نعم الرئيس باراك أوباما فى المناظرة الثانية «استعاد حيويته وحجته ولياقته السياسية» و«كان هجوميا وشرسا» فى توجيه لكماته المتتالية إلى خصمه الجمهورى ميت رومنى، إلا أنه «لم يقضِ عليه بالضربة القاضية». رومنى ظهر فى موقف المدافع أحيانا إلا أنه لم يستسلم. استطلاعات الرأى المقبلة فى الأيام القادمة ستظهر تبعات هذه المواجهة وآثارها على مزاج المواطن الأمريكى ونظرته إلى كلا المرشحَين. الشأن الخارجى لم يُطرح فى المواجهة إلا فى حالة الحديث عن حادثة بنغازى وما يراه رومنى وأنصاره من «تخبط» الإدارة فى التعامل معه. وأن الإدارة لم تقل منذ البداية إنه عمل إرهابى. ولكن فى لحظة مواجهة شرسة من أوباما وتصديه بقوة لمفهوم خلط الأوراق واللعب بالسياسة فى مواقف تخص الأمن القومى تضاءل حجم خصمه خصوصا عندما تدخلت كاندى كراولى الإعلامية التى أدارت المناظرة «بمعلمة» لتصحح معلومة وتحسم قضية ما وهى أن الرئيس قال فى اليوم الثانى لوقوع الحادثة إنه عمل إرهابى. قضية بنغازى تحديدا بكل تداعياتها لم تُحسم بعد ويبدو أن رومنى ورجاله سيركزون على هذا الأمر مرارا وتكرارا لبيان «نقاط ضعف» إدارة أوباما.
وخلال المواجهة حول ليبيا ليلة الثلاثاء ذكر رومنى بشكل عابر اسم سوريا ومصر، وأيضا أشار إلى أن أوباما قال بأنه «سيضع مساحة بيننا (أمريكا) وبين إسرائيل». وبالتأكيد المناظرة المقبلة (يوم الإثنين القادم 22 أكتوبر) ستتيح الفرصة للحديث بتفاصيل أكثر حول القضايا الدولية. سؤال بنغازى كان الوحيد فى ما يخص الشأن الخارجى وجاء فى إطار تعامل الرئيس مع أزمات. ومعروف أن فى حملة رومنى الحديث عن بنغازى يعنى انتقاد البيت الأبيض و«تخاذل القيادة» و«تضليل الرأى العام» و«ضعف الدور القيادى لأمريكا فى العالم وفى الشرق الأوسط تحديدا». كما أن الصين كان لها نصيب فى المناظرة ولكن فى إطار الحرب التجارية وتصدير الصناعات وفرص العمل إليها. رومنى استخدم كعادته لهجة قاسية إلا أنه كيف سيتعامل مع هذه القضية؟ ولا أحد يصدقه بسبب مصالحه المتشابكة التى قد تصل إلى الصين نفسها!
فى مواقف عديدة بدا أوباما أكثر ثقة ووضوحا وتواصلا مع جمهور الحاضرين والمشاركين فى القاعة وجمهور المشاهدين على شاشات التليفزيون إلا أنه، كما نبه أكثر من مراقب، «لم يحدد وبوضوح كيف ستكون ولايته الثانية مختلفة عن الأولى أو أفضل» خصوصا أن الولاياتالمتحدة تواجه مشكلات اقتصادية عديدة. ومن الطبيعى أن أنصار رومنى قالوا من قبل وكرروا القول بعد المناظرة: أوباما هو الذى يريد أن تتم إعادة انتخابه من جديد وكانت لديه أربع سنوات ليحقق ما قاله من قبل، إذن ما الجديد إذا تمت إعادة انتخابه؟ ولماذا ستكون السنوات الأربع المقبلة مختلفة عن الأربع السابقة. وبالطبع أشاروا إلى سؤال الرجل الأسود المشارك فى المناظرة الذى صوّت لأوباما منذ 4 سنوات وهو الآن حائر لمن يعطى صوته بعد أن خيب أوباما ظنه؟
فى المناظرة الثانية أُثيرت قضايا التعليم والهجرة والصحة والمرأة وفى أغلبها نجح أوباما أن يرد الصاع صاعين. والأهم أنه فى أكثر من مناسبة نجح فى انتقاد رومنى بشدة و«تعريته» وأن يشير إلى تصريحاته وأكاذيبه وأعماله ومصالحه التى تتناقض مع ما يردده هذه الأيام. وكيف أنه «بعيد عن هموم المجتمع ومشكلاته». كما أن أوباما فى أكثر من موقف وجه أكثر من لكمة متتالية إلى رومنى انعكست ردود أفعالها فى «تويتات» تدفقت وألهبت مشاعر أنصاره. وحسب ما نُشر من أرقام بلغ عدد التويتات المنطلقة خلال المناظرة 7.2 مليون تويتة.
بالتأكيد نجح أوباما فى المناظرة الثانية فى أن يؤجج من جديد «حماسة مؤيديه وأنصاره» ويزيد من اهتمامهم وضرورة ذهابهم إلى صناديق الاقتراع. وفى محاولة لتحديد اتجاه الرياح تتجه الأنظار الآن إلى أصوات المرأة وتحيزها الدائم إلى قضاياها وأيضا إلى أصوات الولايات الحاسمة وتحديدا ولاية أوهايو. وبالتالى من الصعب التكهن ومن الآن بالفائز أو حسم المعركة. فالمعركة دائرة ومستمرة.. وقد تأخذ منعطفا جديدا خلال الأيام القليلة القادمة.