الحكومة الإسرائيلية استعدت جديًا لهدم المسجد الأقصي وبناء الهيكل.. عقب وضع حجر الأساس بدعم جماعات متطرفة مهمتها جمع أحجار الهيكل المقدسة متى سيتحرك العرب لانقاذ المسجد الأقصى بعد أن تم اختبار ردة الفعل الإسلامية في حادث قيام متطرفين هندوس بهدم المسجد البابري بالهند عام 1992 والتصعيد الأخير للانتهاكات الإسرائيلية لحرمة المسجد الشريف ومواصلة الحفريات تحت أساساته للبحث عن «هيكل سليمان» المزعوم تحقيقًا لنبوءات توراتية مشكوك في صحتها، وسماح السلطات الإسرائيلية لجماعات يهودية متطرفة (30 منظمة) باقتحام المسجد وتدنيسه يوم 16 مارس الجاري علي مرأي ومسمع من العالم كله، تثير مجموعة من الأسئلة: - هل تقدم إسرائيل علي هدم المسجد الأقصي؟ - وهل ضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح للتراث اليهودي يعد توطئة لسيناريو كارثي كئيب ينتهي بانهيار المسجد أو هدمه عمدًا؟ - وما أدلة ذلك وتداعياته علي الموقف الأمني في منطقة الشرق الأوسط والعالم برمته؟ الاستعدادات الفعلية لبناء الهيكل: من أبرزها: تجهيز الحجارة التي سيتم بناء الهيكل بها.. فقد وضع الحجر الأساس للهيكل في 16/10/1989 قرب من مدخل المسجد الأقصي، وبعد أن وضع حجر الأساس انطلقت الجماعات اليهودية لجمع الحجارة التي سيبني بها الهيكل، ومن الجدير بالذكر أن الجماعات اليهودية الذين يقومون بإعداد هذه الحجارة، يشعرون بأنهم يقومون بمهمة مقدسة ولا بد من إتمامها، إذ يقول أحد زعماء تلك الجماعات: «عندما ألمس هذه الحجارة وأحملها أشعر بأن شيئًا من الجنة يتحرك فيها». الاستعداد لتجديد وإحياء التقاليد والطقوس التي ستمارس في الهيكل.. مثل مذابح الحيوانات التي ستقدم ضمن الشعائر اليهودية، والمعدات التي ستستخدم في معالجة الرماد بعد التضحية بالقرابين، والآنية والنبيذ المقدس ومفروشات العبادة.(وهذه وغيرها أصبحت جاهزة). 4 شق الأنفاق: هي عمليات تشترك مع الحفريات في أنها تهدد أساسات المسجد الأقصي في المرحلة الحالية، ولعل افتتاح نفق ( الحشمو نائيم ) في سبتمبر عام 1996 إشارة إلي البدء الرسمي لتحويل المسجد الأقصي إلي معبد يهودي، حيث يمكن لليهود أن يؤدوا صلواتهم في الدور الأسفل، حتي يتاح لهم الانتقال إلي الأدوار العليا. تداعيات هدم المسجد الأقصي: هدم المسجد الاقصي أو انهياره- لا فرق- سيمثل أحد الأحداث المفصلية في التاريخ الحديث وربما يكون هذا الحدث من العلامات الفارقة في تاريخ البشرية بما يترتب عليه من آثار وتداعيات خطيرة تتجاوز منطقة الشرق الأوسط لتشمل العالم بأسره. ويري محللون أن حكومات صهيونية متطرفة من بينها حكومة نتنياهو الحالية يمكن أن تري من وجهة نظر براجماتية انتهازية بحتة أن النجاح في بناء هيكل «سليمان» كفيل بتأمين شعبية هائلة بين الإسرائيليين واليهود في كل أنحاء العالم بصورة لا نظير لها ولا يمكن مقارنتها مع أي حكومة أخري تولت مقاليد السلطة في تل أبيب منذ إنشاء الدولة. وقد تفرز العملية السياسية في إسرائيل حكومة يقودها متطرفون دينيون قد تدفع ساسة إسرائيليين لاتخاذ قرارات تتسم بالمجازفة والتهور لتأمين استمرار تلك الائتلافات في الحكم. وعلي المستوي الفلسطيني، فان هدم المسجد الأقصي، يعني أن يبحث الفلسطينيون عن عاصمة جديدة لدولة لا يعرفون حدودها حتي الآن، وهنا سيكون لديهم خياران لا ثالث لهما، إما الضفة أو غزة، مما سيفتح التنافس والصراع مجددًا بين «فتح» و«حماس». وعلي المستوي العربي، يمكن تقسيم رد الفعل الي نوعين: رسمي وشعبي. أ علي المستوي الرسمي: في ظل الأحوال العربية الراهنة لا يتوقع المراقبون أن يصدر رد فعل قوي (شن حرب مثلاً) من جانب دولة عربية أو أكثر للرد علي هدم إسرائيل المسجد الأقصي. وأن أعلي سقف سياسي رسمي يمكن تصوره هو عقد قمة عربية طارئة و«التهديد» بالتدخل لمنع إسرائيل من استكمال هدم المسجد وبناء الهيكل المزعوم، مع حرص القادة العرب علي عدم تحديد أشكال التدخل الجماعية التي يمكن أن يقوموا بها لتحقيق هذا الهدف. ب المستوي الشعبي: يكون رد الفعل الشعبي متجاوزا الأطر الحكومية الرسمية عبر ظهور روح جهادية لدي مجموعات كبيرة من شعوب المنطقة تغذيها رغبة في الثأر والانتقام، وإذا تزامن ذلك مع تبني نظم حكم إسلامية راديكالية مثل إيران للتوجه ذاته فسوف يشهد العالم ثورة ضخمة في العمليات الاستشهادية الانتقامية ضد المصالح الإسرائيلية والغربية في كل مكان في العالم بما يمكن أن تصير أحداث 11 سبتمبر 2001 بالنسبة له مجرد «لعب أطفال». كما أن العجز العربي الرسمي عن الرد سيوفر فرصة ملائمة تمامًا لقوي المعارضة العربية والإسلامية الداخلية والجماعات الجهادية وغيرها للعمل بشكل أسرع داخل دولهم لتغيير أنظمة الحكم العربية والإسلامية، مما يؤدي لوقوع انقلابات عسكرية وثورات شعبية في عدد من دول المنطقة خلال فترة وجيزة. بروز روح الأخوة والتلاحم بين العرب والمسلمين بشكل غير مسبوق تذوب فيه الفواصل والاختلافات المذهبية والدينية والقومية لرد هذا العدوان علي المقدسات الإسلامية من جانب اليهود. تؤدي هذه التطورات في نهاية الأمر لحدوث قلاقل علي حدود إسرائيل مع جميع الدول المجاورة في حال استمرار وجود نظم حكم بالمنطقة العربية لا تريد خوض الحرب استجابة لضغوط شعوبها التي ستطالب ب «تحرير فلسطين والمسجد الأقصي». علي المستوي الإسلامي: بعض الدول ذات التوجهات الإسلامية الراديكالية مثل إيران قد تجد في تلك الخطوة الإسرائيلية فرصة لإبراز قيادتها ودورها في العالم الإسلامي من خلال المزايدة علي المواقف العربية وشن الحرب أو التهديد بشنها علي الأقل. الدول الإسلامية ذات التوجهات السياسية المعتدلة مثل تركيا وباكستان ستلجأ لاتخاذ مواقف متشددة لكنها في أغلب الأحوال لن تصل لمرحلة شن الحرب علي إسرائيل. - علي النطاق الدولي: أ الولاياتالمتحدة: سوف تدين هدم المسجد وتنتقد إسرائيل وربما تقدم علي عقوبات صورية ضدها لحفظ ماء الوجه أمام حلفائها وشعوبهم في المنطقة العربية والإسلامية. ب الاتحاد الأوروبي: إدانة وإجراءات أكثر تشددًا في العقوبات ضد إسرائيل خصوصًا العقوبات الاقتصادية. خلاف هذين الموقفين يمكن توقع مواقف الصين وروسيا واليابان وبعض دول أمريكا الجنوبية واللاتينية وغيرها بالوقوف إلي جانب الموقف العربي والإسلامي في الصراع.