أعتبر صلاح حسب الله رئيس حزب المواطن المصري وعضو الجمعية التأسيسية أن هناك حوالي ستة نقاط صعبة هى التى تقف حجر عثرة في وجه التوصل لا تفاق بين القوي المدنية من ناحية وبين القوي الإسلام السياسي من ناحية أخري داخل الجمعية التأسيسية حول دستور مصر الجديد. وحدد حسب هذه النقاط في تصريحات خاصة – كما قال - من واقع عضويته الأساسية في الجمعية التأسيسية. وتتمثل هذه النقاط في إصرار التيار السلفي من ورائهم عدد من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وحزبها حزب الحرية والعدالة في الإصرار علي تغيير المادة الثانية من دستور 1971 والخاصة بالشريعة الإسلامية بحيث تحذف كلمة مباديء وتستبدل بكلمة أحكام. وقال حسب الله أن التيار السلفي يصر علي هذا التغيير رغم أن الأزهر الشريف من خلال ممثله في الجمعية الشيخ حسن الشافعي أعتبر أن كلمة "مباديء" هي التى تعبر أكثر من غيرها عن مجموع القواعد القطعية التى شرعها الله تعالى فى القرآن والسنة النبوية الصحيحة ، ولا تحتمل شكاً ولا تأويلاً ، وليست بالتالى موضع اجتهاد ولا محل خلاف ، ولا تتغير بتغير الأحوال أو الزمان أو المكان ، بخلاف كلمة أحكام التى تعبر عن خلافات فقهية بشرية تتغير بتغير الزمان والمكان.
وقال حسب الله أنه رغم الإثارة التى يبديها التيار السلفي حول المادة الثانية فإن توقعاته هى أنه عند التصويت فإن الغالبية داخل الجمعية ستصوت علي هذه المادة كما جاءت في دستور 1971 والذى ينص علي كلمة مباديء وليس أحكام.
كما ذكر حسب الله في مذكرته أن ممثلو السلفيين والإخوان قد تراجعوا عن مواد أخري مثل حذف عبارة السيادة للشعب واستبدالها بعبارة السيادة لله ، ومواد الزكاة إضافة إلى المادة الخاصة بالمساس بالذات الألهية.
ولكن من ناحية أخري – قال حسب الله – فإن تيار الإسلام السياسي (وهو هنا أغلبية السلفيين والإخوان المسلمين) يحاول بشكل غير مباشر أن يفرض رؤيته التي تفرض بعض القيود على الحريات الممنوحة للمرآة وعلى المساواة بينها وبين الرجل ، وهو سبب إصراره على النص المقترح للمادة 36 من باب الحقوق والحريات الذي جاء نصه المصاغ كالتالي ( تلتزم الدولة باتخاذ كافة التدابير التي ترسخ مساواة المرأة مع الرجل في مجالات الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية وسائر المجالات الأخرى .. دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية.
وقال حسب الله "أن هذا النص دار حوله جدل وصراع بين ممثلي تيار الإسلام السياسي وممثلي التيار المدني وأنا واحد منهم ، حيث كنا ترى أنه لا داعي لإضافة الفقرة الأخيرة من هذا النص طالما هناك نص جامع شامل في الباب الأول المتعلق بمبادئ الدولة وهو النص الثاني الذي ينص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع .
لكن ممثلي التيار الإسلامي كانوا يبررون إصرارهم على بقاء هذه الفقرة من تخوفهم أن تمتد هذه المساواة فيما يتعلق بقانون المواريث مثلاً ، وهذا ما لا يتصوره عقل.
وقال حسب الله هناك عدد آخر من الموضوعات الأخرى الشائكة كوضع القضاء العسكرى ووضع القوات المسلحة وإلغاء أو بقاء مجلس الشورى ونسبة العمال والفلاحين وسلطات رئيس الجمهورية ووحدة القضاء.
وقال حسب الله "أن هذه القضايا السابقة هى أبرز المعارك الحقيقية فى الدستور والتى كنت أراها معارك مؤجلة لغرض سياسى مفاده عدم بدء أعمال الجمعية بالاختلافات وتفضيل البدء بنقاط الاتفاق حتى لا نثير قلق وتوجس من يتابع الجمعية التأسيسية.
وحدد صلاح حسب الله مشاكل أخري تواجه التأسيسية أولها ما وصفه بذلك التكالب والتصارع من عدد غير قليل من مؤسسات الدولة لممارسة ضغط مجتمعي على الجمعية التأسيسية لتحقيق وضعية وخصوصية أفضل لها في الدستور ، وأبرز هذه الأمثلة بعض الهيئات القضائية مثل مجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية وهيئة الخبراء والطب الشرعي والنقابات العمالية ونقابات الفلاحين وغيرهم.
وأضاف "مثال آخر وهو ذلك الضغط الذي وصل إلى حد التهديد بإجراءات تصعيديه من قبل إتحاد نقابات عمال مصر في حالة إلغاء نسبة الخمسين بالمائة المخصصة للعمال والفلاحين من المقاعد البرلمانية.
وفي النهاية أتهم حسب الله لجنة الصياغة في الجمعية التأسيسية والتى يهيمن عليها تيار الإخوان المسلمين بتعديل عدد من المواد التى صاغتها لجنة نظام الحكم بحيث يتم تركيز السلطات في يد رئيس الجمهورية. وأختتم حسب الله قائلا أنه بعد أربعة شهور من أعمال الجمعية التأسيسية يمكن تقسيمها لثلاثة اتجاهات أولها التيار التيار المدنى الذى يهتم بترسيخ الحريات والحقوق في الدستور الجديد بحيث يكون متواكبا للعصر ، وثانيها تيار السلفيين الذى يسعي لأسلمة الدولة ووضع دستور لدولة دينية متشددة ، بينما كل هم التيار الثالث وهو تيار الإخوان المسلمين هو تركيز السلطات في يد رئيس الجمهورية. وأضاف أن هذه الرغبة من الإخوان جعلت من الإدعاء بأن الدستور الجديد يتبني نظام رئاسي برلماني أكذوبة كبري وأننا أمام نظام رئاسي متسلط مثلما كان الحال في السابق..