في الوقت الذى تغيرت فيه صورة المرأة فى المجتمع بعد الثورة ما زالت الدراما تحتفى بنماذج سلبية كريهة وتلونها بطلاء درامي فاقع وتحشوها بحوار سخيف ومزيف، فى الوقت الذى ظهرت فيه الفتاة المصرية تهتف وتتظاهر وتعتصم وتواجه قنابل الغاز والخرطوش وتتعرض للتنكيل فى الثورة وكل الأحداث اللاحقة، تختار الدراما زوجات المعلم الردّاحات فى مسلسل «الزوجة الرابعة» كنماذج درامية جذّابة، وتختار يسرا عاملة الخياطة الشرشوحة في «شربات لوز» شخصيتها الجديدة، ويستمر فرش الملايات اليومى فى الجزء الجديد من مسلسل «كيد النسا»، والقائمة تطول وتتجاوز هذه الأعمال، لكنها أعمال بارزة ويقدمها صناعها كأنها شىء عادى، وليست شيئًا مخجلًا بعد ثورة أظهرت نماذج لنساء وفتيات غير التى تكرسها لهن الدراما. تتحرش شاشة التليفزيون بالنساء، كما يتحرش بهن بعض المرضى فى الشوارع، الانتقال بين كل حلقة من حلقات المسلسلات المذكورة انتقال بين خناقة حريمى وأخرى، ما أن تنتهى من وصلة ردح طويلة بين علا غانم وضُرّتها فى مسلسل «الزوجة الرابعة» لقاء الخميسى، حتى تصطدم بوصلة ردح أخرى منفردة تقوم بها يسرا فى مسلسلها حيث تلم الحارة لتوجّه إليهم الشتائم والسباب، وهم صامتون بصورة غير منطقية، ثم هى تفعل نفس الشىء تقريبا فى المشغل الذى تعمل به، وإذا لم تكتف من كل هذا فأنت مع موعد مع حلقات الردح السنوى المسماة بمسلسل «كيد النسا» حيث لا تحرمنا فيفى عبده من ردحها المميز المتقن مع فاصل من هز الرقبة المتواصل والتلعيب المتبادل للحاجبين اليمين والشمال، لأعلى وأسفل، مع زغرات نارية تكاد تحرق عدوتها الجديدة نبيلة عبيد، التى تحاول مجاراة زميلتها فيفى عبده فى الردح وتشويه الصوت دون جدوى لأسباب تتعلق بفارق الإمكانيات والموهبة (إمكانيات الردح لا التمثيل)، بالإضافة إلى أن صوت نبيلة عبيد يخرج بصعوبة وغير مفهوم أحيانًا.
ربما نقر أن من حق صناع الدراما اختيار أى شخصية وتقديمها بصفات قد تكون منفرة، لكن منحها البطولة وتلطيف صورتها وجعلها قدوة تشويه دأبت عليه الدراما، وبشكل خاص مع النساء، شخصية كيداهم رغم أنها شريرة لا تملك إلا أن تحبها وتعجب بتصرفاتها وطريقة كلامها المثيرة للضحك، هى شخصية درامية سيئة يتم تقديمها بغلاف جذاب.