدن: لا مكان لمعاداة السامية في الجامعات الأمريكية    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    «قلت لها متفقناش على كده».. حسن الرداد يكشف الارتباط بين مشهد وفاة «أم محارب» ووالدته (فيديو)    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهيم وسيم شلبى يكتب: أشكو الإخوان والسلفيين والفاشية الدينية إلى رب العالمين.. «رسالة إلى الله (1)»
نشر في الدستور الأصلي يوم 16 - 11 - 2012


التحيات لله والصلوات والطيبات

إلهى الحبيب: اسمح لى يا رب العزة والجلال أن أبدأ رسالتى بمخاطبتك بإلهى الحبيب.. فقد نشأت على حبك قبل خشيتك.. واعذرنى على كتابة رسالة إليك.. وأنا أعلم أننى لا أحتاج إلى هذا.. فأنت أقرب إلىَّ من حبل الوريد وتعلم ما بنفسى سواء أبديته أو أخفيته.. أكتب إليك لتغيثنى وتهدينى وتعيدنى إلى أمان كنفك.. فأنا هارب منك إليك.. أنا مؤمن بك وبملائكتك وكتبك ورسلك.. وأُشهِدك وأشهد حملة عرشك وجميع خلقك أنه لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك.. وأن محمدا عبدك ورسولك.. ولكننى تدريجيا أفقد هويتى.. لا أعلم لأى فصيل أنتمى.. فحاليا.. لا يوجد مكان لأمثالى.. فأنا لا أنتمى إلى الإخوان ولا السلفيين ولا الجهاديين ولا غيرهم ممن احتكروا لأنفسهم صفة الإسلاميين ورفعوا راية الإسلام لتظلهم ولا سواهم..

أشعر بالخوف والحزن والأسى.. يتمزق قلبى وأنا أشعر بالغربة تجاه دينى.. أشفق على أولادى لأنهم لن يعرفوا الدين كما عرفته.. أحزن على الإسلام العظيم وقد اُختصر فى لافتة انتخابية وشعارات جوفاء وعصبية جاهلية ومظاهر سطحية.. أخشى على مصر.. بلدى الحبيب أن يمزقها التعصب وتعصف بها المؤامرات وتلحق بمن سبقها من أقطار تمزقت أوصالها وتشتت أبناؤها وضاع إرثها الحضارى باسم الإسلام السياسى..


تدريجيا أفقد هويتى.. فلا يوجد مكان لأمثالى.. فأنا لا أنتمى إلى الإخوان ولا السلفيين ولا الجهاديين ولا غيرهم ممن احتكروا لأنفسهم صفة الإسلاميين

حاولت أن أفهمهم.. وسمعت خطبهم وحواراتهم وقرأت ما كتبوه واستشهدوا به.. بحثت عن روح الإيمان فى دعواهم.. نظرت فى عيونهم لعلى أرى الصفاء والسكينة.. عجبت وأنا أرى الكذب والنفاق والرياء والنكث بالعهود وعدم الوفاء بالوعود وقد صارت كلها حلالا.. بحكم أن الضرورات تبيح المحظورات.. وما الضرورات هنا إلا الجشع للسلطة.. وأصبح كلامك الكريم أداة يشترى بها ثمنا قليلا.. فكانت ردة فعلى أن صرخ قلبى وضميرى قائلَين: لكم دينكم ولى دين..

وأفقت من غضبى على مدى فداحة ردة فعلى.. ماذا أقول؟ ولكن سامحنى يا ربى.. فبما يدعون ويهتفون.. وبنبذهم بل وأحيانا تكفيرهم لمن يختلفون معهم فى الرأى وتصنيفهم كعلمانيين كفرة أو ليبراليين فاسقين.. لا أجد لى مكانا تحت الراية التى رفعوها عنوة وغصبا واستأثروا بها لأنفسهم صفة الإسلاميين..

إذا كانوا هم فقط المسلمين والإسلاميين فماذا أكون؟

هل أنا مؤمن؟ هل أنا مسلم؟ هل أنا أقل إيمانا منهم؟ ومن الحكم فى هذه القضية؟

يا رب.. وقف الشيطان متربصا بى بكل ما يملك من وساوس وتضليل.. وكاد يدفعنى إلى أكثر من هاوية.. وعلى حافة الهاوية.. كنت أرى يدك تمتد لتنقذنى فى اللحظة الأخيرة.. لم تكن يدا واحدة بل يدان بسطتهما لإنقاذى.. إحداهما العلم والأخرى اليقين.. نعمتان أنعمت بهما علىّ.. وبهما استنارت بصيرتى لأتأكد من هويتى ويطمئن قلبى.. رغم أنف المدعين.

واتجهت إليك أدعوك بكل جوارحى:

(رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ)

■ ■ ■

إيمانى بك ليس بحكم النشأة أو العادة.. بل هو إيمان وقَرَ فى قلبى مؤيدا بكل ما تفضلت علىَّ به من علم وبصيرة.. فعندما تفكرت فى خلق السماوات والأرض.. وجعلت العلوم الطبيعية والرياضية طريقى.. رأيت بصمتك على كل شىء.. ورأيت توقيعك واضحا على جميع مخلوقاتك.. كلها يردد ويؤكد:

(مَّا تَرَى فِى خَلقِ الرَّحمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارجِعِ البَصَرَ هَل تَرَى مِن فُطُورٍ* ثُمَّ ارجِعِ البَصَرَ كَرَّتَينِ يَنقَلِب إِلَيكَ البَصَرُ خَاسئًا وَهُوَ حَسِيرٌ).

هذا الكون بكل ما فيه من مرئى ومسموع ومحسوس خلق بيدك يا الله يا بارئ يا مصور.. ولم يشاركك أحد فى الخلق والتدبير.. كيف أُنكر ذلك وأنا أرى توقيعك واضحا.. شاهدا على الجمال والكمال.. ليس فقط فى ما أبدعت يدك.. ولكن فيما أبدعته أيادى وعقول عبادك الذين اصطفيتهم بنعمة الاختراع والفن والإبداع.. معبرين عن ما يسرى فى نفوسهم من روحك.. أيها الخالق الكريم.. بديع السماوات والأرض.. حقا.. (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار)..

ومع العلم كان اليقين..

تفكرت فى آياتك الكريمة:

(وَفِى الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ * وَفِى أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ* وَفِى السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ* فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ).

وانسابت الذكريات لتحمل مواقف أحسست بقربك منى كأنك بيدك الكريمة تمسح دموعى أو تربِّت على كتفى.. تذكرت الأوقات التى كنت ألجأ إليك بالدعاء أو الشكوى فكأنى أسمع الإجابة وأرى الاستجابة.. حقا قولك (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلا مَّا تَذَكَّرُونَ).. كم من مواقف بلا حول لى ولا قوة سترتَنى.. حميتَنى.. أمَّنتَنى.. رزقتَنى.. هديتَنى.. أسعدتَنى.. عزيتَنى.. عوضتَنى..

وما أنا إلا عبد ضمن مليارات من عبيدك ومخلوقاتك.. ولكنك كما قلت قد وسع كرسيّك السماوات والأرض ورحمتك وسعت كل شىء.. وأخبرتَ فى فاتحة كتابك.. أنك رب للعالمين..

فلماذا يدّعونك لأنفسهم؟

أعجب يا ربى من عبادك الذين يكررون فى صلاتهم (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) سبع عشرة مرة يوميا.. ثم يريدون أن يستأثروا بك لأنفسهم..

يا خالق الكون.. يا بديع السماوات والأرض.. لقد ذكرت ما يحدث الآن فى كتابك الكريم.. وحذرت منه: (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ).. هل ابتليت بعض قومنا بالوهم بأنهم شعب الله المختار الجديد؟

يا رب.. أدعوك من كل قلبى وأسألك رحمة من عندك تهدى بها قلوبنا.. وتجمع بها شملنا.. وترد بها الفتن عنا.. وتصلح بها دنيانا.. وتحفظ بها ديننا.. وتزكى بها أعمالنا.. وتلهمنا رشدنا.

لن أستسلم.. فأنت ربى ورب العالمين.. لن يستأثر بك أحد ولن يهتز إيمانى بوجودك ووحدانيتك ورحمتك.. (رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ).

■ ■ ■

ويكتمل إيمانى بك.. بالإيمان بملائكتك وكتبك ورسلك.. عملا بقولك الكريم (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)..

آمنت بك.. وملائكتك أؤمن بهم كواقع غيبى أخبرتنا به فقبلت به إيمانا وتصديقا لما أقررته أنت ورسولك الصادق الأمين..

تبحرت فى فهم كتابك. القرآن الكريم.. باحثا فى إعجازاته اللغوية والعلمية والرقمية.. وتجلى لى بوضوح أنه حقا كما قلت.. (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِير).

أما رسلك المبشرون المنذرون.. فقد قرأت بشغف سيرتهم.. وآمنت بهم كحملة رسالة واحدة.. متدرجة ومتكاملة.. أخذت بيد بنى آدم فى رحلة طويلة من الظلمات إلى النور. آمنت بما أنزلت عليهم من كتب.. وأكبرت دورهم فى تنوير البشرية وتعريف الناس بك وبمناسك عبادتهم لك.. وهدايتهم إلى الطريق المستقيم الذى وضعته وارتضيته لهم ليحققوا الغرض الذى خلقوا من أجله.. ألا وهو عبادتك والخلافة فى الأرض ليعمروها كما قدرت..

وقرأت آياتك:

(وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ)..

(إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا * وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيما * رُّسُلا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا).

برحمتك التى وسعت كل شىء لم تحرم أمة من رسول يهديها.. وذلك على مر التاريخ وعبر أقطار الأرض.. هذا ما فهمته من آياتك.. وهناك رسل لم تقصصهم علينا.. فلماذا نصر أن النبوة شرف لم تختص به سوانا.. ورغم دعوتك للإيمان بكتبك ورسلك.. وأن لا نفرق بين أحد من رسلك.. يتسع نطاق القبلية والتعصب ليشكك ويرفض كل ما هو غير مسلم أو ما يدّعون أنه مخالف للإسلام.. وكحق يراد به باطل.. تستخدم كلماتك الكريمة (إن الدين عند الله الإسلام).. كراية ترفرف فى المظاهرات وشعار يهتف به فى المؤتمرات السياسية..

وينسى أو يتناسى هؤلاء ما احتواه كتابك الكريم من تأكيد بأن الإسلام هو الدين الواحد الذى أنزلته بالتتابع على جميع رسلك.. وأن صفة المسلم أعم وأوسع من أن يحاولوا أن يستأثروا بها لأتباع محمد عليه الصلاة والسلام بل فقط لبعضهم..

فها هو نوح عليه السلام يقول (فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ).

وأبو الأنبياء خليلك إبراهيم عليه السلام كان حنيفا مسلما.. واصطفى الإسلام لبنيه وأحفاده..

(وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِى الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِى الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ).

(وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِىَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).

وكذلك يعقوب عليه السلام ومن بعده بنيه..

(أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِى قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ).

وها هو يوسف الصديق عليه السلام يناجيك داعيا أن تتوفاه على الإسلام: (رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِى مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِى مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّى فِى الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِى مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِى بِالصَّالِحِينَ).

وكليمك موسى فى خطابه لبنى إسرائيل: (وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ).

وسليمان عليه السلام عندما أرسل خطابه إلى قوم سبأ دعاهم إلى الإسلام

(إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلاَّ تَعْلُوا عَلَىَّ وَأْتُونِى مُسْلِمِينَ).

وعندما أتت بلقيس ملكتهم إلى سليمان وآمنت برسالته أسلمت معه لك

(قَالَتْ رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).

وكذلك فعل جميع أنبياء بنى إسرائيل من بعد موسى عليهم جميعا السلام:

(إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ).

ومن بعدهم المسيح عيسى بن مريم عليه السلام وحواريوه المخلصون الذين حملوا رسالته ونشروها فى أقطار الأرض من بعده:

(فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِى إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ).

ولكل هؤلاء ومن تبعوهم فقد أقررت لهم بالإيمان وضمنت لهم خير الأجر والأمان والسعادة كما أكدت فى كتابك الكريم:

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُون).

■ ■ ■

أشعر بالارتياح والسكينة يا رب العالمين.. وقد عادت إلىَّ ثقتى بنفسى.. فلست أقل إسلاما أو أضعف إيمانا من أولئك المدعين..

وقفت عند آيتك الكريمة فى سورة الحجرات:

(قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِى قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

وأخذت أبحث فى معناها.. وما الفرق بين الإسلام والإيمان.. فوجدت الإسلام فى اللغة يعنى الانقياد والاستسلام.. أما التفسير الشرعى له فهو انقياد مخصوص أقله النطق بالشهادتين. أما الإيمان فى اللغة فيعنى التصديق وفى الشرع هو تصديق مخصوص أقله التصديق القلبى بمعنى الشهادتين.. أما كلمة (لما) فإذا جاء بعدها فعل مضارع فإنها تفيد النفى.

شعرت بقيمة هذه الآية الكريمة.. ومدى أهمية أن نستحضرها جميعا نصب أعيننا فى هذه المرحلة.. يجب أن يسأل كل منا نفسه.. هل أنا مؤمن أم مسلم فقط؟.. فالفرق كبير..

■ ■ ■

واجهت السؤال الأزلى.. لماذا خلقتنا؟ وما الهدف من وجودنا على هذه الأرض؟ وعلى الفور تبادر إلى ذهنى قولك الكريم (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ).. كنت واضحا.. فقد خلقتنا لنعبدك.. والعبادة هى التوحيد.. ولكى نعبدك ونوحدك لا بد أن نعرفك.. وخلال رحلة المعرفة والعبادة.. أى رحلتنا على الأرض.. فلا يجب أن نحمل الهموم فأنت ترزقنا وتطعمنا..

وقد لخص رسولك الكريم روح العبادة فى حديثه لمعاذ بن جبل عندما قال له: «يا معاذ أتدرى ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟» فقال معاذ: الله ورسوله أعلم. قال: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا» فقال له معاذ: يا رسول الله أفلا أبشر الناس؟ قال: لا تبشرهم فيتكلوا».

العدل.. التنوع والتعددية.. الرحمة والإحسان.. الحرية.. هذه سننك التى أرسيتها ودعوت إليها فى كتابك الكريم كناموس لعبادك.. ومن الطبيعى أن يلتزم بها الإنسان كخليفة فى الأرض.

ولكن أين تقف الفاشية الدينية من هذا؟.. ها هى المبادئ التى أرسيتها.. فليأخذوا بها ويطبقوها.. وعندها سيكونون جديرين براية الإسلام التى يتخفون تحتها.. وسنتبعهم جميعا.

لو طبق العدل واحترم التنوع والتعددية.. لو طبق ما أمرت به من الحرية.. فالناتج هو المساواة.. وحرية الرأى والتعبير.. ولن ينظر لفئة على أنها أقلية.. وبالرحمة والإحسان سيسود الاحترام للفرد وأفكاره ومعتقداته.. ولن يستخدم الترهيب ولا العزل كوسيلة لمحاربة الرأى الآخر..

.. ولكنهم لن يفعلوا..

فإن فعلوا فكيف سيمارسون الإقصاء والتكفير.. كيف سيحجرون على الآراء ويعزلون أصحاب المبادئ والأفكار والعقائد الأخرى.. كيف سيحصدون الأصوات الانتخابية عزفا على الذى اغتصبوا لأنفسهم احتكار التحدث باسمه؟ على وتر الدين. يا رب.. عندما جعلت آدم خليفة فى الأرض.. ومن بعده ذريته.. هل سننت لهم أن يعمروا الأرض بالفرقة والتشرذم؟ هل دعوتهم أن يطبقوا ناموسك فيها عن طريق الفتن والتفرقة وتكفير من يخالفهم؟ هل قلت لهم إن الترهيب والصدام وهما طريق الوصول إلى السلطة أو الحفاظ عليها؟ يا رب.. هل ستترك هؤلاء يتسببون فى تفريق أبناء الوطن الواحد بل والدين الواحد وتصعيد العنف لتسيل دماء عبادك.. وباسم من؟ باسمك واسم دينك القويم؟

وعزتك وجلالك قد صدقت عندما قلت: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)..

عبدك الفقير إلى رحمتك وفضلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.