«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهيم وسيم شلبى يكتب: أشكو الإخوان والسلفيين والفاشية الدينية إلى رب العالمين.. «رسالة إلى الله (1)»
نشر في الدستور الأصلي يوم 16 - 11 - 2012


التحيات لله والصلوات والطيبات

إلهى الحبيب: اسمح لى يا رب العزة والجلال أن أبدأ رسالتى بمخاطبتك بإلهى الحبيب.. فقد نشأت على حبك قبل خشيتك.. واعذرنى على كتابة رسالة إليك.. وأنا أعلم أننى لا أحتاج إلى هذا.. فأنت أقرب إلىَّ من حبل الوريد وتعلم ما بنفسى سواء أبديته أو أخفيته.. أكتب إليك لتغيثنى وتهدينى وتعيدنى إلى أمان كنفك.. فأنا هارب منك إليك.. أنا مؤمن بك وبملائكتك وكتبك ورسلك.. وأُشهِدك وأشهد حملة عرشك وجميع خلقك أنه لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك.. وأن محمدا عبدك ورسولك.. ولكننى تدريجيا أفقد هويتى.. لا أعلم لأى فصيل أنتمى.. فحاليا.. لا يوجد مكان لأمثالى.. فأنا لا أنتمى إلى الإخوان ولا السلفيين ولا الجهاديين ولا غيرهم ممن احتكروا لأنفسهم صفة الإسلاميين ورفعوا راية الإسلام لتظلهم ولا سواهم..

أشعر بالخوف والحزن والأسى.. يتمزق قلبى وأنا أشعر بالغربة تجاه دينى.. أشفق على أولادى لأنهم لن يعرفوا الدين كما عرفته.. أحزن على الإسلام العظيم وقد اُختصر فى لافتة انتخابية وشعارات جوفاء وعصبية جاهلية ومظاهر سطحية.. أخشى على مصر.. بلدى الحبيب أن يمزقها التعصب وتعصف بها المؤامرات وتلحق بمن سبقها من أقطار تمزقت أوصالها وتشتت أبناؤها وضاع إرثها الحضارى باسم الإسلام السياسى..


تدريجيا أفقد هويتى.. فلا يوجد مكان لأمثالى.. فأنا لا أنتمى إلى الإخوان ولا السلفيين ولا الجهاديين ولا غيرهم ممن احتكروا لأنفسهم صفة الإسلاميين

حاولت أن أفهمهم.. وسمعت خطبهم وحواراتهم وقرأت ما كتبوه واستشهدوا به.. بحثت عن روح الإيمان فى دعواهم.. نظرت فى عيونهم لعلى أرى الصفاء والسكينة.. عجبت وأنا أرى الكذب والنفاق والرياء والنكث بالعهود وعدم الوفاء بالوعود وقد صارت كلها حلالا.. بحكم أن الضرورات تبيح المحظورات.. وما الضرورات هنا إلا الجشع للسلطة.. وأصبح كلامك الكريم أداة يشترى بها ثمنا قليلا.. فكانت ردة فعلى أن صرخ قلبى وضميرى قائلَين: لكم دينكم ولى دين..

وأفقت من غضبى على مدى فداحة ردة فعلى.. ماذا أقول؟ ولكن سامحنى يا ربى.. فبما يدعون ويهتفون.. وبنبذهم بل وأحيانا تكفيرهم لمن يختلفون معهم فى الرأى وتصنيفهم كعلمانيين كفرة أو ليبراليين فاسقين.. لا أجد لى مكانا تحت الراية التى رفعوها عنوة وغصبا واستأثروا بها لأنفسهم صفة الإسلاميين..

إذا كانوا هم فقط المسلمين والإسلاميين فماذا أكون؟

هل أنا مؤمن؟ هل أنا مسلم؟ هل أنا أقل إيمانا منهم؟ ومن الحكم فى هذه القضية؟

يا رب.. وقف الشيطان متربصا بى بكل ما يملك من وساوس وتضليل.. وكاد يدفعنى إلى أكثر من هاوية.. وعلى حافة الهاوية.. كنت أرى يدك تمتد لتنقذنى فى اللحظة الأخيرة.. لم تكن يدا واحدة بل يدان بسطتهما لإنقاذى.. إحداهما العلم والأخرى اليقين.. نعمتان أنعمت بهما علىّ.. وبهما استنارت بصيرتى لأتأكد من هويتى ويطمئن قلبى.. رغم أنف المدعين.

واتجهت إليك أدعوك بكل جوارحى:

(رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ)

■ ■ ■

إيمانى بك ليس بحكم النشأة أو العادة.. بل هو إيمان وقَرَ فى قلبى مؤيدا بكل ما تفضلت علىَّ به من علم وبصيرة.. فعندما تفكرت فى خلق السماوات والأرض.. وجعلت العلوم الطبيعية والرياضية طريقى.. رأيت بصمتك على كل شىء.. ورأيت توقيعك واضحا على جميع مخلوقاتك.. كلها يردد ويؤكد:

(مَّا تَرَى فِى خَلقِ الرَّحمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارجِعِ البَصَرَ هَل تَرَى مِن فُطُورٍ* ثُمَّ ارجِعِ البَصَرَ كَرَّتَينِ يَنقَلِب إِلَيكَ البَصَرُ خَاسئًا وَهُوَ حَسِيرٌ).

هذا الكون بكل ما فيه من مرئى ومسموع ومحسوس خلق بيدك يا الله يا بارئ يا مصور.. ولم يشاركك أحد فى الخلق والتدبير.. كيف أُنكر ذلك وأنا أرى توقيعك واضحا.. شاهدا على الجمال والكمال.. ليس فقط فى ما أبدعت يدك.. ولكن فيما أبدعته أيادى وعقول عبادك الذين اصطفيتهم بنعمة الاختراع والفن والإبداع.. معبرين عن ما يسرى فى نفوسهم من روحك.. أيها الخالق الكريم.. بديع السماوات والأرض.. حقا.. (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار)..

ومع العلم كان اليقين..

تفكرت فى آياتك الكريمة:

(وَفِى الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ * وَفِى أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ* وَفِى السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ* فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ).

وانسابت الذكريات لتحمل مواقف أحسست بقربك منى كأنك بيدك الكريمة تمسح دموعى أو تربِّت على كتفى.. تذكرت الأوقات التى كنت ألجأ إليك بالدعاء أو الشكوى فكأنى أسمع الإجابة وأرى الاستجابة.. حقا قولك (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلا مَّا تَذَكَّرُونَ).. كم من مواقف بلا حول لى ولا قوة سترتَنى.. حميتَنى.. أمَّنتَنى.. رزقتَنى.. هديتَنى.. أسعدتَنى.. عزيتَنى.. عوضتَنى..

وما أنا إلا عبد ضمن مليارات من عبيدك ومخلوقاتك.. ولكنك كما قلت قد وسع كرسيّك السماوات والأرض ورحمتك وسعت كل شىء.. وأخبرتَ فى فاتحة كتابك.. أنك رب للعالمين..

فلماذا يدّعونك لأنفسهم؟

أعجب يا ربى من عبادك الذين يكررون فى صلاتهم (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) سبع عشرة مرة يوميا.. ثم يريدون أن يستأثروا بك لأنفسهم..

يا خالق الكون.. يا بديع السماوات والأرض.. لقد ذكرت ما يحدث الآن فى كتابك الكريم.. وحذرت منه: (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ).. هل ابتليت بعض قومنا بالوهم بأنهم شعب الله المختار الجديد؟

يا رب.. أدعوك من كل قلبى وأسألك رحمة من عندك تهدى بها قلوبنا.. وتجمع بها شملنا.. وترد بها الفتن عنا.. وتصلح بها دنيانا.. وتحفظ بها ديننا.. وتزكى بها أعمالنا.. وتلهمنا رشدنا.

لن أستسلم.. فأنت ربى ورب العالمين.. لن يستأثر بك أحد ولن يهتز إيمانى بوجودك ووحدانيتك ورحمتك.. (رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ).

■ ■ ■

ويكتمل إيمانى بك.. بالإيمان بملائكتك وكتبك ورسلك.. عملا بقولك الكريم (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)..

آمنت بك.. وملائكتك أؤمن بهم كواقع غيبى أخبرتنا به فقبلت به إيمانا وتصديقا لما أقررته أنت ورسولك الصادق الأمين..

تبحرت فى فهم كتابك. القرآن الكريم.. باحثا فى إعجازاته اللغوية والعلمية والرقمية.. وتجلى لى بوضوح أنه حقا كما قلت.. (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِير).

أما رسلك المبشرون المنذرون.. فقد قرأت بشغف سيرتهم.. وآمنت بهم كحملة رسالة واحدة.. متدرجة ومتكاملة.. أخذت بيد بنى آدم فى رحلة طويلة من الظلمات إلى النور. آمنت بما أنزلت عليهم من كتب.. وأكبرت دورهم فى تنوير البشرية وتعريف الناس بك وبمناسك عبادتهم لك.. وهدايتهم إلى الطريق المستقيم الذى وضعته وارتضيته لهم ليحققوا الغرض الذى خلقوا من أجله.. ألا وهو عبادتك والخلافة فى الأرض ليعمروها كما قدرت..

وقرأت آياتك:

(وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ)..

(إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا * وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيما * رُّسُلا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا).

برحمتك التى وسعت كل شىء لم تحرم أمة من رسول يهديها.. وذلك على مر التاريخ وعبر أقطار الأرض.. هذا ما فهمته من آياتك.. وهناك رسل لم تقصصهم علينا.. فلماذا نصر أن النبوة شرف لم تختص به سوانا.. ورغم دعوتك للإيمان بكتبك ورسلك.. وأن لا نفرق بين أحد من رسلك.. يتسع نطاق القبلية والتعصب ليشكك ويرفض كل ما هو غير مسلم أو ما يدّعون أنه مخالف للإسلام.. وكحق يراد به باطل.. تستخدم كلماتك الكريمة (إن الدين عند الله الإسلام).. كراية ترفرف فى المظاهرات وشعار يهتف به فى المؤتمرات السياسية..

وينسى أو يتناسى هؤلاء ما احتواه كتابك الكريم من تأكيد بأن الإسلام هو الدين الواحد الذى أنزلته بالتتابع على جميع رسلك.. وأن صفة المسلم أعم وأوسع من أن يحاولوا أن يستأثروا بها لأتباع محمد عليه الصلاة والسلام بل فقط لبعضهم..

فها هو نوح عليه السلام يقول (فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ).

وأبو الأنبياء خليلك إبراهيم عليه السلام كان حنيفا مسلما.. واصطفى الإسلام لبنيه وأحفاده..

(وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِى الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِى الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ).

(وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِىَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).

وكذلك يعقوب عليه السلام ومن بعده بنيه..

(أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِى قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ).

وها هو يوسف الصديق عليه السلام يناجيك داعيا أن تتوفاه على الإسلام: (رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِى مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِى مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّى فِى الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِى مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِى بِالصَّالِحِينَ).

وكليمك موسى فى خطابه لبنى إسرائيل: (وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ).

وسليمان عليه السلام عندما أرسل خطابه إلى قوم سبأ دعاهم إلى الإسلام

(إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلاَّ تَعْلُوا عَلَىَّ وَأْتُونِى مُسْلِمِينَ).

وعندما أتت بلقيس ملكتهم إلى سليمان وآمنت برسالته أسلمت معه لك

(قَالَتْ رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).

وكذلك فعل جميع أنبياء بنى إسرائيل من بعد موسى عليهم جميعا السلام:

(إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ).

ومن بعدهم المسيح عيسى بن مريم عليه السلام وحواريوه المخلصون الذين حملوا رسالته ونشروها فى أقطار الأرض من بعده:

(فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِى إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ).

ولكل هؤلاء ومن تبعوهم فقد أقررت لهم بالإيمان وضمنت لهم خير الأجر والأمان والسعادة كما أكدت فى كتابك الكريم:

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُون).

■ ■ ■

أشعر بالارتياح والسكينة يا رب العالمين.. وقد عادت إلىَّ ثقتى بنفسى.. فلست أقل إسلاما أو أضعف إيمانا من أولئك المدعين..

وقفت عند آيتك الكريمة فى سورة الحجرات:

(قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِى قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

وأخذت أبحث فى معناها.. وما الفرق بين الإسلام والإيمان.. فوجدت الإسلام فى اللغة يعنى الانقياد والاستسلام.. أما التفسير الشرعى له فهو انقياد مخصوص أقله النطق بالشهادتين. أما الإيمان فى اللغة فيعنى التصديق وفى الشرع هو تصديق مخصوص أقله التصديق القلبى بمعنى الشهادتين.. أما كلمة (لما) فإذا جاء بعدها فعل مضارع فإنها تفيد النفى.

شعرت بقيمة هذه الآية الكريمة.. ومدى أهمية أن نستحضرها جميعا نصب أعيننا فى هذه المرحلة.. يجب أن يسأل كل منا نفسه.. هل أنا مؤمن أم مسلم فقط؟.. فالفرق كبير..

■ ■ ■

واجهت السؤال الأزلى.. لماذا خلقتنا؟ وما الهدف من وجودنا على هذه الأرض؟ وعلى الفور تبادر إلى ذهنى قولك الكريم (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ).. كنت واضحا.. فقد خلقتنا لنعبدك.. والعبادة هى التوحيد.. ولكى نعبدك ونوحدك لا بد أن نعرفك.. وخلال رحلة المعرفة والعبادة.. أى رحلتنا على الأرض.. فلا يجب أن نحمل الهموم فأنت ترزقنا وتطعمنا..

وقد لخص رسولك الكريم روح العبادة فى حديثه لمعاذ بن جبل عندما قال له: «يا معاذ أتدرى ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟» فقال معاذ: الله ورسوله أعلم. قال: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا» فقال له معاذ: يا رسول الله أفلا أبشر الناس؟ قال: لا تبشرهم فيتكلوا».

العدل.. التنوع والتعددية.. الرحمة والإحسان.. الحرية.. هذه سننك التى أرسيتها ودعوت إليها فى كتابك الكريم كناموس لعبادك.. ومن الطبيعى أن يلتزم بها الإنسان كخليفة فى الأرض.

ولكن أين تقف الفاشية الدينية من هذا؟.. ها هى المبادئ التى أرسيتها.. فليأخذوا بها ويطبقوها.. وعندها سيكونون جديرين براية الإسلام التى يتخفون تحتها.. وسنتبعهم جميعا.

لو طبق العدل واحترم التنوع والتعددية.. لو طبق ما أمرت به من الحرية.. فالناتج هو المساواة.. وحرية الرأى والتعبير.. ولن ينظر لفئة على أنها أقلية.. وبالرحمة والإحسان سيسود الاحترام للفرد وأفكاره ومعتقداته.. ولن يستخدم الترهيب ولا العزل كوسيلة لمحاربة الرأى الآخر..

.. ولكنهم لن يفعلوا..

فإن فعلوا فكيف سيمارسون الإقصاء والتكفير.. كيف سيحجرون على الآراء ويعزلون أصحاب المبادئ والأفكار والعقائد الأخرى.. كيف سيحصدون الأصوات الانتخابية عزفا على الذى اغتصبوا لأنفسهم احتكار التحدث باسمه؟ على وتر الدين. يا رب.. عندما جعلت آدم خليفة فى الأرض.. ومن بعده ذريته.. هل سننت لهم أن يعمروا الأرض بالفرقة والتشرذم؟ هل دعوتهم أن يطبقوا ناموسك فيها عن طريق الفتن والتفرقة وتكفير من يخالفهم؟ هل قلت لهم إن الترهيب والصدام وهما طريق الوصول إلى السلطة أو الحفاظ عليها؟ يا رب.. هل ستترك هؤلاء يتسببون فى تفريق أبناء الوطن الواحد بل والدين الواحد وتصعيد العنف لتسيل دماء عبادك.. وباسم من؟ باسمك واسم دينك القويم؟

وعزتك وجلالك قد صدقت عندما قلت: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)..

عبدك الفقير إلى رحمتك وفضلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.